قبل أسابيع من نهاية السنة الدراسية الحالية، تستعدّ بلجيكا لبدء تطبيق خطة جديدة خاصة بقطاع التعليم المدرسي، يثير أحد بنودها جدالاً كبيراً داخل المؤسسات التعليمية وبين المختصين في الشؤون التربوية وأولياء أمور التلاميذ. ويرتبط ذلك بمسألة "إلغاء الرسوب" بطريقة تدريجية في المدارس الابتدائية والثانوية. بحسب السلطات البلجيكية يكلّف الرسوب خزينة الدولة نحو 386 مليون يورو.
وتستند حسابات السلطات إلى التكلفة السنوية لكلّ تلميذ لتُضرَب بعدد التلاميذ الذين يواجهون صعوبة في التعلم في المرحلتين التعليميتين الابتدائية والثانوية. وهو مبلغ دون المستوى الحقيقي بحسب ما تشدّد وزراة التربية والتعليم في البلاد. فالرسوب متفشّ خصوصاً خلال السنوات الأخيرة من التعليم التأهيلي الثانوي، عندما تكون تكلفة التلميذ أعلى قليلاً مما هي عليه في التعليم العام. بالتالي فإنّ وزيرة التعليم البلجيكية، ماري مارتين شينس، لم تتردّد خلال تصريحات صحافية أدلت بها، في الدفاع عن مشروعها لإلغاء الرسوب، لافتة إلى مبلغ يصل إلى 400 مليون يورو. وذكّرت شينس بأنّ هذا المبلغ يمثّل عشر الميزانية المخصصة للمدارس الابتدائية والثانوية، وهو ما يعني بحسبها أنّ تكلفة الرسوب وإعادة السنة الدراسية تظلّ هائلة في بلجيكا. يضاف إلى ذلك أنّ بلجيكا تحطّم رقماً قياسياً في نسبة الرسوب بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ففي بلدان المنظمة الأخرى، تصل نسبة الرسوب لدى الشباب في الخامسة عشرة من عمرهم إلى 13 في المائة كمتوسط، بينما تبلغ النسبة في بلجيكا خصوصاً في جنوب البلاد 48 في المائة.
في هذا السياق، تقول كورين دو كويبر من جمعية مكافحة الفشل الدراسي، والمدافعة عن التشريع، إنّه "يتوجّب على إدارة التعليم في بلد متطوّر مثل بلجيكا القبول بأنّ الأطفال مختلفون. فلكلّ واحد وتيرة خاصة في التعلّم، ينبغي تشجيعها". تضيف لـ "العربي الجديد" أنّه "في حال شعر الأطفال بثقة في قدراتهم، فسوف ينجحون. والتعليم الفنلندي أفضل مثال على ذلك، إذ يتلقى التلاميذ الذين يواجهون صعوبة في التعلّم الدعم الذي يحتاجون إليه. بالتالي، لا حاجة إلى الرسوب وإعادة السنة الدراسية". وعن ارتفاع تكلفة مساعدة التلاميذ بطريقة فردية، تذكّر دو كويبر بأنّ "الرسوب يكلّف حالياً 15 في المائة من ميزانية التعليم. وفي حال إلغاء الرسوب، من الممكن إنفاق هذا المال على دعم أفضل للتلاميذ".
وتحظى الخطة الجديدة لإصلاح التعليم التي اقترحتها وزيرة التعليم ماري مارتين شينس بترحيب من قبل جمعيات عدّة لأولياء الأمور والمدرّسين. فيقول لوران أرنولد وهو عضو في إحدى جمعيات أولياء الأمور في بروكسل، إنّه "من الضروري على السلطات منح معلومات كافية لأولياء أمور التلاميذ حول حقوقهم. فكثيرون منهم لا يعرفون أنّه من حقّهم معارضة قرار رسوب أبنائهم، إذ يُصار إلى التعامل معهم دائماً بطريقة غامضة إلى حد ما. لذا يوافقون على أن يعيد أطفالهم سنتهم الدراسية".
اقــرأ أيضاً
يضيف لـ "العربي الجديد" أنّه "في حال بذل الآباء الجهود الممكنة للاستفادة من إمكانية المعارضة تلك، فإنّ المدرسة تتخذ قراراً بإرسال التلميذ إلى مدرسة أخرى، مدّعية بأنّه غير مناسب للمشروع التعليمي الذي تطبقه. وهذه طريقة بسيطة تختار المدارس من خلالها تلاميذها مخالفة القوانين". ويشدد أرنولد على أنّ "إلغاء الرسوب بصورة رسمية من شأنه أن يدعم جهود الآباء في الدفاع عن أطفالهم".
