يفترض في المصارف المغربية، تركيز حضورها في السوق الأفريقية عبر توسيع نشاطها إلى الصيرفة الإسلامية، والتلاؤم مع التحوّل الذي أحدثه الهاتف النقال في قطاع الصيرفة مع المراهنة على الشركات الصغيرة والمتوسط.
وأوصت دراسة رسمية المصارف المغربية العاملة في أفريقيا، بتبنّي استراتيجيات تُفضي إلى زيادة مردود استثماراتها في القارّة السمراء، التي أضحت وجهة مفضلة لتلك المصارف في الأعوام الأخيرة.
وأشارت الدراسة التي أنجزتها مديرية الدراسات التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، على تلك المصارف بالحفاظ على متانة أساسيات فروعها في القارّة السمراء، بما يساعدها على احترام القواعد الاحترازية.
وتوضح أن مؤشرات المردودية والمخاطر بالنسبة لفروع المصارف المغربية، مطمئنة مقارنة بمصارف غربية وأفريقية، غير أن هذه الوضعية المريحة نسبياً، لا يمكن أن تعفي المصارف المغربية من تبنّي استراتيجية استباقية، في ظل تشدد القواعد الاحترازية.
وتمكنت المصارف المغربية من تركيز حضورها في السوق الأفريقية، مثلت الاستثمارات المباشرة للمصارف ضمن مجمل الاستثمارات المغربية في القارّة السمراء نسبة 52.2% في الفترة الممتدة بين 2007 و2017، لتصل إلى نحو 1.8 مليار دولار.
وتقود 3 مصارف مغربية كبرى عملية الاستثمار في القارّة السمراء، ممثلة في مجموعة البنك المركزي الشعبي، والبنك المغربي للتجارة الخارجية لأفريقيا ومجموعة التجاري وفا بنك، حيث أن المصارف الثلاثة تغطي 25 بلداً أفريقياً.
ووصلت الودائع لدى المصارف المغربية في القارّة السمراء حتى عام 2017 إلى نحو 19 مليار دولار، فيما تتجاوز قروضها الموزعة هناك 16 مليار دولار.
وتوصي الدراسة، التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، بتبني استراتيجية تقوم على توسيع نشاطها إلى الصيرفة البديلة الإسلامية في القارة الأفريقية، حيث حضور المصارف المغربية وازن.
وأشارت إلى أن الخبرة التي اكتستبها في السوق المغربية والشراكات التي ربطتها مع فاعلين من دول مجلس التعاون الخارجي، تشكل عنصراً مساعداً من أجل الحصول على تموضع استراتيجي في السوق الأفريقية.
وتتصور الدراسة أنه يمكن التركيز من أجل تنمية أنشطة الصيرفية الإسلامية في السوق الأفريقية، على بلدان مثل السينغال ومالي والكاميرون ونيجيريا.
وتعتبر أن السوق الأفريقية تتوافر فيها إمكانات مهمة للصيرفة الإسلامية، التي وصلت أصولها إلى نحو 90 مليار دولار في العالم سنة 2016، وهو رقم ينتظر أن يقفز إلى 180 مليار دولار بحلول عام 2020.
ولاحظت أن جنوب أفريقيا وضعت إطاراً تشريعياً في 2013، من أجل طرح منتجات مصرفية إسلامية، ما سيمنح ذلك البلد امتيازاً تنافسياً كبيراً.
وتذهب وكالة التصنيف الائتماني "موديز"، إلى أن المصارف الإسلامية ستملك 10% من مجمل الأصول المصرفية في أفريقيا عام 2023، مقابل أقل من 5% في 2018.
وتتصور الوكالة أن ثمة 18 بلداً أفريقياً لديها إمكانات كبيرة للتطور في مجال الصيرفة الإسلامية، ممثلة في مصر والمغرب وتونس والجزائر ونيجيريا والنيجر ومالي وغامبيا وموريتانيا وغينيا وتوغو وساحل العاج والسودان، وكينيا وجيبوتي والصومال وجنوب أفريقيا.
ويعتقد محمد لمين مباكي، رئيس معهد التمويل الإسلامي، أن الصيرفة الإسلامية توافق التقاليد الأفريقية القائمة على التضامن، بخاصة أنها تحرّم المضاربة والفوائد والإيرادات الآتية من قطاعات غير شرعية.
ويؤكد أن الصيرفة الإسلامية تستجيب لحاجات البلدان السائرة في طريق النموّ، فالصكوك الإسلامية تمنح فرصة جديدة لتمويل مشاريع البِنى التحتية.
وأكدت الدراسة من جهة أخرى، ضرورة التكامل بين المصارف المغربية والفاعلين الاقتصاديين في أفريقيا، عبر التركيز على الشركات الصغرى والمتوسطة، وخاصة المغربية منها.
وتنصح بالتلاؤم مع التحولات التي يعرفها القطاع المصرفي الأفريقي، الذي يعرف انتشار استعمال الهاتف النقال في المعاملات المصرفية، وخاصة في ظل الدينامية القوية التي تعرفها القارّة على مستوى استعمال التقنيات الحديثة.
وتعتبر أن التوجه نحو استحضار دور الهواتف النقالة في المعاملات المصرفية، يقتضي ربط شراكات مع فاعلين في قطاع الاتصالات، مثل "اتصالات المغرب"، التي لها حضور في القارّة السمراء.
وترى أن ذلك سيندرج ضمن استراتيجية للرقمنة، بهدف استباق الضغوط التنافسية التي سترتفع مع دخول منافسين جدد، وخاصة المصارف الجديدة التي يقوم نشاطها على الإنترنت والهواتف النقالة.