اتفقت بريطانيا والسعودية، اليوم الجمعة، على خطوة باتجاه إبرام صفقة سلاح بمليارات الجنيهات الإسترلينية، في نهاية زيارة رسمية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى لندن، امتزجت فيها الدبلوماسية مع احتجاجات غاضبة مندّدة بالزيارة في شوارع العاصمة البريطانية.
وذكرت "رويترز" أنه في ختام زيارة بن سلمان إلى لندن، التي استمرت لمدة ثلاثة أيام، والتقى خلالها الملكة إليزابيث ورئيسة الوزراء تيريزا ماي، ومسؤولين تنفيذيين في شركات عدة، أعلنت شركة "بي إيه إي سيستمز"، التي تصنع مقاتلات "تايفون"، أن البلدين اتفقا اليوم على استكمال المحادثات بشأن طلبية لشراء 48 مقاتلة "تايفون"، في صفقة تبلغ قيمتها مليارات عدة من الجنيهات الإسترلينية.
والصفقة قيد الدراسة منذ سنوات، غير أن إنجازها كان صعباً. لكن وزير الدفاع البريطاني جافين وليامسون قال إن الزيارة السعودية "فتحت فصلاً جديداً في العلاقات التاريخية التي تربط بلدينا"، متحدّثاً عن "اتخاذ خطوة حيوية صوب وضع اللمسات النهائية على طلبية أخرى لشراء طائرات تايفون، من شأنها أن تعزّز الأمن في الشرق الأوسط، وتدعم الصناعة البريطانية والوظائف في قطاع الطيران البريطاني الذي لا يبارى"، بحسب "رويترز".
وكانت السعودية وبريطانيا قد حدّدتا هدفاً لحجم التبادل التجاري والاستثمار يبلغ 65 مليار جنيه إسترليني في الأعوام المقبلة، مع تطلع لندن إلى أسواق جديدة لقطاع خدماتها، بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بينما يحاول ولي العهد السعودي طمأنة المستثمرين إلى مناخ العمل في بلاده.
وفيما تظلّ للدفاع والأمن أهمية خاصة، تتحدّث بريطانيا عن "الدور الذي لعبه تبادل المعلومات الاستخبارية مع السعودية في إنقاذ أراوح بريطانيين"، وموافقتها على بيع أسلحة وذخيرة بمليارات الجنيهات للرياض، ما أثار الغضب والجدل لدى المعارضة البريطانية خصوصاً، بسبب الحرب التي تخوضها السعودية في اليمن.
وفي حين قوبل محمد بن سلمان بحفاوة دبلوماسية بالغة، نظم المئات احتجاجاً يوم الأربعاء على صفقات الأسلحة ودور السعودية في حرب اليمن. لكن رئيسة الوزراء البريطانية دافعت عن العلاقات الدفاعية بين البلدين، قائلةً إن جميع مبيعات الأسلحة خاضعة لقواعد دقيقة.
وكانت صفقة المقاتلات "تايفون" قد واجهت صعوبات في مفاوضات حول مكان إنتاج الطائرات، مع حرص السعودية على أن يتم جزء من العملية على أراضيها.
وقال أندرو سميث، من الحملة ضد تجارة السلاح، إن "هذا الاتفاق المخزي، إذا تمّت الموافقة عليه، سيتمُّ الاحتفال به في قصور الرياض، ومن جانب الشركات التي ستستفيد منه، لكنه سيعني مزيداً من الدمار لشعب اليمن".
بيان بريطاني سعودي مشترك
وفي ختام زيارة بن سلمان للمملكة المتحدة، اتفق البلدان، بحسب بيان مشترك مطول صدر الجمعة، على "أهمية التوصل إلى حلول سياسية لأزمات المنطقة، سواء في اليمن أو سورية"، مشددين على "ضرورة التزام إيران في المنطقة بمبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول".
ونقلت وكالة الأنباء السعودية "واس" أن البلدين أكّدا التزامهما بـ"شراكة طويلة الأجل لدعم تحقيق رؤية 2030"، مبرزين أن الشراكة "تشمل مجموعة من المجالات، بينها تقييم الفرص والاستثمارات المتبادلة مع بريطانيا من قبل صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي السعودي)"، كذلك تشمل "التجارة البينية بين البلدين، والمشتريات العامة من القطاع الخاص للمملكة المتحدة في المجالات الأولوية لرؤية 2030، بما في ذلك: التعليم والتدريب والمهارات؛ والخدمات المالية والاستثمارية؛ والثقافة والترفيه؛ وخدمات الرعاية الصحية وعلوم الحياة؛ والتقنيّة والطاقة المتجددة؛ وصناعة الدفاع".
ووفق البيان، فإنه "من المتوقّع أن تبلغ هذه الفرص مجتمعة نحو 100 مليار دولار على مدى 10 سنوات، ويستهدف من خلالها صندوق الاستثمارات العامة بلوغ استثمارات مباشرة بقيمة تصل إلى 30 مليار دولار".
كذلك رحّب البلدان بـ"العدد الكبير من الصفقات التجارية الرئيسية التي تم الاتفاق عليها خلال الزيارة، والمتوقع أن تتجاوز قيمتها ملياري دولار".
(العربي الجديد)