كورنيش شارع الرشيد المحاذي لشاطئ مدينة غزة، في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، لطالما اعتبر مصدر رزق لمئات من الباعة المتجولين وأصحاب العربات المتنقلة والبسطات الصغيرة، فهو الحياة بالنسبة إلى الأهالي والمتنفس شبه الوحيد.
بسطات المشروبات الساخنة والذرة والمأكولات الخفيفة تعتبر مصدر رزق لعشرات آلاف الغزيين، فشبان كثيرون اتخذوا الكورنيش وشاطئ البحر مكاناً لتحصيل الرزق بعدما انقطعت سبلهم. لكنّ شرطة بلدية غزة قررت أن تدمر عرباتهم بحجة تنظيم شارع البحر، فأقدمت قبل أيام على تدمير خمس بسطات في منطقة الشيخ عجلين، غربي المدينة.
لم يجد منتصر السدودي (25 عاماً) فرصة عمل منذ أربعة أعوام بعدما نال الإجازة في المحاسبة من جامعة القدس المفتوحة في غزة. يبيع منذ عامين ونصف العام، الذرة على عربة متنقلة. كان يتعرض في كثير من المرات للمضايقة من شرطة البلدية، لكن لم يتوقع أن يدمر عناصرها بسطته من دون سابق إنذار. حاول مع عدد من أصحاب العربات على شاطئ البحر دفع ضرائب للبلدية في مقابل السماح لهم بالبقاء، لكنّ البلدية طلبت مبالغ كبيرة لا يملكها.
مشروع عربته كان من المشاريع التي سلط الإعلام المحلي الضوء عليها، إذ إنّه أطلق عليها اسم "موفنبيك على قد الحال" مستغلاً اسم الفندق العالمي. تطور مع سنوات العمل وصمم مقاعد خشبية جذابة، لكنّ شرطة البلدية وضعت حداً للقمة عيشه وعائلته، بتدمير بسطته المتواضعة. يقول لـ"العربي الجديد: "كنت عند الثالثة والنصف فجراً برفقة شقيقي وعامل معنا نحضّر العشاء بعد يوم مرهق بالمهام وكذلك بالتصليحات لبعض الكراسي، نتيجة طقس عاصف، وفوجئنا بمداهمة عناصر البلدية المدنيين والشرطة، وتكسير ومصادرة مجموعة من البسطات على شارع الكورنيش ومن بينها بسطتي، ولم يصغوا إليّ قط، فكان الموقف الأسوأ في حياتي".
في تلك اللحظات التي دمرت فيها بسطة السدودي، حاول مع أصحاب البسطات الأخرى إنقاذ بعض الأغراض كالكراسي التي حملها بعضهم باتجاه الشاطئ، بينما هرب آخرون باتجاه المباني السكنية المجاورة للبحر. لكنّ الشرطة لاحقتهم، وأخبرتهم أنّها ستسلّم المنطقة إلى مسؤول البلدية من دون أن يكون فوقها أيّ بسطة أو عربة.
اقــرأ أيضاً
من جهته، حاول معتز عرام (40 عاماً) التفاهم مع عناصر الشرطة للخروج بأقل الأضرار، فلم ينجح، إذ إنّهم أصرّوا على تدمير بسطته هو الآخر. ذهب إلى مسؤول في البلدية من أجل تسوية الأمر بالتراضي وعرض عليه عرام أن يقوم بترخيص البسطة في مقابل مبلغ مالي فرفض. عرام أب لثلاثة أطفال، ندى (خمسة أعوام) وإيمان (سبعة أعوام) وبنان (ثلاثة أعوام) كان يحاول تحسين بسطته، إذ إنّه أحضر شرائط إضاءة ملونة لجذب الزبائن، وكان يبيع المشروبات والذرة بأقل من نصف سعرها في المقاهي، لكنّه اليوم بات محروماً من مصدر رزقه. يقول لـ"العربي الجديد: "فتحت البسطة قبل ثلاث سنوات من أجل إعالة أطفالي، بعدما توقف عملي في الحدادة نتيجة عدم توافر المواد الخام في ظل الحصار الإسرائيلي لغزة، لكنّ البلدية لا تريد أن أعود إلى العمل بحجة منظر البسطة غير الحضاري".
في المقابل، قال مدير دائرة النظام والانضباط في البلدية، نضال الشاويش، في حديث إذاعي، إنّ الموسم الصيفي انتهى، وجرى إبلاغ الجميع بضرورة إزالة العربات الثابتة، وإنّهم في البلدية سمحوا للباعة بالعمل على عربات متنقلة وليست ثابتة، في ظل اعتبار الأراضي حكومية وليست خاصة. أضاف أنّ البلدية لا تنوي التدخل في طريقة البيع، لكنّها اشترطت إنهاء أعمالهم مع نهاية النهار، وعدم البقاء في المكان إلى ساعات متأخرة. تابع أنّ طواقم البلدية حاولت بكلّ الطرق السلمية إبعاد الباعة لكنّ بعضهم لم يقبل أيّ نوع من التفاهم، كذلك لا يحق لهم الحصول على تصاريح عمل على البحر.
اقــرأ أيضاً
يردّ مالك إحدى البسطات المدمرة على كورنيش غزة، أحمد نسمان (45 عاماً)، أنّهم كثيراً ما أخبروا البلدية عن حالهم، وقد وصلتهم إخطارات عدّة مكتوبة للابتعاد عن الشاطئ والكورنيش، لكنّها لم تتضمن احتمال إزالة البسطات أو تدميرها. يتابع نسمان، لـ"العربي الجديد"، أنّ "شرطة البلدية تعلم أنّ جميعنا فقراء، فلو أتيحت لي الفرصة للعودة إلى عملي كنجار لما طلبت الرزق عند البحر".
