02 يونيو 2017
بوصلة مفقودة في الخليج
هاشم الرفاعي
باحث وكاتب سعودي في علم الاجتماع، مهتم بدراسات علم الاجتماع الثقافية والدينية، ومهتم بدراسة الحركات الاجتماعية في الجزيرة العربية، مبتعث لدراسة علم الاجتماع في الولايات المتحدة.
كان الريع النفطي، ولا يزال، المورد الأساسي الذي تعتمده دول الخليج مصدراً رئيسياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث أثر ارتفاع أسعار النفط، في العقود الماضية، في إيجاد البحبوحة الاقتصادية التي انعكست مشروعات تنموية في دول الخليج مجتمعة، ولا سيما في بناء قطاعات وإنشاءات صناعية لا تخرج، في الغالب، عن مجالات النفط أو المشروعات التي تعتمد النفط مورداً أساسياً لها، مثل مشروعات تحلية المياه والكهرباء وغيرها، والتي لا زالت تعتمد على النفط في تشغيلها، إضافة إلى المشروعات العمرانية التي يعتبر النفط ركيزة أساسية ماليا أو ماديا.
مراجعة معدلات النمو الاقتصادية لدول الخليج ومدى استفادة البنى التحتية، على سبيل المثال، من ريع النفط طول العقود الماضية، تظهر لنا مدى نجاحها أو فشلها من الاستفادة من هذه الثروة. بلا شك، حظيت دول الخليج بفرص مادية كبيرة، لكن مراجعة القضايا والإشكاليات التنموية الشائكة لهذه الدول تظهر لنا أنه للأسف لم تكن هناك استراتيجيات تنموية جادة تخطط للاستفادة من هذا الريع، حيث كان النمط الاستهلاكي المعتمد بشكل مطلق على النفط، وسط تحذيرات بحثية بضرورة تنويع مصادر الدخل الاقتصادية وقت الرخاء، بدلا من الاعتماد المطلق على النفط الذي سيحل لعنةً في حال تغيير واقع السوق النفطي أو ركوده وقت الشِّدَّة، حيث مجمل المشروعات الاقتصاد وميزانيات التنمية مرتبطة بشكل جذري بمداخيل النفط، أي أن العملية التنموية في خطر!
ابتداء من عام 1979، كان منتدى التنمية الخليجي، في أول جلساته، واعياً للأزمة التي تعاني منها دول الخليج، والتي تتربص بها مستقبلا، حيث على مدى 32 عاماً كانت قضايا التنمية والتنويع الاقتصادي وإشكاليات التنمية المنحرفة أساسية تناقش وتصدر فيها عدة بحوث وكتب، حيث، على سبيل المثال، تم في اللقاء السنوي الثاني عرض مدخل إلى دراسة إدارة التنمية في دول الجزيرة العربية المنتجة للنفط، للمرحوم الدكتور أسامة عبد الرحمن، ثم طبع في كتاب
السؤال المفترض أن يُطرح، ما الذي كان ولا يزال يمنع دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، من الدخول في مسار هذا التحول، على الرغم من كل هذه التحذيرات، تجيب الباحثة في علم الاجتماع، إيمان القويفلي، في ورقة لها عن دولة الرفاه في السعودية، إن "القوى المتحالفة سياسياً واقتصادياً، والتي تقع على رأس التضامنات أو شبكات الانتفاع كما تسمى، هذه الشبكات الرسمية وغير الرسمية التي يمكن أن تتكون على أسس عائلية وتجارية ومناطقية وقبلية ودينية ترتبط في قمتها بمجموعة من الحلفاء من مراكز الثقل السياسي والبيروقراطي والاقتصادي، وهم يمثلون خزانات الدعم والولاء للسلطة، كما أنهم، في الوقت نفسه، نقاط لمقاومة إصلاحات هذه السلطة، الإقلاع عن الإدمان على الريع والتوجه نحو قيم العمل والإنتاج ونمو القطاع الخاص مشروط بتفكيك هذه الشبكات في الأعلى قبل الأسفل، وهو قرار سياسي أكثر من كونه اقتصادياً"، حيث إن "ذهنية الريع تقاوم ذهنية الإنتاج". وتشير الورقة إلى أسباب عديدة، وإذا ما تم التحول ماذا سوف يحدث للطبقة المتوسطة!
ربما هناك أسباب عديدة تساهم في عدم السعي الجاد إلى التحول لتنويع الاقتصاد وازدهار حالة
يشكك خبراء اقتصاديون كثيرون في واقعية خطط دول مجلس التعاون الخليجي المستقبلية، حيث ذكر الدكتور حمزة السالم، في لقاء تلفزيوني، أن عمق الفشل في هذه الرؤية أنها تفتقد للإنسان الذي من المفترض أن يقوم بهذه المساهمات التي لن تخلق وتوجد من المصادفة أو العدم. حيث العنصر البشري الراشد والمتمكن مفقود في أغلب خطط التنمية الحالية، وهو الخطأ نفسه الذي لا يزال يُكرّر في أغلب أدبيات التخطيط والتنمية التي هي جزء من "قيم الريع التي تقاوم قيم الإنتاج وذهنية الريع تقاوم ذهنية الإنتاج".
دلالات
هاشم الرفاعي
باحث وكاتب سعودي في علم الاجتماع، مهتم بدراسات علم الاجتماع الثقافية والدينية، ومهتم بدراسة الحركات الاجتماعية في الجزيرة العربية، مبتعث لدراسة علم الاجتماع في الولايات المتحدة.
هاشم الرفاعي
مقالات أخرى
02 ابريل 2017
07 فبراير 2017
18 يناير 2017