مع اقتراب موعد المؤتمر السنوي لحزب المحافظين البريطاني الحاكم، المقرر الشهر المقبل في مدينة برمنغهام، تعود التكهنات حول الصراع الداخلي على زعامة الحزب، ومدى قدرة تيريزا ماي على البقاء في منصبها.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية قد قالت، في تصريحات صحافية خلال جولتها الأفريقية، إنها مستعدة لمواجهة بوريس جونسون في أي انتخابات حزبية داخلية، وإنها مصممة على قيادة الحزب على المدى البعيد.
وشددت ماي على أنها دخلت عالم السياسة لـ"تخدم الشعب البريطاني"، مضيفة أن أولوياتها ستشمل الإسكان والصحة وغيرها من القضايا الداخلية غير المتعلقة بالبريكست.
ويعد وزير الخارجية السابق بوريس جونسون أكبر خطر على زعامة تيريزا ماي لحزب المحافظين، بسبب شعبيته بين قواعد الحزب المؤيدة للبريكست، والتي ترفض خطة تشيكرز للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي.
وكان جونسون قد استقال من منصبه بسبب خلافه مع ماي حول هذه الخطة، قائلاً إنها ستجعل من بريطانيا "أشبه بمستعمرة" أوروبية.
في المقابل، التزمت ماي الدبلوماسية في إشارتها إلى جونسون، حيث قالت "إني سعيدة لكون بوريس وزيراً للخارجية في الفترة التي خدم فيها في وزارة الخارجية"، وهو ما فسره البعض بسعادتها باستقالته نظراً لطموحه في الوصول إلى منصبها.
وتستعد ماي لمؤتمر حزبها السنوي بمحاولة رفع رصيد إنجازاتها في جولة أفريقية تسعى من خلالها إلى إتمام عدد من الصفقات التجارية لما بعد البريكست.
وأنجزت رئيسة الوزراء البريطانية أولى هذه الصفقات خلال زيارتها لجنوب أفريقيا، لتعلن بذلك عن بداية حقبة بريطانية ذات توجه أكثر عالمية.
وتحاول ماي بذلك صرف الأنظار عن بطء سير مفاوضات بريكست والمخاوف من احتمال عدم الاتفاق بتوقيع اتفاقيات تعتبر تحصيل حاصل، ولا تشكل إلا جزءاً بسيطاً من التجارة مع الاتحاد الأوروبي. كما أن نصب تركيزها على الأجندة الداخلية غير المتعلقة بشؤون بريكست محاولة في اذلك لمسار، وذلك رغم أن تعهدها بتوفير منازل أرخص للشباب، ودعم الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، ما هو إلا وعود قديمة قوضت من إمكانية تحقيقها إجراءات التقشف التي اتبعتها الإدارات المحافظة منذ عام 2010، وبالطبع إضافة إلى التدهور الاقتصادي الذي جلبه بريكست.
وكانت تجربة ماي خلال المؤتمر الحزبي العام الماضي سيئة لعدة أسباب، تتعلق بأداء حكومتها والاستقالات داخلها، إضافة إلى علة صحية أصابتها خلال إلقائها كلمتها، وسقوط جزء من المنصة أثناء تلك الكلمة.
وتنص قوانين حزب المحافظين الداخلية على أن برلمانييه يستطيعون المطالبة بالتصويت على الثقة بزعيم الحزب في حال توجه بهذا الطلب 15 في المائة منهم (وهم 48 في البرلمان الحالي) إلى رئيس لجنة 1922.
وفي حال نجاة زعيمة الحزب من التصويت بعدم الثقة، فإنها ستكون في أمان لاثني عشر شهراً، بينما لن تستطيع ترشيح نفسها لزعامة الحزب في الانتخابات التالية في حال خسارتها التصويت.
ويسود اعتقاد في ويستمنستر بأن رئيسة الوزراء لن تستطيع الحفاظ على منصبها بعد موعد بريكست في مارس/ آذار المقبل.
وفي سياق متصل، أعرب عدد من نواب الحزب المؤيدين للاتحاد الأوروبي عن مخاوفهم من اختراق مؤيدي حزب استقلال المملكة المتحدة اليميني والمؤيد للبريكست لقواعد حزب المحافظين في دوائرهم بهدف الإطاحة بهم.
ويأتي ذلك بعد أن أبلغ هؤلاء النواب ارتفاع طلبات الانضمام للحزب في دوائر كل من سيفن هاموند ودومينيك غريف وآنا سوبري ونيكي مورغان وسارة ولاستون.
ويشكل هؤلاء أحد قطبي الحزب الحاكم، والذي يؤيد الإبقاء على العلاقات القريبة من الاتحاد الأوروبي، واتهمه متطرفو البريكست بـ"خيانة قرار الشعب البريطاني".
ويأمل جناح البريكست المتشدد في الحزب بأن التخلص من معارضيه في البرلمان سيعزز من فرص بوريس جونسون أو جاكوب ريس موغ في قيادة الحزب في أي انتخابات مقبلة لتحقيق رؤيتهم الخاصة ببريكست.