ينظر برلمانيون وسياسيون عراقيون بقلق إلى تداعيات أزمة الملف النووي الإيراني التي تفاقمت مؤخرا، على خلفية موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من هذا الملف، محذرين من "طبخة" قد تتسبب في انزلاق العراق ودول المنطقة في هذا الصراع.
وأكد عضو البرلمان العراقي صادق اللبان، أن الأزمات الإقليمية، سواء كانت في إيران أو سورية، تنعكس بشكل مباشر على العراق. مبيناً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قراءة الخارطة السياسية العراقية المقبلة غير ممكنة في ظل ما يجري.
وأشار اللبان إلى أن دول المنطقة لا يمكن أن تسلم من الصراع الأميركي - الإيراني، لافتا إلى وجود "طبخة" كبيرة قد تتسبب في انزلاق العراق ودول أخرى في هذا الصراع.
وأضاف أن "المستفيد الأكبر مما يجري هو إسرائيل"، موضحا أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على أحداث ومفاجآت قد تتسبب في توترات إقليمية ودولية خطيرة تنعكس آثارها على حكومات الدول العربية.
إلى ذلك، قال عضو "تحالف القوى"، محمد عبد الله، أن العوامل الخارجية، خصوصا الإقليمية، غالبا ما تكون مؤثرة وبشكل مباشرة في الوضع العراقي، موضحا لـ"العربي الجديد" أن التجارب السابقة أثبتت أن تشكيل الحكومات لا يمكن أن يتم ما لم يكن مرضيا عنه خارجيا.
وأضاف عبد الله أن "أي توتر في إيران أو سورية ستنعكس آثاره على العراق"، مؤكدا أن تنظيم "داعش" الإرهابي نشأ في سورية لكنه انتقل إلى العراق، واحتل نحو ثلث أراضيه منتصف عام 2014.
وشدد على ضرورة اتباع الحكومة العراقية سياسة النأي بالنفس عن الأزمات الإقليمية، مبينا أن الحياد هو السبيل الأفضل، سواء كان تجاه الأزمة الأميركية – الإيرانية بشأن الملف النووي، أو فيما يتعلق بالأزمة السورية.
وفي السياق، أكد القيادي في "ائتلاف دولة القانون"، سعد المطلبي، أن العامل الخارجي يمكن أن يؤثر في الواقع السياسي العراقي، موضحا لـ"العربي الجديد" أن الإيرانيين يتعاملون بواقعية مع الأحداث السياسية العراقية.
وأشار إلى وجود رغبة أميركية في التدخل في الشأن العراقي، لكن هذا الأمر لن يكون سهلا بسبب عدم وجود قنوات اتصال أميركية مع جميع الجهات السياسية العراقية، مبينا أن الأميركيين لا يمكن أن يؤثروا في عملية الاقتراع في الانتخابات التي ستجري يوم السبت المقبل.
إلا أن عضو البرلمان العراقي عن المكون المسيحي، جوزيف صليوا، اعتبر أن التدخل الخارجي في العراق "أمر واقع لا يمكن إنكاره"، مبينا، في تصريح صحافي، أن إيران "تحاول دفع شخصيات موالية لها لمنصب رئيس الوزراء العراقي المقبل، لكنها لن تستطيع فرض شيء على أميركا والغرب"، بحسب قوله.
وأشار صليوا إلى أن "التدخل الخارجي في الأوضاع العراقية موجود"، مؤكدا أن "الإملاءات الخارجية في حال وُجدت، فإنها ينبغي ألا تكون هي الحاسمة في العراق".
من جهته، أكد المحلل السياسي العراقي، حسان العيداني، أن العراق يتأثر بما يحدث في محيطه، موضحا أن العملية السياسية العراقية، منذ ولادتها عام 2005، لم تسلم من التدخلات الخارجية.
واستدرك العيداني بأن "وجود تدخلات خارجية في الشأن العراقي لا يعني السماح بإقحام البلاد في الأزمات الإقليمية"، مبينا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن من مصلحة العراق الابتعاد عن أزمات المنطقة، خصوصا أزمة الملف النووي الإيراني، لأن التأييد العراقي لإيران في حال حدث، فإنه يعني وقوفه ضمن المعسكر المناوئ للولايات المتحدة الأميركية الداعمة بشكل مباشر للنظام السياسي العراقي.
وتابع أن "خروج العراق منتصرا على تنظيم داعش الإرهابي كان بدعم مباشر من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن"، مبينا أن "الركون إلى الهدوء وعدم إطلاق التصريحات غير المحسوبة هو الأسلم في المرحلة الحالية".
ولفت المحلل السياسي إلى أن إعلان الحكومة العراقية وفصائل مسلحة عن التدخل المباشر في الأزمة السورية، يمثل أمراً آخر ينبغي التوقف عنده، مؤكدا أن الأراضي السورية تشهد حربا باردة بين قوتين دوليتين هما أميركا وروسيا، والوقوف إلى جانب إحداهما يعني خسارة الأخرى.