وادعت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا أن "أبو الفتوح تولى قيادة بجماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وتغيير نظام الحكم بالقوة، والإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر".
واعتقل أبو الفتوح في 14 فبراير/ شباط 2018، مع عدد من قيادات حزبه، قبل إخلاء سبيلهم، بذريعة تخطيطهم لاعتداءات مسلّحة على منشآت الدولة، ومؤسساتها، على نحو من شأنه إشاعة الفوضى في البلاد، وذلك بعد أقل من أسبوع واحد من اعتقال نائب رئيس الحزب، في إطار الحملة الشرسة التي قادها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي بحق معارضيه قبيل الانتخابات الرئاسية المنقضية.
وفي 17 فبراير/شباط 2018، أصدرت محكمة جنايات القاهرة قراراً بإدراج أبو الفتوح و15 آخرين على قوائم الإرهابيين، بناءً على الطلب المقدم بهذا الشأن من النائب العام، استناداً إلى التحريات المزعومة لجهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، إلى جانب إصدار النائب العام لقرارٍ بالتحفظ على أموالهم الخاصة، سواء كانت سائلة أم منقولة أم عقارية، ومنعهم من السفر، أو الترشح لأي منصب سياسي لاحقاً.
وأبو الفتوح محروم من كافة حقوقه المنصوص عليها في القانون للمحبوس احتياطياً، في ضوء منع الزيارات عنه نهائياً، أو السماح له بالخروج للتريض يومياً كما تنص لائحة السجون، أو أداء صلاة الجمعة شأن جميع السجناء، ما تسبب في تدهور حالته الصحية، وإصابته بذبحات صدرية متتالية من دون تلقي العلاج اللازم.
وتسلب إدارة سجن مزرعة طرة أبو الفتوح كافة حقوقه القانونية من إدخال المأكل أو الملبس أو الدواء أو الصحف أو الكتب أو القلم أو الورقة، أو التحدث مع أحد المحتجزين، أو زيارة أحد من أهله، أو محاميه، فضلاً عن رفض طلبه بالذهاب إلى المستشفى، أو انتداب لجنة طبية من خارج السجن لإعداد تقرير طبي عن حالته الصحية المتدهورة، في انتهاكات صارخة لحقوقه الدستورية.
وأعربت تسع منظمات حقوقية مصرية، في وقت سابق، عن استنكارها للإهمال الطبي المتعمد في السجون، وأماكن الاحتجاز، الذي وصل في حالة رئيس حزب "مصر القوية" إلى حد القتل البطيء، في تصعيد للخصومة السياسية، والأعمال الانتقامية بحق المعارضين السياسيين من قبل السلطة الحاكمة.
ودانت المنظمات الحقوقية إصرار إدارة سجن المزرعة بطرة على عدم السماح بنقل أبو الفتوح إلى المستشفى لتلقي العلاج، على الرغم من تعرضه أربع مرات متتالية لذبحة صدرية في أقل من ثلاثة أشهر، و"تجاهلها المخزي لتقدمه في السن (67 عاماً)، وتردي حالته الصحية، مع استمرار حبسه انفرادياً في زنزانة تفتقر إلى أدنى معايير رعاية السجناء".
على صعيد متصل، يواجه نائب رئيس الحزب محمد القصاص اتهامات في القضية المعروفة إعلامياً باسم "المحور الإعلامي"، تتعلق بـ"الانضمام وتولي قيادة وتمويل جماعة الإخوان، والتخطيط لعمل عمليات مسلحة وتخريبية، تزامناً مع الانتخابات الرئاسية الأخيرة".
وتدعي النيابة المصرية اشتراك القصاص في ما يُعرف بـ"المحور الإعلامي لجماعة الإخوان"، والذي يعمل على نشر شائعات وبيانات كاذبة ضد الدولة المصرية، من خلال الكيانات والمنابر الإعلامية التابعة للجماعة، وهو الذي اعتقله السلطات الأمنية في فبراير/شباط الماضي، وأخفته قسرياً لفترة قبل إظهاره في مقر النيابة.
ويتعرض القصاص لانتهاكات واسعة داخل محبسه منذ اعتقاله، من بينها تحفّظ الأمن على شقته السكنية، واستيلائه على مشغولات زوجته الذهبية، فضلاً عن حبسه "انفرادياً" داخل سجن العقرب شديد الحراسة، وعدم فتح الزنزانة على مدار الأربع وعشرين ساعة، إلا عند طلب استدعاء الطبيب، أو دخول وجبات السجن، مع منعه من صلاة الجمعة، وحقه في ساعة التريض يومياً، ولقاء ذويه أو محاميه.
وأعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها من تعرّض القصاص إلى خطر الإخفاء القسري، والتعذيب، مؤكدة أن "إخفاء عضو بارز في حزب معارض يعد هجوماً صارخاً على الحق في حرية العبير، وتكوين الجمعيات في مصر، حيث أصبح الإخفاء القسري ممارسة روتينية تنتهجها إدارة الرئيس السيسي لإسكات النشطاء والجماعات المعارضة".
تجدر الإشارة إلى تجميد حزب "مصر القوية" نشاطه السياسي عقب اعتقال أبو الفتوح ونائبه بتهم ملفقة، قائلاً في بيان له إن "رئيس الحزب حاصل على ثقة أربعة ملايين من المصريين في العام 2012، من خلال انتخابات ديمقراطية نزيهة بشهادة العالم أجمع، من دون تهديد ولا ترهيب، وقضى تاريخه كله رمزاً من رموز التسامح والتواصل مع كافة التيارات السياسية والفكرية والشعبية في مصر، من دون تفرقة أو إقصاء".