صادق البرلمان التونسي اليوم الأربعاء، على مشروع قانون الأمان الاجتماعي الذي يعتبر جزءاً من تصور الدولة لدعم الفئات المهمشة والفقيرة، وإحصائها من أجل تحديد شكل الدعم لها، رغم أن القانون لم يحظ برضا المعارضة التي اعتبرته بوابة لرفع الدعم على التونسيين.
وتلتزم الدولة في القانون بالمساهمة في الوقاية من الفقر والحدّ منه، وتوفير ظروف العيش الكريم للفئات الفقيرة والفئات المحدودة الدخل، التي قدرت بقرابة 900 ألف أسرة فقيرة، ويلزم القانون الحكومة بإنشاء وكالة تتولى ضبط المنتفعين ببرنامج الأمان الاجتماعي، وفق سلّم تقييمي يعتمد جملة من المعايير التي تسمى "مقاييس الحرمان المتعدد الأبعاد"، وتشمل الصحة والتعليم والسكن والوصول إلى الخدمات وظروف العيش.
ويعتبر وضع هذه المقاييس لتحديد الحرمان والفقر معياراً جديداً في القانون التونسي ليتناسب مع الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، بعدما كان تحديد الفقر خاضعاً لقيمة الدخل فقط، ويتيح التقييم تقديم مساعدات مالية ظرفية عند الاقتضاء، وضمان الحق في العلاج، والأولوية في برامج السكن الاجتماعي، وفي التمكين الاقتصادي، وفرص العمل.
وقبل التصويت، اعتبر نواب المعارضة أن الظروف تقتضي تأجيل المصادقة على المشروع الذي ترفضه بشدة، وأن يتم تغيير جدول أعمال الجلسة العامة لمناقشة قرار الإضراب العام الذي أقره الاتحاد التونسي للشغل. بيد أن رئيس البرلمان محمد الناصر، رفض إتاحة الوقت لمداخلة نائب رئيس كتلة الجبهة الشعبية، الجيلاني الهمامي، ما أشعل خلافاً تحول إلى تراشق بالألفاظ النابية وتشابك بالأيدي، ما أدى إلى رفع الجلسة، قبل استئنافها لاحقاً.
وقال المعارضون خلال الجلسة العامة، إنهم يرفضون القانون باعتباره تنفيذاً لإملاءات صندوق النقد الدولي، وتمهيداً لقطع الدعم عن الأسر الفقيرة، كما يفتح الباب أمام الفساد، إذ لا توجد قاعدة بيانات واضحة، ما يجعل إدراج المشمولين بالقانون مسألة تعود للأمزجة السياسية والمحاصصات.
ونفت الحكومة أن يكون الهدف من القانون هو رفع الدعم، وإنما توجيهه إلى مستحقيه، وقال وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي لـ"العربي الجديد"، إن "القانون يهدف لحماية الفقراء ومحدودي الدخل من النقص الذي يشوب المنظومة القانونية في تعريفها للفقر والآليات اللازمة لمقاومته". ووصف القانون بأنه "ثوري، إذ يضبط حقوق الفقراء عبر خلق الثروة، وإتاحة الفرص لهم لرفع دخلهم بدلاً من تقديم معونات مالية لا تساهم في النهوض بأوضاعهم".
وأكد رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بالبرلمان سهيل العلويني لـ"العربي الجديد"، أن أهمية القانون تكمن في "إخراج المعونات والمساعدات الاجتماعية من سلطة وزارة الشؤون الاجتماعية، وإنشاء هيكل خاص لدعم الفئات الهشّة يشرف عليه مجلس ممثل لرئاسة الحكومة وكامل الوزارات، ما يضمن التنسيق بين كل الهياكل المختصة".