ليس الربطُ بين المقاومة والإرهاب في بعض الأدبيات الغربية بالأمر المستجدّ، وليس تهافت بعضُ الكتّاب العرب على تبنّي المقولة ذاتها بجديد أيضاً. لكن ظهور الكاتب الجزائري بوعلام صنصال الأخير على صفحات صحيفة فرنسية قد يشكّل سابقةً من نوعها، لأنّه تبنّى المقولة بأثر رجعي.
في مقال له نشرته صحيفة "لوموند"، في عددها الصادر يوم الإثنين الماضي، علّق فيه على الهجوم الذي استهدف مدينة نيس الجمعة الماضي، لم يتوان صاحب "شارع داروين" عن عقد مقارنة مجحفة بين الهجوم الإرهابي، والعمليات الفدائية التي كان يقوم بها المناضلون في المدن الجزائرية خلال الثورة التحريرية (1954 - 1962).
بالطبع، فإن الكاتب المولود في مدينة بومرداس عام 1949، يتمتّع بخيال واسع جعله يُبدع في اختلاق رواياتٍ وقصص تجد صداها في المزاج الغربي العام؛ مثل قصّة منع كتبه في الجزائر التي يزورها وقتما يشاء هو وكتبه من مغتربه الفرنسي.
لكن صنصال، في مقاله "حذار من إرهابٍ بتكلفة رخيصة"، أثبت أن خياله أوسع ممّا نتصوّر جميعاً؛ لدرجة أنه جمع بين نقيضين: ثورةٌ ضدّ استعمار فرنسي استمرّ لأكثر من قرن من الزمن، اغتصب أرضاً وأهدر كرامةً، وأتى على الأخضر واليابس وحصد ما لا يُحصى من الضحايا، وهجوم إرهابي حصد 85 قتيلاً، خمسةٌ منهم جزائريون. يبدو وجهُ المقارنة الذي استند عليه هنا ("الضحايا" في كلتا الحالتين هم فرنسيون) سخيفاً جدّاً.
لا يشكُّ أحد في أن صنصال، الذي انتقل من كونه كاتب روايات مشكوك في جودتها الفنية إلى محلّل للعلاقة بين الغرب وما يُسمّيه "الكوكب الإسلامي"، مستعدٌّ للذهاب بعيداً في مغازلة ذلك المزاج، حتّى إن تطلّب الأمر إعلان حرب ضدّ العرب والمسلمين وثقافتهم وتاريخهم وقضاياهم، هو الذي تغنّى بالاستعمار الفرنسي في إحدى رواياته وربط بين الثورة الجزائرية والنازية في روايةٍ أخرى، وزار "إسرائيل" غير ما مرّة.
لكن نبرة الكراهية والعداء في مقاله الذي يضع فيه جميع المسلمين في سلّة واحدة تبدو أكثر حدّة ونشازاً في آن، بشكل يجعله أحد أبرز مُتسلّقي خطابات الكراهية اليوم، من دون أن يجد صوتاً رشيداً يطلب منه أن يصمت، لأن مساهماته لا تزيد عن كونها تغذية بائسة لأجواء الإسلاموفوبيا في فرنسا، والغرب.