أعربت شخصيات سياسية عراقية، اليوم الجمعة، عن مخاوفها من قيام الولايات المتحدة بشن ضربات جوية ضد الجماعات المسلحة الموالية لإيران في العراق، في حال استمرت تلك الجماعات بتنفيذ الهجمات على الأرتال التابعة لقوات التحالف الدولي، القادمة من موانئ البصرة عبر مدن الجنوب.
وتتهم تلك الجماعات بتنفيذ هجمات صاروخية تطاول القواعد العسكرية الموجودة وسط وغربي العراق، والتي تستضيف بين حين وآخر قوات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" بقيادة الولايات المتحدة.
وخلال اليومين الماضيين، كثفت المليشيات المسلحة من هجماتها، بعدما استهدفت هجمات صاروخية معسكري بلد في صلاح الدين والتاجي شمالي بغداد، لم تسفر عن خسائر بشرية. كما شهدا هجومين على أرتال للتحالف الدولي تسبب أحدهم بإعطاب شاحنة تحمل مواد لوجستية للقوات الأميركية، وفقاً لبيان عسكري عراقي.
مسؤول عراقي، رفض الكشف عن هويته، قال لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، إنّ استمرار الهجمات بهذا المنحى التصاعدي قد يؤسس لرد أميركي شبيه بالهجوم الجوي على معسكرات "الحشد الشعبي"، في مارس/ آذار الماضي، مضيفاً أن "الخطط الأمنية الأخيرة ما زالت مستمرة وفاعلة، لكن لا يمكن السيطرة على جميع تلك الهجمات".
وفيما كشف عن إحباط هجومين في اليومين الماضيين، فضلاً عن الهجمات التي وقعت فعلاً واستهدفت مصالح أميركية وأخرى للتحالف الدولي في العراق، أوضح المسؤول أنّ "القوات الأميركية تمتلك خريطة انتشار كل الفصائل المسلحة في العراق ومقراتها الرئيسة، بما فيها تلك المرتبطة بإيران، ومسألة الرد عليها، في حال حصوله، قد يكون شاملاً إذا قتل رعايا أميركيون أو من جنود التحالف الدولي بإحدى تلك الهجمات".
الأميركيون بإمكانهم الضغط على حكومة العراق للتحرك الفعلي ضد تلك الفصائل
ومن المرتقب أن يجري رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي، في 20 أغسطس/ آب الجاري، زيارة إلى واشنطن يلتقي خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت كثفت فيه قوى سياسية وجماعات مسلحة ممولة من إيران، ضغوطها لفرض أجندتها على الملفات التي ستبحث خلال الزيارة التي ستناقش ملف وجود الجيش الأميركي في البلاد.
عضو البرلمان العراقي باسم خشان بدا متشائماً من نهاية هذه الهجمات وما ستسفر عنه، معتبراً، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "استمرار العمليات العسكرية ضد المصالح والأهداف الأميركية، ربما يدفع واشنطن إلى الرد على عمليات الاستهداف من خلال ضربات جوية"، واصفاً في الوقت ذاته هذه العمليات بأنها "غير منتجة واستعراضية ليس إلا، ولا تأثير لها على قضية إخراج القوات الأجنبية".
وأضاف خشان أن "ما تقوم به بعض الفصائل المسلحة، من عمليات استهداف للقوات الأميركية أو أرتال الدعم اللوجستي للتحالف الدولي، ليس تصرفات وطنية خالصة، وإنما هي أيضاً تعمل وفق أجندات وتوجيهات من جهات خارجية ليست عراقية لها مصالحها الخاصة"، معتبراً أن "الخلل الأول يقع على عاتق الحكومة العراقية كونها حتى الساعة لم تبادر بأي طلب لخروج تلك القوات".
في المقابل، قال القيادي في جبهة "الإنقاذ والتنمية"، أثيل النجيفي، إنّ "الولايات المتحدة لا تريد حالياً القيام بأي عملية عسكرية ضد تلك الفصائل، بل ستضغط على حكومة الكاظمي والأجهزة الأمنية لاتخاذ إجراءات واضحة تجاه عمليات الفصائل المسلحة، فهي لا تريد في الوقت الحاضر أن تكون طرفاً بما يجري على الأرض".
وأوضح النجيفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "الأميركيين بإمكانهم الضغط على حكومة العراق للتحرك الفعلي ضد تلك الفصائل، بما تمتلكه من مفاتيح الاقتصاد والعقوبات ومفاتيح الدعم العسكري والمجتمع الدولي أيضاً، وكل هذه الملفات المهمة بيد واشنطن، ولهذا تستطيع إجبار الحكومة العراقية على اتخاذ إجراء حازم وصارم تجاه تلك الفصائل".
وأضاف أن "الولايات المتحدة الأميركية إذا ضغطت على العراق في ملف الفصائل مقابل تقديم دعم للحكومة، فهنا موقف بغداد سيكون قوياً في مواجهة تلك الفصائل، وربما هذا سيحدث قريباً جداً وفق المعطيات".
من جهته، قال الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي نجم القصاب، لـ"العربي الجديد"، إنّ الفصائل المسلحة المرتبطة بإيران "تسعى إلى استدراج القوات الأميركية في العراق إلى مواجهة مباشرة، قبل الانتخابات الأميركية، خصوصاً أنها تدرك بأن فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بولاية ثانية، يعني مزيداً من سياسة الضغط تجاه الفصائل الموالية لطهران وفرض عقوبات إضافية على طهران والجماعات المرتبطة بها".
وفيما رجح ارتفاع وتيرة هذه الهجمات خلال الفترة المقبلة، استبعد بالوقت ذاته أي قرار أميركي بالرد حالياً. لكنه قال إنه "قد يتم ذلك فعلاً بعد الانتخابات الأميركية" المرتقبة في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.