"ليست القذائف الآتية من غزة فقط ما شأنه إلحاق الضرر بالاقتصاد الإسرائيلي، فإن بعثات في مجال "التقنية العالية" من الصين واليابان قامت بإلغاء زياراتها إلى إسرائيل، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد تراب القدس عاصمة لإسرائيل".
بهذه الكلمات بدأت صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية تقريرها، مضيفة أن الصين تخشى صراعاً أمنياً، في أعقاب خطوة ترامب، من شأنه أن يهدد استثماراتها في إسرائيل. وأصدرت السفارة الصينية في تل أبيب تعليمات رسمية لرعاياها بعدم التوجه إلى المناطق "المختلف عليها بين إسرائيل والفلسطينيين، التي قالت إن من بينها القدس ومنطقتها، والضفة الغربية وقطاع غزة، وحدود لبنان وحدود سورية وهضبة الجولان كذلك، وهو تحذير ساري المفعول حتى العاشر من يناير/ كانون الثاني المقبل.
وفي صباح أمس السبت، علمت بعض الشركات الناشئة الإسرائيلية (ستارت اب) أن شين هايين مؤسس شركة "سينجولاتو موتورز" الصينية ومديرها العام، التي تطور مركبات كهربائية صغيرة، ألغى زيارته الى إسرائيل، قبل ست ساعات من موعد إقلاع الطائرة. وكان شين سيعقد اجتماعات عدة مع مسؤولين في شركة إسرائيلية تعمل في نفس المجال.
ولم تكن هذه البعثة الوحيدة التي تم إلغاؤها. فقد نقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مدير أحد البرامج في الجامعة العبرية في القدس، ايتي بريديونج، أنه كان مقرراً أن يستقبلوا بعثة كبيرة تضم مديري مشاريع وشركات، غداً الإثنين، ولكن تم إلغاؤها أيضاً.
وكانت المحامية الإسرائيلية ميخال تسحوري، شريكة الصينيين في مكتب "شافيلت فيشوت"، ستعود إلى إسرائيل ترافقها مجموعة صينية كبيرة في مجال علوم الحياة، تبحث منذ فترة من الزمن عن شركات تقنية للاستحواذ عليها أو الدخول في شراكة فيها.
وقالت المحامية تسحوري "بعد الإعلان في وسائل الإعلام عن قرار ترامب، بدأت بعض المخاوف تظهر بين أفراد المجموعة إزاء الوضع الأمني في إسرائيل". موضحة أنه "بعد ساعات عدة قرّرت إدارة المجموعة إلغاء الزيارة، وبعد ذلك بوقت قصير، حذّرت السفارة الصينية في تل أبيب أيضاً رعاياها". وأعربت عن أملها أن تكون الإلغاءات عابرة مع الشركاء الصينيين وأن تتم الزيارات لاحقاً.
وعلمت الصحيفة العبرية أن إلغاء الزيارات الاقتصادية والاستثمارية لم يكن من قبل الصينيين فقط، وإنما ألغى صندوق الاستثمار لشركة "تويوتا" اليابانية زيارته إلى إسرائيل كذلك والتي كانت مقررة اليوم الأحد.
ويرى المحامي يائير جيفاع، رئيس قسم الهايتك في شركة "هرتسوغ – فوكوس – نئمان" الإسرائيلية، أن: "إلغاء الزيارات أمر مؤقت، خشية ازدياد التوتر في ظل التطورات الأمنية".
وقال إن الشركة لم تواجه إلى الآن مشاكل مع زبائنها في آسيا، بما فيها الصين.
ويعول جيفاع على أن "الصينيين ممنوعون اليوم من الاستحواذ على شركات تقنية في الولايات المتحدة وأوروبا، وبالتالي إسرائيل هي أكثر الدول انفتاحاً على الصين واليابان، وهذه التقنيات غير موجودة في إيران أو تركيا". وبالتالي يرى أن قرار ترامب "لن يؤثر" على الشراكات والاستثمارات "إلا أن تدهور الوضع الأمني سيؤثر أكثر".
وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن بين 10% إلى 20% من أموال "الهايتك" الإسرائيلي تصل من الصين. ومعظم الصناديق الإسرائيلية التي جندت الأموال في السنوات الأخيرة لجأت إلى مستثمرين وجهات صينية، خاصة وحكومية.
ويفسر الإسرائيليون لجوء الصينيين للاستثمار في التكنولوجيا الإسرائيلية بأنه نابع بالأساس من رغبة الصين في تغيير شكل اقتصادها، والانتقال من بلد للصناعات الثقيلة الملوثة إلى بلد يعتمد على تكنولوجيا حديثة.