من جهتها، تقول بريجيت دوبويسار التي أعدّت دراسة حول قبول المواطنين للخطة، إنّ "المواطنين متفقون على فكرة إلغاء الرسوب إنّما بشروط، وهي أن تكون خطة الخفض أو القضاء على الرسوب جزءاً من عملية إصلاح شاملة لنظام التعليم مع إدخال تدابير بديلة ضدّ الفشل الدراسي". وتشدّد لـ "العربي الجديد" على أنّه "بالنسبة إلى المواطنين، لا يجب أن تكون الخطة المقترحة لإلغاء الرسوب هادفة فقط إلى توفير الأموال، بل يجب أن تكون بصورة أساسية في صالح الأطفال، على أن يطالبوا باستثمار كل الأموال التي توفَّر في النظام التعليمي".
إلى ذلك، فإنّ جزءاً من ممثلي المؤسسات التعليمية لاينظرون بعين الرضى إلى خطة إصلاح التعليم، خصوصاً في شقّها المتعلق بإلغاء الرسوب. ويرى بيار غالون وهو مدير مدرسة للتعليم الابتدائي في بروكسل أنّ "الجميع يدرك العواقب الكثيرة المترتّبة على الرسوب وتكرار السنة الدراسية والتي تطاول التلميذ. لكنّ إلغاء الرسوب يتطلب إصلاحاً جذرياً للنظام الدراسي، خصوصاً في التعليم الابتدائي، حتى يتسنى لجميع التلاميذ الحصول على المعلومات قبل الوصول إلى التعليم الثانوي". ويشدّد لـ "العربي الجديد" على أنّ "الأمر لا يتعلق بقبول فكرة إلغاء الرسوب أو رفضها، بل بمعرفة ما إذا كان المجتمع على استعداد للاستثمار في رؤى تربوية جديدة".
وفي انتظار بدء تنفيذ الخطة التعليمية الجديدة، يظل التلاميذ أكثر المدافعين عنها. لكنّ غالون يأمل في أن "يفهم هؤلاء أهداف الخطة. فإلغاء الرسوب لا يعني أنّ الجميع سوف ينجح من دون بذل أيّ جهد".
اقــرأ أيضاً
وتستند حسابات السلطات إلى التكلفة السنوية لكلّ تلميذ لتُضرَب بعدد التلاميذ الذين يواجهون صعوبة في التعلم في المرحلتين التعليميتين الابتدائية والثانوية. وهو مبلغ دون المستوى الحقيقي بحسب ما تشدّد وزراة التربية والتعليم في البلاد. فالرسوب متفشّ خصوصاً خلال السنوات الأخيرة من التعليم التأهيلي الثانوي، عندما تكون تكلفة التلميذ أعلى قليلاً مما هي عليه في التعليم العام. بالتالي فإنّ وزيرة التعليم البلجيكية، ماري مارتين شينس، لم تتردّد خلال تصريحات صحافية أدلت بها، في الدفاع عن مشروعها لإلغاء الرسوب، لافتة إلى مبلغ يصل إلى 400 مليون يورو. وذكّرت شينس بأنّ هذا المبلغ يمثّل عشر الميزانية المخصصة للمدارس الابتدائية والثانوية، وهو ما يعني بحسبها أنّ تكلفة الرسوب وإعادة السنة الدراسية تظلّ هائلة في بلجيكا. يضاف إلى ذلك أنّ بلجيكا تحطّم رقماً قياسياً في نسبة الرسوب بين دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ففي بلدان المنظمة الأخرى، تصل نسبة الرسوب لدى الشباب في الخامسة عشرة من عمرهم إلى 13 في المائة كمتوسط، بينما تبلغ النسبة في بلجيكا خصوصاً في جنوب البلاد 48 في المائة.
