ربّما تكون مهنة بيطار الخيول أحد الحلول في قطاع غزة، في ظل ارتفاع نسبة البطالة. محمد السر، أحب هذه المهنة ويحرص على تعليمها لأولاده حتى لا تندثر، وحتى يؤمن لهم خياراً بديلاً.
في مخيم خان يونس، جنوب قطاع غزة، وتحديداً في بلوك "ج" الذي ما زال يضم منازل مبنية من الإسمنت الأسبستي كما كان الحال قديماً في المخيمات الفلسطينية، تسمع كل صباح أصوات طرق حديد وحدوات الخيول. في المكان نفسه، يخرج رجل من محلّه ليستقبل زبائنه من أصحاب العربات التي تجرها الحمير والخيول. الرجل يعمل في صناعة حدوات الخيول والعربات التي تجرها، إضافة إلى إصلاحها، منذ نحو 32 عاماً، وكان قد ورث هذه المهنة عن والده. واليوم، يورثها لأولاده ليحافظوا عليها حتى لا تندثر. ليس هذا فقط، بل يرى أن هذه المهنة قد توفّر بعض الأمان للمستقبل، في حال لم يحالفهم الحظ في العثور على وظيفة في المستقبل.
محمد السر (43 عاماً)، ولد في مخيم خان يونس، وتعود أصول أسرته إلى بلدة حمامة المحتلة عام 1948. كان يدرس في إحدى المدارس التابعة لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في المخيم، إلا أنه ترك المدرسة في المرحلة الابتدائية. اعتاد العمل مع والده داهود السر منذ كان في الحادية عشرة من عمره، وقرّر ترك المدرسة ومتابعة عمله مع والده، بعدما كان قد اختبر مهناً أخرى.
يقول السر لـ"العربي الجديد": "تراجع العائد المادي. قبل تلك السنوات، كنت أحصل على عائد مادي جيّد، وكنت قادراً على الحصول على مقابل مادي جيد. كما اعتدت على التنزه مع أسرتي وعيش حياة مستقرة. لكن ما نحصل عليه اليوم، يكاد لا يكفي لأسرتي المكونة من 13 فرداً. وليس سهلاً تأمين الطعام لأبنائي يومياً، ما اضطرني إلى العمل في مجال البناء وغيره". لكنه وجد نفسه بين الخيول وفضل هذه المهنة عن غيرها من المهن، على الرغم من أنها تعد مهنة صعبة تتطلب الدقة في التعامل مع قوائم الخيول أو الحمير، ومعرفة ما إذا كانت تعاني من الأمراض أم لا. وعادة ما يجلب أنواعاً محددة من الحديد المبسط الذي يحميه على النار من أجل صناعة الحدوات. وغالباً ما يؤمن الحديد من السويد والهند، لأنّه لا يمكن صناعته في قطاع غزة بسبب قلة الإمكانيات والحصار الإسرائيلي الذي يفرض الكثير من القيود على الغزيين. وفي المرحلة اللاحقة، يتوجب عليه تثبيتها على قوائم الخيول. لذلك، يفحص القوائم للتأكد من أنه ما من مشاكل صحية أو غير ذلك، ثم يبدأ بتقليم الحوافر بدقة، وتشكيل الحدوة المناسبة، ثم طرقها رويداً رويداً، ثم بقوة أكبر، لتصبح على مقاسات القوائم.
اقــرأ أيضاً
يؤكد السر أنّه يحب عمله، وقد لجأ في النهاية إلى مهنة ثابتة يديرها بنفسه بدلاً من أن يعمل أجيراً لدى أحد، وهو ما تعلمه من والده الذي ما زال على قيد الحياة. كان والده يعمل في تجارة الخيول وتربيتها إلى جانب مهنته. وبدأ ابنه محمد بالتعامل مع الخيول بشكل متقن ومعرفة ما إذا كانت مريضة. ويشير إلى أنه يطلق على مهنته أسماء كثيرة، منها "حدو أرجل الخيل"، أو "حدادة الخيل". ويوضح أنه قبل أن يبدأ بممارسة مهنة "البيطار"، تعلم طرق الحديد، وقد كان قادراً على تشكيل المعادن في النار بدقة. كما تعلّم كل التفاصيل التي ترتبط بحوافر الخيل وكيفية العناية بالخيول وغيرها.
لدى السر 11 ابناً، أكبرهم أحمد (20 عاماً)، يدرس التمريض في الجامعة، لكنه في الوقت نفسه تعلّم مهنة والده الذي حثه على إتقانها لتأمين مصروف يومي. وفي سياق الحديث، يلفت إلى أن ابنه الأصغر الذي يبلغ من العمر تسعة أشهر، مريض بالحمى الشوكية. يضيف: "ابني الأكبر في الجامعة. لكن في ظل ارتفاع نسبة البطالة في البلاد، لا أتوقع حصوله على عمل بشكل مباشر، وإن كنت أتمنى أن أكون مخطئاً. لكن الواقع يشير إلى صعوبة الحصول على وظيفة، كما أن الشهادة الجامعية لم يعد لها أي قيمة، بل إنها مضيعة للوقت. لم أرغب في إحباطه، لكنني أجبرته على تعلم المهنة حتّى تكون سنداً له حين يكبر في حال لم يُوفّق في الحصول على عمل. واليوم، بات يتقن المهنة".