بسطات المشروبات الساخنة والذرة والمأكولات الخفيفة تعتبر مصدر رزق لعشرات آلاف الغزيين، فشبان كثيرون اتخذوا الكورنيش وشاطئ البحر مكاناً لتحصيل الرزق بعدما انقطعت سبلهم. لكنّ شرطة بلدية غزة قررت أن تدمر عرباتهم بحجة تنظيم شارع البحر، فأقدمت قبل أيام على تدمير خمس بسطات في منطقة الشيخ عجلين، غربي المدينة.
لم يجد منتصر السدودي (25 عاماً) فرصة عمل منذ أربعة أعوام بعدما نال الإجازة في المحاسبة من جامعة القدس المفتوحة في غزة. يبيع منذ عامين ونصف العام، الذرة على عربة متنقلة. كان يتعرض في كثير من المرات للمضايقة من شرطة البلدية، لكن لم يتوقع أن يدمر عناصرها بسطته من دون سابق إنذار. حاول مع عدد من أصحاب العربات على شاطئ البحر دفع ضرائب للبلدية في مقابل السماح لهم بالبقاء، لكنّ البلدية طلبت مبالغ كبيرة لا يملكها.
مشروع عربته كان من المشاريع التي سلط الإعلام المحلي الضوء عليها، إذ إنّه أطلق عليها اسم "موفنبيك على قد الحال" مستغلاً اسم الفندق العالمي. تطور مع سنوات العمل وصمم مقاعد خشبية جذابة، لكنّ شرطة البلدية وضعت حداً للقمة عيشه وعائلته، بتدمير بسطته المتواضعة. يقول لـ"العربي الجديد: "كنت عند الثالثة والنصف فجراً برفقة شقيقي وعامل معنا نحضّر العشاء بعد يوم مرهق بالمهام وكذلك بالتصليحات لبعض الكراسي، نتيجة طقس عاصف، وفوجئنا بمداهمة عناصر البلدية المدنيين والشرطة، وتكسير ومصادرة مجموعة من البسطات على شارع الكورنيش ومن بينها بسطتي، ولم يصغوا إليّ قط، فكان الموقف الأسوأ في حياتي".
في تلك اللحظات التي دمرت فيها بسطة السدودي، حاول مع أصحاب البسطات الأخرى إنقاذ بعض الأغراض كالكراسي التي حملها بعضهم باتجاه الشاطئ، بينما هرب آخرون باتجاه المباني السكنية المجاورة للبحر. لكنّ الشرطة لاحقتهم، وأخبرتهم أنّها ستسلّم المنطقة إلى مسؤول البلدية من دون أن يكون فوقها أيّ بسطة أو عربة.
من جهته، حاول معتز عرام (40 عاماً) التفاهم مع عناصر الشرطة للخروج بأقل الأضرار، فلم ينجح، إذ إنّهم أصرّوا على تدمير بسطته هو الآخر. ذهب إلى مسؤول في البلدية من أجل تسوية الأمر بالتراضي وعرض عليه عرام أن يقوم بترخيص البسطة في مقابل مبلغ مالي فرفض. عرام أب لثلاثة أطفال، ندى (خمسة أعوام) وإيمان (سبعة أعوام) وبنان (ثلاثة أعوام) كان يحاول تحسين بسطته، إذ إنّه أحضر شرائط إضاءة ملونة لجذب الزبائن، وكان يبيع المشروبات والذرة بأقل من نصف سعرها في المقاهي، لكنّه اليوم بات محروماً من مصدر رزقه. يقول لـ"العربي الجديد: "فتحت البسطة قبل ثلاث سنوات من أجل إعالة أطفالي، بعدما توقف عملي في الحدادة نتيجة عدم توافر المواد الخام في ظل الحصار الإسرائيلي لغزة، لكنّ البلدية لا تريد أن أعود إلى العمل بحجة منظر البسطة غير الحضاري".
في المقابل، قال مدير دائرة النظام والانضباط في البلدية، نضال الشاويش، في حديث إذاعي، إنّ الموسم الصيفي انتهى، وجرى إبلاغ الجميع بضرورة إزالة العربات الثابتة، وإنّهم في البلدية سمحوا للباعة بالعمل على عربات متنقلة وليست ثابتة، في ظل اعتبار الأراضي حكومية وليست خاصة. أضاف أنّ البلدية لا تنوي التدخل في طريقة البيع، لكنّها اشترطت إنهاء أعمالهم مع نهاية النهار، وعدم البقاء في المكان إلى ساعات متأخرة. تابع أنّ طواقم البلدية حاولت بكلّ الطرق السلمية إبعاد الباعة لكنّ بعضهم لم يقبل أيّ نوع من التفاهم، كذلك لا يحق لهم الحصول على تصاريح عمل على البحر.
يردّ مالك إحدى البسطات المدمرة على كورنيش غزة، أحمد نسمان (45 عاماً)، أنّهم كثيراً ما أخبروا البلدية عن حالهم، وقد وصلتهم إخطارات عدّة مكتوبة للابتعاد عن الشاطئ والكورنيش، لكنّها لم تتضمن احتمال إزالة البسطات أو تدميرها. يتابع نسمان، لـ"العربي الجديد"، أنّ "شرطة البلدية تعلم أنّ جميعنا فقراء، فلو أتيحت لي الفرصة للعودة إلى عملي كنجار لما طلبت الرزق عند البحر".