يعرفه الجميع بـ"سمعان" في مسلسل" قيامة البنادق"، و"أبو موسى" في مسلسل "زمن الأوغاد"، و"عماد" في مسلسل "الغالبون". كانت بداياته المسرحية في المدرسة. فقد تنقّل في مدارس خاصّة، كانت تهتم بالفنّ وتُعنى بالشقّ الغنائي للمسرح: "تعلّمت بعض الأناشيد وبعض الأغاني، وفي الصفّ الابتدائي السادس ثم السابع، مع نهاية كلّ عام دراسي، كنت أقدم مسرحيات قصيرة (اسكتشات)"، يقول في حديث مع"العربي الجديد".
ويضيف: "بدأت أشعر معها بنمو الوعي لنفسي كفلسطيني في المنفى. ونضجت الفكرة لاحقاً. والفضل الكبير في ذلك يعود إلى الوالد، الذي أنشأنا على حبّ العمل الوطني. كان والدي يقول: أرقى أشكال الجهاد الفلسطيني هو العمل العسكري، لكن لا بدّ من وجوه فنية للجهاد كالرسم والتصوير، لتعميم الواقع الفلسطيني، وقد تطوّرت فكرة المسرح من هواية إلى مهنة. وذلك لخدمة القضية الفلسطينية الاستثنائية بشقّيها السياسي والإنساني، ونشراً لأهمية النضال الفلسطيني والتحريض عليه من خلال المسرح".
لاحقاً، تنقّل بين أبو ظبي وليبيا والهند وسورية، يطارد المسارح. وبعد غياب طويل عن لبنان بسبب الاجتياح الإسرائيلي في الثمانينيّات، عاد بعد اندحار الإسرائيليين عن الأراضي اللبنانية، وبدأ نشاطه مع الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين. ثم أسّس فرقا فنية عديدة بمجهود فردي: "عانيتُ كثيرا حتى بنيت فرقة مسرحية، لأنّ الناس لم يكونوا مقتنعين بفكرة التمثيل، فعملتُ على إفهام الناس أنّنا شعب لدينا ثقافة، وإبداعات، ولا يوجد من يرعاها".
ومن رحم المعاناة الفلسطينية في المخيمات، أنشأ فرقة مسرحية للتمثيل والغناء ورقص الدبكة: "كان طموحنا لا يتعدّى مخيم عين الحلوة، لكنّنا وصلنا إلى المخيمات والبلاد العربية، وصرنا نغني للشهادة، للحرية، للأم وللوطن". ويتابع: "في السبعينيات كان المسرح الفلسطيني مباشرا،ً يطرح القضية كما هي، نظراً لغياب وسائل دعم الفكرة من ديكور واكسسوارات وموسيقى تصويرية وتأثيرات بصرية. كانت تصل الأمور بنا، أحياناً، إلى حدّ ضرب الممثل نفسه في بعض المشاهد، التي تستدعي ذلك، فالعنصر الأهمّ والأقوى حينها كان الكلمة. أما الآن، فقد تغير الحال كثيراً، دخلت الفلسفة إلى عمق العمل المسرحي".
شارك سعد الدين بعدها في أعمال تلفزيونية، وسينمائية، وإذاعية، وفي رصيده اليوم أكثر من 22 فيلماً سينمائياً، تراوحت أدواره فيها بين أساسية وثانوية وبين إدارة الإنتاج. منها "غصن الزيتون" و"المكسور" و"كناري" و"ليلة الغائرات الشرائعية" و"جنين" و"فارس عودة" و"كتاب القانون" و"جرح الزيتون" و"يحيى عياش" و"عزّ الدين القسام"، إضافة إلى ما يزيد عن 35 مسلسلاً، أهمها "صور ضائعة" و"رجل من الماضي" و"زمن الأوغاد" و"الغالبون" و"قيامة البنادق".
يجد نفسه في المسرح أكثر، يقول: "صحيح أنّ المسرح في لبنان يتلاشى نظراً لغياب جمهوره، لكنّ المسرح يظلّ أرقى هذه الفنون وأروعها. لذا نحافظ، على الأقل، على عمل مسرحي سنوي للأطفال ضمن مسرح تربوي ثقافي. والمسرحيات، التي قدّمناها حفرت في وجداننا أروع الذكريات، منها (القبعة والنبي) لغسان كنفاني، و(ثورة الزنج)، و(الجاكيت يا مجبور)، و(سقوط الهوية)، و(الطرشان)، و(مجلس العدل) لتوفيق الحكيم، و(المروّض)، كما كان لمسرح الأطفال دور مهمّ في مسيرتي الفنية، خصوصاً مسرحية "النملة والصرصور"، التي عُرِضَت لأكثر من 10 سنوات ونالت جوائز محلية وعربية".
بالنسبة إلى سعد الدين، فإنّ طريق الفنّ الملتزم والنظيف توصل إلى قلّة الإنتاج: "لكنّني راضٍ عن هذا القليل من العمل النوعي الهادف، ذي المستوى الثقافي والإنساني والوطني الرفيع، فأنا ارتأيت لنفسي طريقاً وطنياً غير ربحي مادياً، لكنّه رابح ومربح وطنياً ومعنوياً رغم كثرة الإغراءات".
أحوال سعد الدين عادية. لم يكوّن ثروة لكنّه راض عن نفسه ومتصالح مع ذاته ومع الآخرين. هو اليوم نائب رئيس الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين في لبنان، وعضو النقابة اللبنانية لممثلي المسرح والتلفزيون والسينما، برتبة ممثل محترف، ومدير إنتاج محترف، ومحاضر جامعي حول فنون المحادثة وأسلوب الإلقاء.
يختم سعد الدين حديثه: "نحن شعب استثنائي، نحن قضية استثنائية، فوق الهمّ كلّه، فوق المشاكل الصحية والإنسانية والسياسية والتربوية، ما زلنا نعيش ونتنفّس القضية الفلسطينية".