ظهور أبو درع ولّد ردود فعل غاضبة داخل الشارع العراقي بشكل عام، حيث تمت مطالبة الحكومة بوقف استغلال دماء الضحايا من قبل قيادات وزعامات المليشيات الطائفية.
وأدى هجوم بواسطة انتحاري يستقل سيارة مفخخة، يوم الأحد الماضي، في حي الكرادة ببغداد، إلى سقوط مئات الضحايا بين قتيل وجريح، بينهم أطفال ونساء من مختلف مكونات الشعب العراقي.
وغاب اسم أبو درع عن الساحة بعد إصدار زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، بيانا أعلن فيه طرده من صفوف "جيش المهدي" ورفع ما وصفه بـ"الحصانة" عنه، لثبوت تنفيذه جرائم قتل وتطهير طائفية.
وقد تمكنت القوات الأميركية من اعتقاله بعد ذلك، وأودع السجن، وأطلق سراحه مطلع العام 2010 في عهد حكومة نوري المالكي، واستقر الحال به في إيران طيلة الفترة الماضية، قبل أن يخرج ليلة أمس السبت بخطبة شحن طائفي، حيث كان يرافقه عدد من المسلحين يرتدون الملابس السوداء.
وأظهر تسجيل نشره ناشطون أبو درع وهو واقف في مكان تفجير الكرادة ويصرخ بعبارات طائفية وبتهديدات مباشرة تنذر بمرحلة عنف جديدة في البلاد.
يذكر أنه لم يكن أحد يجرؤ على المرور بالطرق التي تسيطر عليها مليشيات أبو درع في بغداد وضواحيها وحزامها، واشتهر بأساليب التعذيب الوحشية، كثقب أجساد المختطفين بالمثاقب الكهربائية، وصهر أجسادهم بالحامض وهم أحياء، ليعيد ظهوره في موقع تفجير الكرادة إلى الأذهان آلام الفتنة الطائفية عامي 2006-2008، حيث دق الخبراء والمحللون ناقوس الخطر، مطالبين بمنع ظهور مثيري الفتنة الطائفية في البلاد.
وجاء ظهور أبو درع بعد يومين من زيارة زعيم مليشيا "بدر"، هادي العامري، ومليشيا "العصائب"، قيس الخزعلي، ما أثار تخوف العراقيين من تصعيد طائفي قد يضرب البلاد مجدداً، واعتبر الهجوم على مرقد ديني قرب سامراء، قبل يومين، مؤشرا خطيرا على ذلك.
ووفقا لمصادر أمن عراقية، فإن "أبو درع تسلم منصبا مهما في مليشيا العصائب بقيادة قيس الخزعلي، وأنه يتنقل حاليا بين دمشق وبغداد وإيران".
وأكد مسؤول بالأمن العراقي أن "وجود هذه الشخصية مجددا في بغداد بمثابة نذير شؤم".
وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قد تعهد، السبت، خلال لقائه مع وفد من أهالي الكرادة، بـ"لجم الأصوات التي تحرض طائفيا وتريد تقسيم البلاد"، وذلك عقب خطب طائفية أطلقها زعماء المليشيات من موقع الانفجار.
وقال الخبير الأمني، حسن الياسري، إن "ظهور أبو درع مجدداً في موقع تفجير الكرادة يراد منه التصعيد الطائفي بلا شك، خاصة أنه حاول استنهاض مشاعر معينة بعباراته الطائفية، رغم أن من قتلوا في التفجير سنة وشيعة ومسيحيون".
وأضاف الياسري لـ"العربي الجديد" أن "على رئيس الوزراء حيدر العبادي أن يمنع وصول مثل هؤلاء الطائفيين إلى مواقع التفجيرات، بهدف استغلالها للشحن الطائفي وإحراق البلاد مرة أخرى في أتون حرب طائفية لا تبقي ولا تذر".
ويعتبر مراقبون أن تفجير الكرادة، وما أعقبه بأيام من تفجيرات استهدفت مرقداً دينياً شمال بغداد، هي "محاولات مستمرة لإثارة الفتنة الطائفية في البلاد تقودها إيران ومليشياتها".
وتأتي هذه التطورات في وقت توجهت فيه أصابع الاتهام بعد تفجير الكرادة، واستهداف المرقد الديني قرب سامراء مؤخراً، نحو إيران بشكل واضح من قبل مواطنين وخبراء أمنيين ومصادر أمنية وسياسية من داخل المنطقة الخضراء، إذ تصاعدت وتيرة النبرة الطائفية من قبل زعماء المليشيات لإذكاء الفتنة الطائفية في البلاد مجدداً، بحسب الخبراء.