استفاقت الأحزاب الموالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة من صدمة المسيرات الشعبية الحاشدة التي شهدتها العاصمة وأغلب المدن الجزائرية، أمس الجمعة، محاولين ربط التظاهرات بالمطالبة بإصلاحات سياسية، بخلاف المطلب المركزي للمحتجين الرافض لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، في انتخابات 18 إبريل/نيسان المقبل.
وأطلق المنسق العام لهيئة تسيير حزب "جبهة التحرير الوطني"، معاذ بوشارب، تصريحات وُصفت بالاستفزازية بحق المتظاهرين الذين خرجوا أمس الجمعة، حين اعتبر أن بوتفليقة "مرسول من الله". وقال بوشارب، في مؤتمر لكوادر الحزب في منطقة وهران غربي الجزائر، "الأب المجاهد عبد العزيز بوتفليقة مرسول من الله، والحديث النبوي الذي يقول إن (الله يرسل على رأس قرن رجلا يصلح للأمة أحوالها)".
ويندرج هذا التصريح ضمن سلسلة من التوصيفات المبالغ فيها من قبل أنصار وقادة الأحزاب والتنظيمات الموالية لبوتفليقة، لكن بوشارب لم يقف عند هذا الحد، بل قال إن "الراغبين في التغيير يحلمون، ويمكن لهم مواصلة حلمهم". واتهم القوى المعارضة لترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة جديدة، بالسعي إلى زعزعة ثقة الشعب الجزائري وحق البلاد.
وجدد بوشارب، الذي يشغل منصب رئيس البرلمان، تمسّك الحزب بدعم بوتفليقة في انتخابات إبريل/نيسان المقبل، وبمقترحات الإصلاح السياسي التي طرحها بوتفليقة، وقال إن "خارطة الطريق التي جاء بها الرئيس، والندوة الوطنية للتوافق التي دعا إليها، ستكون جامعة لكل أطياف الشعب الجزائري، حيث ستتوافق فيها الرؤى، من أجل مستقبل جديد للجزائر، ستأخذ منحى يتماشى مع العالم الجديد ومبادئ الجزائريين".
وكان بوتفليقة قد تعهد، في رسالة الترشح، بالدعوة إلى مؤتمر توافق وطني لإقرار إصلاحات سياسية وتعديل عميق للدستور بعد انتخابه لولاية خامسة، وهو ما أثار غضبا شعبيا لافتا، تجسّد في سلسلة مسيرات شعبية كانت أكبرها التي شهدتها العاصمة ومدن في الجزائر، أمس الجمعة، رفضا لترشحه.
وعلق بوشارب على مسيرات الجمعة، وقال إن "الدستور يكفل حق التعبير للجزائريين، ومن حق الجزائريين التعبير عن مطالبهم، وآرائهم، واستيائهم بالطرق السلمية، ومن حق الشاب الذي درس طيلة سنوات، من أجل أن يحظى بوظيفة، ولم يحصل عليها، أن تكفل الدولة حقه في التوظيف، ومن حق المرأة التي تحلم بسكن، يقيها ويسترها هي وأبناؤها، أن يحظوا بسكن".
ومساء أمس، نفى حزب "جبهة التحرير الوطني"، في بيان، إلغاء أنشطته السياسية التي كانت مبرمجة هذا الأسبوع لدعم ترشح بوتفليقة، في أعقاب المسيرات الحاشدة الرافضة للعهدة الخامسة، حيث كان الحزب قد برمج عقد الجمعيات عامة لكوادره في الولايات، السبت.
من جهته، جدد رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر"، عمار غول، تمسّكه بدعم ترشح بوتفليقة، وقال، في تجمّع لكوادر حزبه، إن "الفاصل هو الصندوق، لأنه لا يمكن إحداث أي تغيير بالتعيين، وإنما عن طريق الانتخابات". وتجاهل غول- المنشق عام 2012 عن حزب إخوان الجزائر "حركة مجتمع السلم"، اليوم السبت، المطلب المركزي للمظاهرات برفض عهدة خامسة، واعتبرها "نداءات المواطنين كانت تطالب بإصلاحات عميقة، وحزبنا يقدّر هذه المطالب، حيث كنا أول من دعا إلى ندوة وطنية جامعة من أجل لمّ الشمل ورفع التحديات"، مضيفا "العالم كله يطالب بإصلاحات.. في أميركا وبريطانيا هناك مطالب بالإصلاحات وإعادة النظر في الديمقراطية، وكسياسيين يجب أن نستمع إلى هذه المطالب".
إلى ذلك، أعلنت مصالح الأمن العام في الجزائر اعتقال 41 شخصا، بسبب ما اعتبرته "الإخلال بالنظام العام، والاعتداء على القوة العمومية، وتحطيم ملك الغير".
ولم يكشف بيان المديرية العامة للأمن الوطني في الجزائر عن الولايات والمناطق التي تمت فيها الاعتقالات.
ويوجد بين المعتقلين الذين لم يُفرج عنهم، الناشطُ في قطاع الإعلام حسين بن زينة، الذي كان اعتقل أمس في العاصمة الجزائرية قبيل مظاهرات الجمعة.
وكانت مصالح الأمن الجزائرية قد اعتقلت، صباح أمس، عددا من الناشطين والداعين إلى التظاهر، قبل أن تطلق سراحهم، بعد تدفق المتظاهرين في الساحات وانسحاب تكتيكي للأجهزة وقوات الأمن، والسماح بالتظاهر.