في هذا السياق، تقول كورين دو كويبر من جمعية مكافحة الفشل الدراسي، والمدافعة عن التشريع، إنّه "يتوجّب على إدارة التعليم في بلد متطوّر مثل بلجيكا القبول بأنّ الأطفال مختلفون. فلكلّ واحد وتيرة خاصة في التعلّم، ينبغي تشجيعها". تضيف لـ "العربي الجديد" أنّه "في حال شعر الأطفال بثقة في قدراتهم، فسوف ينجحون. والتعليم الفنلندي أفضل مثال على ذلك، إذ يتلقى التلاميذ الذين يواجهون صعوبة في التعلّم الدعم الذي يحتاجون إليه. بالتالي، لا حاجة إلى الرسوب وإعادة السنة الدراسية". وعن ارتفاع تكلفة مساعدة التلاميذ بطريقة فردية، تذكّر دو كويبر بأنّ "الرسوب يكلّف حالياً 15 في المائة من ميزانية التعليم. وفي حال إلغاء الرسوب، من الممكن إنفاق هذا المال على دعم أفضل للتلاميذ".
وتحظى الخطة الجديدة لإصلاح التعليم التي اقترحتها وزيرة التعليم ماري مارتين شينس بترحيب من قبل جمعيات عدّة لأولياء الأمور والمدرّسين. فيقول لوران أرنولد وهو عضو في إحدى جمعيات أولياء الأمور في بروكسل، إنّه "من الضروري على السلطات منح معلومات كافية لأولياء أمور التلاميذ حول حقوقهم. فكثيرون منهم لا يعرفون أنّه من حقّهم معارضة قرار رسوب أبنائهم، إذ يُصار إلى التعامل معهم دائماً بطريقة غامضة إلى حد ما. لذا يوافقون على أن يعيد أطفالهم سنتهم الدراسية".
يضيف لـ "العربي الجديد" أنّه "في حال بذل الآباء الجهود الممكنة للاستفادة من إمكانية المعارضة تلك، فإنّ المدرسة تتخذ قراراً بإرسال التلميذ إلى مدرسة أخرى، مدّعية بأنّه غير مناسب للمشروع التعليمي الذي تطبقه. وهذه طريقة بسيطة تختار المدارس من خلالها تلاميذها مخالفة القوانين". ويشدد أرنولد على أنّ "إلغاء الرسوب بصورة رسمية من شأنه أن يدعم جهود الآباء في الدفاع عن أطفالهم".
من جهتها، تقول بريجيت دوبويسار التي أعدّت دراسة حول قبول المواطنين للخطة، إنّ "المواطنين متفقون على فكرة إلغاء الرسوب إنّما بشروط، وهي أن تكون خطة الخفض أو القضاء على الرسوب جزءاً من عملية إصلاح شاملة لنظام التعليم مع إدخال تدابير بديلة ضدّ الفشل الدراسي". وتشدّد لـ "العربي الجديد" على أنّه "بالنسبة إلى المواطنين، لا يجب أن تكون الخطة المقترحة لإلغاء الرسوب هادفة فقط إلى توفير الأموال، بل يجب أن تكون بصورة أساسية في صالح الأطفال، على أن يطالبوا باستثمار كل الأموال التي توفَّر في النظام التعليمي".
إلى ذلك، فإنّ جزءاً من ممثلي المؤسسات التعليمية لاينظرون بعين الرضى إلى خطة إصلاح التعليم، خصوصاً في شقّها المتعلق بإلغاء الرسوب. ويرى بيار غالون وهو مدير مدرسة للتعليم الابتدائي في بروكسل أنّ "الجميع يدرك العواقب الكثيرة المترتّبة على الرسوب وتكرار السنة الدراسية والتي تطاول التلميذ. لكنّ إلغاء الرسوب يتطلب إصلاحاً جذرياً للنظام الدراسي، خصوصاً في التعليم الابتدائي، حتى يتسنى لجميع التلاميذ الحصول على المعلومات قبل الوصول إلى التعليم الثانوي". ويشدّد لـ "العربي الجديد" على أنّ "الأمر لا يتعلق بقبول فكرة إلغاء الرسوب أو رفضها، بل بمعرفة ما إذا كان المجتمع على استعداد للاستثمار في رؤى تربوية جديدة".
وفي انتظار بدء تنفيذ الخطة التعليمية الجديدة، يظل التلاميذ أكثر المدافعين عنها. لكنّ غالون يأمل في أن "يفهم هؤلاء أهداف الخطة. فإلغاء الرسوب لا يعني أنّ الجميع سوف ينجح من دون بذل أيّ جهد".