18 فبراير 2020
برهم صالح والانقسام الكردي
عمّق انتخاب برهم صالح رئيساً للعراق من الانقسام الكردي – الكردي، فما إن انتخب الرجل حتى انطلقت الاتهامات المتبادلة بين الحزبين الكرديين الكبيرين، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرازني، والذي يتخذ من أربيل معقلا له، والاتحاد الوطني الكردستاني والذي يتخذ من السليمانية معقلا له. يقول أنصار الأول إن انتخاب صالح جرى خارج التوافق الكردي، وخلافا للأعراف المتبعة، إذ يعتقدون أن هذا المنصب من حق حزبهم، طالما أنه يشكل الكتلة البرلمانية الكبرى، وعليه سرعان ما حضرت نظرية الخيانة والمؤامرة، وربط هؤلاء انتخاب صالح باستكمال ما جرى لكركوك، والقول إنهم تعرّضوا للخيانة بسبب اتفاقٍ بين أقطاب من الاتحاد الوطني مع بغداد، برعاية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، على سحب بيشمركة الاتحاد من المدينة سرا في منتصف الليل، ومن دون علمهم، فكانت خسارة كركوك وباقي المناطق المتنازع عليها.
في المقابل، لا يتوانى أنصار حزب الاتحاد الوطني عن اتهام حزب البرزاني بالانفراد في حكم الإقليم، وأن رئاسة العراق هي في الأساس من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني، بموجب اتفاق عام 2005 بين الحزبين، والذي وفقه يحق للاتحاد هذا المنصب في مقابل أن تكون رئاسة الإقليم للديمقراطي الكردستاني، وأن حجة الأخير أن مسعود البرزاني استقال من رئاسة الإقليم بعد فشل الاستفتاء غير مقنعة، طالما أن صلاحياته انتقلت، بشكل تلقائي، إلى ابن شقيقه، نيجيرفان البرزاني، رئيس حكومة الإقليم. وعليه جل ما يسعى الديمقراطي الكردستاني إليه هو إطباق سيطرته على الإقليم.
إذا كانت قضية انتخاب صالح لرئاسة العراق أبرزت من جديد عمق الانقسام الكردي –
الكردي، وتمترس كل طرفٍ خلف مرجعياته الحزبية والمناطقية والعائلية، وممارسة كل طرف الندّية تجاه الآخر، انطلاقا من تلك المرجعيات والمحدّدات، فإن الغائب الأكبر في الجدل الجاري بين أنصار الطرفين هو كيفية فهم موقع الرئاسة العراقية في التقاطعات والتجاذبات والصراعات الإقليمية والدولية على العراق، ولعل الثابت هنا أن انتخاب صالح لم يكن بعيدا عن توافق أميركي – إيراني، فالرجل الذي عمل ممثلا للاتحاد الوطني الكردستاني في لندن وواشنطن، قبل أن يعود إلى العراق، ويعمل رئيسا لحكومة إقليم كردستان ورئيسا للجامعة الأميركية في السليمانية، ومن ثم انشقّ عن الاتحاد الوطني الكردستاني، قبل أن يعود إلى حضنه عشية انتخابه رئيسا للعراق، يتمتع، في الوقت نفسه، بعلاقاتٍ جيدة مع إيران التي تنظر إلى البرزاني حليفا لتركيا ولأميركا، ويبقى بنظرها برهم صالح الأقرب إلى الاستراتيجية الإيرانية في العراق. ولعل الأخطر في الانقسام الكردي – الكردي الجاري هو تلميح البرزاني صراحة إلى احتمال مقاطعة صالح، انطلاقا من أن ما جرى غير قانوني، وهو ما قد يعمّق من الانقسام الكردي في الفترة المقبلة إلى حد المقاطعة بين إدارتي السليمانية وأربيل، إن لم نقل الصدام بينهما كما حصل في فترات سابقة، أو على الأقل تحويل إدارة الإقليم إلى إدارتين منفصلتين على أرض الوقائع، ولعل من تداعيات أزمة الانقسام الكردي – الكردي، المزيد من التقارب بين السليمانية وبغداد، مقابل ازدياد الجفاء بين أربيل وبغداد، بما يعمق ذلك كله من معضلة الكرد الدائمة، أي الانقسام الكفيل بوأد طموحات الكرد وتطلعاتهم القومية، على الرغم من الظروف والمتغيرات التي خدمت قضيتهم، ولعل هذه باتت قاعدة كردية، تتجاوز إقليم كردستان العراق إلى باقي الأجزاء الكردية في المنطقة.
في المقابل، لا يتوانى أنصار حزب الاتحاد الوطني عن اتهام حزب البرزاني بالانفراد في حكم الإقليم، وأن رئاسة العراق هي في الأساس من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني، بموجب اتفاق عام 2005 بين الحزبين، والذي وفقه يحق للاتحاد هذا المنصب في مقابل أن تكون رئاسة الإقليم للديمقراطي الكردستاني، وأن حجة الأخير أن مسعود البرزاني استقال من رئاسة الإقليم بعد فشل الاستفتاء غير مقنعة، طالما أن صلاحياته انتقلت، بشكل تلقائي، إلى ابن شقيقه، نيجيرفان البرزاني، رئيس حكومة الإقليم. وعليه جل ما يسعى الديمقراطي الكردستاني إليه هو إطباق سيطرته على الإقليم.
إذا كانت قضية انتخاب صالح لرئاسة العراق أبرزت من جديد عمق الانقسام الكردي –