بين يمنيْن

02 يونيو 2015
+ الخط -
على الرغم من الإعلان عن نهاية عملية "عاصفة الحزم" في اليمن منذ أسابيع، والبدء في عملية حملت اسم "إعادة الأمل"، إلا أن الغارات التي تشنها طائرات التحالف لم تتوقف، بل اتسعت لتشمل أهم مدن اليمن "السعيد" بحسن الجوار وكرم بني العمومة.
طالما سعى اليمن إلى الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي، لكن نصيبه من هذا السعي لم يختلف كثيراً عن نصيب أحفاد أتاتورك الذين لم يدخروا أي جهد، طوال نصف قرن، للحاق باتحاد دول القارة العجوز. وإذا كان الأتراك قد نجحوا في جعل بلدهم القوة الاقتصادية السابعة عالمياً، فإن أحفاد الملكة بلقيس لم يجنوا شيئاً ذا قيمة من انتمائهم الجغرافي إلى شبه الجزيرة العربية. وعلى الرغم من أن معظم نفط الخليج يمر عبر مضيق باب المندب، إلا أن الرخاء الاقتصادي الذي تعيشه مختلف دول الخليج لم يتعد الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية.
زرع اليمنيون بذور الأمل في الالتحاق بركب دول الخليج عقوداً، لكنهم لم يجنوا إلا "عاصفة" أظهرت "التضامن العربي" في أبهى حلة، أمان للرئيس ودمار للمرؤوس.
ما يعانيه اليمن اليوم ليس نتيجة للتدخل العسكري العربي فحسب، بل يعود إلى عقود خلت، عندما كان اليمن يمنين، شمالي وجنوبي، أسوة بدول أخرى قسمت جغرافيا على الشاكلة نفسها، مثل كوريا وفيتنام، أو في الاتجاه الآخر، مثل ألمانيا.
عاش اليمن حربين أهليتين طاحنتين في تسعينات القرن الماضي، حرب زمن الانقسام وأخرى زمن الوحدة، ومن مفارقات هذا الزمن العربي أن وحدة "اليمنين" التي تزامنت مع وحدة "الألمانيتين" لم تكن لهما النتائج نفسها. هناك في أوروبا سقط جدار اسمنتي، تحولت ألمانيا إثره إلى أقوى اقتصاد أوروبي، وهنا في شبه الجزيرة العربية شيدت جدران من الانقسام السياسي والاقتصادي والطائفي "عصفت" بما تبقى من آمال لدى اليمنيين في العيش السعيد.
في الأزمان الغابرة، نجحت الملكة بلقيس، بحكمتها وقراءتها العقلانية موازين القوى في إنقاذ جنة عدن والحفاظ على عرشها، أما ساسة يمن الأزمان الحاضرة، فقد حُمل عرش بعضهم خارج البلاد وزُلزل عرش من ظل داخلها.

avata
avata
يوسف بوقرة (تونس)
يوسف بوقرة (تونس)