وقالت بلومبرغ، في افتتاحية نشرتها على موقعها الإلكتروني، اليوم الثلاثاء، إن حزمة التمويل الموجهة لمصر، التي أعلن عنها صندوق النقد الدولي، أخيرا، بقيمة 12 مليار دولار، تمثل مساعدة ضرورية للاقتصاد، في ظل ما يعانيه من تباطؤ وارتفاع معدلات البطالة والتضخم.
لكن الوكالة نبهت إلى أنه بالرغم من تلقي حكومات السيسي مساعدات سابقة من الخليج، فإنها لم تحسن وضع الاقتصاد، حيث وصل عجز الموازنة إلى 12% من الناتج المحلي الإجمالي، في الوقت الذي يقتصر فيه العجز في دولة مثل تونس، التي عايشت ظروفا مماثلة لمصر، عند 4.4%.
وبلغ معدل البطالة في مصر خلال الربع الثاني من العام الجاري 12.5% من قوة العمل، فيما وصل التضخم في يوليو/الماضي إلى 14.8%، وفق بيانات رسمية.
وقالت بلومبرغ إنه بينما يُعزى النظام التردي الاقتصادي الحالي نسبيا إلى انهيار السياحة منذ بدء الربيع العربي، خاصة بعد حادث سقوط الطائرة الروسية في شرم الشيخ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والحادث الغامض لطائرة مصر للطيران في مايو/أيار الماضي، لكن "الكثير من اللوم يمكن أن يلقى مباشرة على السيسي".
وأضافت الافتتاحية، أن السيسي "بدد حزم المساعدات على المشروعات الكبرى المشكوك في أهميتها، والتي تشمل التوسع الضخم في قناة السويس"، مما قلل من فرص الإنفاق على البنية الأساسية الحيوية في البلاد.
وانتقدت الوكالة السيسي قائلة: "من حسن الحظ، يبدو أن حلمه (السيسي) ببناء عاصمة جديدة بتكلفة 45 مليار دولار تمت تنحيته جانبا".
وفي سياق وصفها لأحوال المصريين حاليا، قالت بلومبرغ إن "ربع السكان، البالغ عددهم 90 مليونا، يعيشون في فقر، وحوالي نفس النسبة من البالغين أميون. مصر قد تدخل في أزمة توفير المياه خلال عقد بفضل تسارع نمو السكان، وممارسات الهدر في الزراعة، والاتفاق السيئ الذي تم إبرامه مع الجيران في أعالى النهر (النيل)" في إشارة إلى إثيوبيا والسودان.
ولفتت الوكالة في افتتاحيتها إلى تناقض تصريحات الرئيس المصري مع سياساته، وضربت مثلا باعتراف السيسي في 2014 بحاجة مصر إلى 30 ألف مدرس دون أن يخصص أموالا لتعيينهم.
وقالت بلومبرغ إن مسؤولي صندوق النقد يقرون بأن حزمة المساعدة الجديدة لمصر هي بدرجة كبيرة أشبه بأدوات التجميل، موصية الصندوق وأصدقاء السيسي في الخليج بأن يصروا على تطبيق إصلاحات حقيقية في البلاد، حيث فشلت حكومة السيسي في الحفاظ على وعود الإصلاح الاقتصادي.
ورأت أن "على مصر أن تستثمر في بنية أساسية بسيطة مثل الطرق والمدارس، ونظام توفير المياه، وتيسير توفير القروض البنكية للمشروعات المتوسطة والصغيرة، وكسر الاحتكارات الصناعية العسكرية في مختلف المجالات، من غسالات الأطباق إلى زيت الزيتون".
وأكدت وكالة الأنباء الاقتصادية العالمية أن "هناك حاجة أيضا إلى إنهاء الحملة ضد المجتمع المدني، والمضي نحو انتخابات رئاسية حرة وعادلة".
وأنهت بلومبرغ افتتاحيتها بالقول: "يمكن أن تصبح مصر مجددا مكانا يستحق الاستثمار، ولكن قبل أن يحدث ذلك يجب أن تتغير أشياء كثيرة".
وتزداد الضغوط على الاقتصاد المصري العليل، بسبب تراجع موارد النقد الأجنبي الرئيسية، ولا سيما في ظل الانخفاض الحاد للسياحة وعائدات التصدير وقناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج.
ودعت هذه الأوضاع مجلة إيكونوميست إلى وصف اقتصاد مصر، مطلع أغسطس/آب الجاري، بالمتدهور إلى مستويات غير مسبوقة، مما يهيئ الأوضاع لانفجار جديد، حيث النظام المصري مفلس، ويعتمد على "حقن نقود" من الخارج، مشيرة إلى أن ما يحدث عبارة عن تدمير لاقتصاد مصر.
ودعا وصف الإيكونوميست للوضع في مصر، الخارجية المصرية، على لسان المتحدث الرسمي باسمها، أحمد أبو زيد، إلى وصف التقرير بـ"المشين"، مضيفاً أن المجلة لجأت إلى "أساليب غير موضوعية ومهينة وذات دوافع سياسية لتوصيف السياسات الاقتصادية لمصر، ونسبها إلى شخص واحد هو رئيس الدولة".
وأشارت إيكونوميست إلى أن النظام المصري أهدر مليارات الدولارات على مشاريع وهمية، فقد افتتح السيسي، في أغسطس/آب من العام الماضي 2015، تفريعة جديدة لقناة السويس، أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، واعداً المصريين بدخل قدره 100 مليار دولار سنوياً منها، لكن إيرادات القناة انخفضت، كما ذهبت وعود ببناء مدينة تشبه دبي أدراج الرياح.
وبحسب إيكونوميست، فإن داعمي مصر من دول الخليج قد يئسوا من انتشال البلاد من أزمتها. وتسود حالة من الغضب حلفاء السيسي في الخليج.
وقالت إنه يتعين على دول العالم تغيير سياستها تجاه مصر، فيجب ربط أي مساعدات اقتصادية بتعويم الجنيه، وتقليل الإنفاق الحكومي، وكبح جماح الفساد، ورفع الدعم.
وتبدو الأوضاع في مصر على صفيح ساخن للغاية، وفق وصف إيكونوميست، مشيرة إلى أن السيسي لن يقوى على الحفاظ على نظامه للأبد، رغم أن الشرطة تبذل الكثير من الجهود في قمع المعارضين.
وذكرت المجلة أن ارتفاع نسبة الشباب في بلدان العالم هو مدعاة للنهضة الاقتصادية. أما في الديكتاتوريات العربية فهم يعتبرون خطراً، لأنهم الطليعة التي أشعلت الانتفاضات في تونس ومصر وليبيا واليمن، وهددت عروش دول أخرى.
وقالت إن السيسي أثبت عدم كفاءة اقتصادية تماثل انعدام كفاءة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، الذي كان أطاحه السيسي حينما كان وزيراً للدفاع.
وتشير التقديرات إلى أن نسبة البطالة بين الشباب تبلغ 40%، وبسبب التدهور الاقتصادي، لا تقبل الحكومة أي تعيينات جديدة، فهي مثقلة في الأصل بموظفين لا يفعلون شيئاً، ولا يمكن للقطاع الخاص استيعاب هذا الكم من العاطلين عن العمل، وفق إيكونوميست.