حذّر مسؤولون فلسطينيون ممّا وصفوه بـ"خطة طريق" إسرائيلية، للسيطرة على المسجد الأقصى، وفرض السيادة اليهودية الكاملة عليه، وتمكين الجماعات اليهودية المتطرفة من الصلاة وتقاسم الأوقات فيه مع المسلمين، كمقدمة لاقتطاع مساحات مهمة منه، تمهّد لبناء الهيكل.
ووصف خبير الاستيطان والقدس والمقدسات، جمال عمرو، إعلان وزارة الأديان الإسرائيلية في هذا الموضوع، بأنه "يمثّل تحدياً باتت إسقاطاته على الأرض واضحة للعيان، من خلال الاعتقالات، والاعتداء على المصلّين ومنغهم من الصلاة في المسجد الأقصى، في مقابل تسهيل اقتحامات المستوطنين المتطرفين له، وإقامة طقوسهم وحلقات الرقص والصراخ".
ورأى أن "الاسرائيليين سيحاولون وضع اليد على جزء من المسجد، لإقامة كنيس فيه والدخول إليه من جميع الأبواب، وعلى مدار الساعة، وصولاً إلى تطبيق ما حدث من سيطرة على الحرم الإبراهيمي في الخليل، بحيث سيغلقون الأقصى في أيام أعيادهم".
وانتقد بشدة مؤتمر "الطريق إلى القدس"، الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان، ووصفه بأنه "مؤتمر خائب، فاشل بمدخلاته ومخرجاته، وبمَن حضر فيه، الذين منحوا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مكافأة عظيمة بإلغائهم فتوى تحريم زيارة الأقصى، حيث سيبدو الاحتلال بمظهر مَن يحافظ على حرية الوصول إلى المسجد الأقصى للمسلمين، في وقت يمنع فيه أبناء القدس العتيقة وما جاورها من دخوله".
وحذّر مسؤول ملف القدس في حركة "فتح"، وعضو مجلسها الثوري، حاتم عبد القادر، من تداعيات الخطوة الإسرائيلية الجديدة، معتبراً أن "تطبيقها سيفجّر المنطقة برمّتها، وإسرائيل وحدها مَن ستتحمّل النتائج المترتبة على ذلك".
وأكد أن "المقدسيين، ومعهم أبناء شعبهم من داخل فلسطين المحتلة العام 1948، سيقاومون بكل ما أوتوا من قوة هذه التوجهات، وسيحبطونها كما فعلوا في السابق، مهما كلّفهم ذلك من ثمن".
ووصف وزير القدس ومحافظها، عدنان الحسيني، التصعيد الإسرائيلي الجديد، بأنه "الأخطر، وعلى الدول العربية والاسلامية التحرّك فوراً لمنع حدوثه". ولفت الى أننا "شهدنا خلال الأيام القليلة الماضية تصعيداً في الاعتداء على الأقصى، والتعدي على المصلين فيه، في الوقت الذي شُرّعت فيه الأبواب أمام المستوطنين لاقتحامه، وإقامة حلقات الرقص والصراخ فيه".
وتأتي هذه التحذيرات الفلسطينية، بعدما كشف نائب وزير الأديان الإسرائيلي، إيلي بن دهان، في تسجيل صوتي في مؤتمر نظمته جماعات يهودية متطرفة، يوم الاثنين، في القدس الغربية، عن انتهائه من وضع اللوائح القانونية لترتيب صلوات يهودية في المسجد الأقصى.
وأشار، في كلمته خلال المؤتمر، الى أنه "بقي فقط على نتنياهو أن يوقّع عليها من أجل أن تكون سارية المفعول". وأضاف: "أتمنى أن يكون ذلك بأسرع وقت، وأنا أؤيد قضية الصعود لجبل الهيكل، وإقامة الصلوات فيه".
وخلال المؤتمر طالب عدد من كبار الحاخامات اليهود الرئيسيين بتغيير الفتوى التي تحظر على اليهود الصلاة في الأقصى، والسماح للمجتمع الإسرائيلي بالصلاة فيه رغم ما ستثيره هذه الخطوة من ردود فعل فلسطينية وعربية عارمة.
ونقل عن الناشط الليكودي، الحاخام يهودا غليك، قوله خلال المؤتمر: "لا يمكن القبول بأي حال من الأحوال الاستمرار في الوضع القائم بالأقصى، وسيطرة المسلمين عليه، ويجب تغيير هذا الواقع بشكل سريع".
وكان غليك قد قاد منذ مطلع العام الجاري عشرات الاقتحامات للمسجد الأقصى قبل أن تصدر الشرطة الإسرائيلية قراراً بمنعه من الدخول إلى هناك لمدة ثلاثة أشهر، بعدما تسبّب باندلاع مواجهات مع مسؤولي الأوقاف وحراس الأقصى ووجّه إليهم الشتائم النابية.
أما نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي، موشيه فيغلين، والذي يقود هو الآخر سلسلة من الاقتحامات للأقصى ويقدم غطاءً سياسياً لجماعات التطرف اليهودية، فقال خلال المؤتمر، إن "الأوقاف الإسلامية هي التي تسيطر وتدير الأقصى، ولا بد من نقل السيادة عليه إلى الحكومة الإسرائيلية بشكل كامل".
كما طالبت عضو الكنيست من البيت اليهودي، شولي موعلم، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالتدخل مباشرة لفرض واقع جديد آخر في المسجد الأقصى، ما يعني فرض الصلوات اليهودية.
ونُقل عن ضابط كبير في شرطة الاحتلال، شارك في جزء من أعمال المؤتمر، أن شرطته اعتقلت 90 فلسطينياً خلال الأيام القليلة الماضية، واصفاً هؤلاء المعتقلين بأنهم "مشاغبون" وأنه ستُقدّم بحقهم لوائح اتهام.
وتعليقاً على هذه التطورات، ذكرت "مؤسسة الاقصى للوقف والتراث"، في بيان أصدرته يوم الأربعاء، أن "هذه الحملة التحريضية هي محاولة من أجل التدخل السافر في المسجد الأقصى، وتهيئة الأجواء لاقتحامات جديدة، وحملة ضد المصلين والمرابطين وطلاب العلم".
وأوضحت أن "الاحتلال حينما يريد تنفيذ أي حملة تستهدف النشطاء الفلسطينيين المدافعين عن الأقصى، فإنه يهيئ أجواء إعلامية من أجل تبرير أي عمل ضدهم".
وشدّد البيان على "أن كل هذه الحملات لن تزيدنا إلا إصراراً وصموداً وتأكيداً على حقنا الكامل في الأقصى".
وأشارت المؤسسة إلى أن مستوطنين عدة يحاولون إقامة صلوات تلمودية خارج بابي القطانين والأسباط، ويتعمّدون الوقوف قبالتهما لدقائق لأداء رقصات تلمودية.