في الحروب، تعدّ بنوك الدم من أكثر المراكز الصحية أهمية ونشاطاً. والوضع كذلك في اليمن، لا سيّما مع ارتفاع أعداد الجرحى من جرّاء المواجهات المسلحة وقصف طيران التحالف.
ويزداد اليوم الطلب على الدم بمختلف فئاته في البلاد، وتطلق المستشفيات وبنوك الدم بين الفينة والأخرى دعوات للتبرّع بهدف إنقاذ الأرواح. لكن بنوك الدم في المستشفيات الواقعة في مناطق الصراع والمواجهات المسلحة، في المحافظات الجنوبية لليمن، تعاني من صعوبة شديدة في توفير الدم وحفظه من التلف. ويعود ذلك إلى كثرة عدد المصابين وانقطاع الكهرباء والوقود، بالإضافة إلى قطع الطرقات التي تحول دون وصول المتبرعين إلى تلك البنوك.
تشير الطبيبة زين القسيي العاملة في مستشفى النصر الحكومي الوحيد في محافظة الضالع، إلى أن "حالات كثيرة تأتينا، معظم إصاباتها في أعلى الجسم، خسر أصحابها كثيراً من دمهم. لكننا نعجز عن مساعدتهم بسبب عدم توفّر الدم. فيموتون". تضيف أن أكثر حالات الوفاة تسجّل بين أصحاب الزمر النادرة.
وتؤكد القسيي أن قطع الطرقات من قبل أطراف الصراع، هو واحد من العوائق التي تحدّ من إقبال المواطنين على التبرع بالدم. وتلفت إلى أنه "قبل ثلاثة أسابيع فقط، استخدمنا في هذا المستشفى فقط أكثر من 500 وحدة دم. فإحدى العمليات الجراحية قبل أيام، تطلبت أكثر من 13 وحدة".
لا يختلف الأمر كثيراً في عدن، فأعداد الجرحى في تزايد مستمر، وهذا ما أدى إلى عجز كبير من المستشفيات لجهة توفير الدم. ويقول الممرّض محمد سليم إن المستشفى الأهلي الذي يعمل فيه بعيد عن خط المواجهات، وقد تلقى طلبات دم متكررة من مستشفيات ومراكز طبية أخرى. يضيف: "نطلق دعوات عامة في المنطقة للتبرع بالدم، ومن ثم نرسل ما جمعناه إلى المستشفيات والمراكز الصحية التي تحتاجها".
أما في صنعاء، فأوضاع بنوك الدم مستقرة نوعاً ما، وتتكرر النداءات للتبرع بعد أحداث العنف التي تشهدها العاصمة والمحافظات المجاورة.
ويوضح مدير بنك الدم في المختبر المركزي في صنعاء عبد الرحمن المصباحي، أن البنك يعمل دائماً على تقديم الدم للمستشفيات التي تحتاجه في العاصمة. ودعوة المواطنين للتبرع تكون لتعويض ما سبق وقدّم، بالتالي "لا يعاني بنك الدم في صنعاء من مشكلات لغاية الآن، حتى ولو كثرت حالات الطوارئ". لكنه يلفت إلى أن أعداد المتبرعين في تناقص بسبب النزوح المستمر لسكان صنعاء.
كذلك يتحدّث المصباحي عن عوائق تهدّد استمرارية العمل، ولعل أبرزها فقدان المحروقات. يقول: "نعمل على ترشيد الأعمال التي تستهلك الطاقة، فنقوم بتشغيل المبردات لساعات ثم نقوم بايقاف مولدات الكهرباء لثلاث ساعات أخرى كون أجهزة التبريد تحتفظ بالبرودة لثلاث ساعات متواصلة". ويتخوّف من "عدم صمود البنك طويلاً. فقد يتوقف عن العمل وتتعرض كميات الدم المخزنة للتلف، في حال لم يتوفر وقود الديزل (السولار) أو تعالج مشكلة الكهرباء".
من جهة أخرى، ثمة استنفار في المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه، أهم وأكبر مركز متخصص في نقل الدم والأبحاث التابعة له. فقد مُنع العاملون فيه من السفر أو أخذ إجازات، حرصاً على استمرارية أعمال المركز في خلال فترة الحرب بحسب ما يفيد مدير إدارة الإعلام والتوعية في المركز منير الزبدي.
وبالرغم من استمرار المركز في تقديم الدم لمستشفيات العاصمة، بالاضافة إلى استقبال المتبرعين خلال الأسابيع الماضية، فإنه يعاني من مشكلات مختلفة بسبب فقدان الوقود والموازنة المنخفضة المخصصة له. ويقول الزبدي: "نعمل في أوضاع استثنائية، ونقصد المركز معرضين حياتنا للخطر بسبب العمليات العسكرية. مع ذلك، ثمة تقصير في إعطاء الموظفين مستحقاتهم المالية، وهذا ما يعقد حياة العاملين في المركز وينعكس سلباً على الأداء ويهدّد بتوقف العمل".
مخاطر إضافيّة
يحذّر بنك الدم في مستشفى الكويت الحكومي في العاصمة صنعاء، من نفاد المحاليل الذي تستخدم في فحص الدم للتأكد من سلامة الدماء التي يتبرّع بها المواطنون. ويؤدي ذلك إلى عجز عن معرفة ما إذا كانت الدماء التي تبرّع بها أحدهم سليمة أو تحمل أياً من الأمراض، الأمر الذي يعرّض الجرحى لخطر إضافي. وهذه حال مراكز دم كثيرة.