اقــرأ أيضاً
في بعض الأحيان، ينتقده الناس لأنه أنجب 11 فرداً. لكنه ليس نادماً. يقول: "أنجبتُ كثيراً لأنني كنت أرغب في أن أكون قرب أطفالي، وأراهم يكبرون أمامي، ويعملون معي ليساندوني وأورثهم هذه المهنة. البعض يفاجأ من عدد أبنائي، لكن لا أخاف كلام الناس ولا نظراتهم، فأنا أحمد الله على نعمتهم. والدي أنجب عشرة وأنا أنجبت أكثر منه بواحد".
محمد السر (43 عاماً)، ولد في مخيم خان يونس، وتعود أصول أسرته إلى بلدة حمامة المحتلة عام 1948. كان يدرس في إحدى المدارس التابعة لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في المخيم، إلا أنه ترك المدرسة في المرحلة الابتدائية. اعتاد العمل مع والده داهود السر منذ كان في الحادية عشرة من عمره، وقرّر ترك المدرسة ومتابعة عمله مع والده، بعدما كان قد اختبر مهناً أخرى.
يقول السر لـ"العربي الجديد": "تراجع العائد المادي. قبل تلك السنوات، كنت أحصل على عائد مادي جيّد، وكنت قادراً على الحصول على مقابل مادي جيد. كما اعتدت على التنزه مع أسرتي وعيش حياة مستقرة. لكن ما نحصل عليه اليوم، يكاد لا يكفي لأسرتي المكونة من 13 فرداً. وليس سهلاً تأمين الطعام لأبنائي يومياً، ما اضطرني إلى العمل في مجال البناء وغيره". لكنه وجد نفسه بين الخيول وفضل هذه المهنة عن غيرها من المهن، على الرغم من أنها تعد مهنة صعبة تتطلب الدقة في التعامل مع قوائم الخيول أو الحمير، ومعرفة ما إذا كانت تعاني من الأمراض أم لا. وعادة ما يجلب أنواعاً محددة من الحديد المبسط الذي يحميه على النار من أجل صناعة الحدوات. وغالباً ما يؤمن الحديد من السويد والهند، لأنّه لا يمكن صناعته في قطاع غزة بسبب قلة الإمكانيات والحصار الإسرائيلي الذي يفرض الكثير من القيود على الغزيين. وفي المرحلة اللاحقة، يتوجب عليه تثبيتها على قوائم الخيول. لذلك، يفحص القوائم للتأكد من أنه ما من مشاكل صحية أو غير ذلك، ثم يبدأ بتقليم الحوافر بدقة، وتشكيل الحدوة المناسبة، ثم طرقها رويداً رويداً، ثم بقوة أكبر، لتصبح على مقاسات القوائم.
يؤكد السر أنّه يحب عمله، وقد لجأ في النهاية إلى مهنة ثابتة يديرها بنفسه بدلاً من أن يعمل أجيراً لدى أحد، وهو ما تعلمه من والده الذي ما زال على قيد الحياة. كان والده يعمل في تجارة الخيول وتربيتها إلى جانب مهنته. وبدأ ابنه محمد بالتعامل مع الخيول بشكل متقن ومعرفة ما إذا كانت مريضة. ويشير إلى أنه يطلق على مهنته أسماء كثيرة، منها "حدو أرجل الخيل"، أو "حدادة الخيل". ويوضح أنه قبل أن يبدأ بممارسة مهنة "البيطار"، تعلم طرق الحديد، وقد كان قادراً على تشكيل المعادن في النار بدقة. كما تعلّم كل التفاصيل التي ترتبط بحوافر الخيل وكيفية العناية بالخيول وغيرها.
لدى السر 11 ابناً، أكبرهم أحمد (20 عاماً)، يدرس التمريض في الجامعة، لكنه في الوقت نفسه تعلّم مهنة والده الذي حثه على إتقانها لتأمين مصروف يومي. وفي سياق الحديث، يلفت إلى أن ابنه الأصغر الذي يبلغ من العمر تسعة أشهر، مريض بالحمى الشوكية. يضيف: "ابني الأكبر في الجامعة. لكن في ظل ارتفاع نسبة البطالة في البلاد، لا أتوقع حصوله على عمل بشكل مباشر، وإن كنت أتمنى أن أكون مخطئاً. لكن الواقع يشير إلى صعوبة الحصول على وظيفة، كما أن الشهادة الجامعية لم يعد لها أي قيمة، بل إنها مضيعة للوقت. لم أرغب في إحباطه، لكنني أجبرته على تعلم المهنة حتّى تكون سنداً له حين يكبر في حال لم يُوفّق في الحصول على عمل. واليوم، بات يتقن المهنة".
في بعض الأحيان، ينتقده الناس لأنه أنجب 11 فرداً. لكنه ليس نادماً. يقول: "أنجبتُ كثيراً لأنني كنت أرغب في أن أكون قرب أطفالي، وأراهم يكبرون أمامي، ويعملون معي ليساندوني وأورثهم هذه المهنة. البعض يفاجأ من عدد أبنائي، لكن لا أخاف كلام الناس ولا نظراتهم، فأنا أحمد الله على نعمتهم. والدي أنجب عشرة وأنا أنجبت أكثر منه بواحد".