أثارت فتوى أطلقها عضو هيئة كبار العلماء السعودية، الشيخ الدكتور علي بن عباس الحكمي، حرّم فيها أن يقوم سائق بتنبيه آخر إلى وجود كاميرا لنظام (ساهر) المروي الكثير، من الجدل في السعودية في اليومين الماضيين، بين مؤيد ومعارض بشدة للفتوى، التي اعتبر أنها تدخل في باب التعاون على الباطل فيما بينهم.
وكان الشيخ الحكمي قد ذكر في فتواه أنّ "المارة إذا كانوا ينبهون بعضهم بعضاً خشية الوقوع في المخالفة، ومن ثم معاودة السرعة، فهذا تعاون على الباطل لا يجوز شرعا"، مبينا أنه "في حال نبّه المواطنون بعضهم بعضاً، فإن الحاجة التي وضع لها نظام ساهر تبطل، وبهذا يمكن للشخص أن يهدئ السرعة قبيل وصوله، وحين يتجاوز نقطة نظام "ساهر" يعود إلى السرعة مجدداً ويقع في ارتكاب المخالفة".
وتتناقض هذه الفتوى مع فتوى سابقة، اعتبر فيها المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، أن التنبيه من كاميرات ساهر لا مانع منه، وأيضا مع فتوى صريحة لعضو هيئة كبار العلماء، الشيخ سعد الخثلان، الذي اعتبر التنبيه من نظام "ساهر"، نوع من "التعاون على البر والتقوى ولا شبهة فيه".
وفتحت هذه الفتوى باب الجدل واسعاً حول النظام، ومدى الجدوى منه، بعد أربع سنوات من البدء في تطبيقه، وعارض كثيرون فتوى الشيخ، معتبرين أنها فتوى موجّهة. وقالت عضو مجلس الشورى الدكتورة ثريا العريض"الغرض من "ساهر"، هو تعويد السائقين التصرف الصحيح لا اصطيادهم بالجرم المشهود... لو استخدمت أجهزة رادار واضحة للعيان بكل الطرق لكان تأثيره أقوى".
ونشر الخبير الاقتصادي، برجس البرجس، عدة تغريدات عن الموضوع فكتب "قبل #ساهر كان عدد الوفيات من الحوادث 17 يومياً، الآن 21، الزيادة 24 في المائة أكثر من نسبة زيادة السيارات والسائقين"، مضيفاً في تغريدة أخرى "في الهند حالة وفاة من حوادث الدهس كل 3 دقائق، لو قارنا هذا بعدد الوفيات في المملكة من حوادث السيارات بأنواعها بالنسبة والتناسب، نحن أكثر بـ64 في المائة".
أما بدر الصقري، فكتب منتقداً فتوى الشيخ في هذا التوقيت بالتحديد "هل انتهت قضايا الأمة حتى يتوقف بعض العلماء عند ساهر، أليس من الأولى تحريم الربا الحاصل من تدبيل المخالفات. فعلاً شر البلية ما يضحك".
ونشط وسم (#التنبيه_من_ساهر_حرام) الذي ظهر في أكثر من 125 ألف تغريدة خلال 24 ساعة، وفيه كتبت الإعلامية سعاد الشمري معارضة الفتوى "أنا بفتيلكم وماجاكم علي وأجري ع الله، بل هو حلال وفرض عين، ومن باب التعاون ع البر والتقوى"، فيما كتب محمد النويصر "إللي حرمها هو نفس الشيخ إللي أفتى بجواز نقل المسعفين للمريضة بدون لمسها أو النظر إليها". وكتب اِستثنائي "التنبيه من ساهر حرام أما الاستحواذ على الأراضي وتشبيكها حلال يمكن!، وتدبيل المخالفات حلال!، وإخفاء الكاميرات حلال!". وتابع "لو كان الهدف التوعية كان فيه لوحات تحذيرية مثل غيرنا بس عندنا سرقة عيني عينك للتجار".
أما خالد محمد السبيعي، فكتب منتقداً طريقة تعامل المرور مع ساهر "التنبيه من ساهر حرام والتخفي وراء الأشجار والجبال والصبات والزبائل حلال، تدبيل المخالفات حلال، شر البلية ما يضحك حقاً. وكتب حماد المطيري "كل شيء لصالحهم حلال، وكل شيء لصالح المواطن حرام ! عموماً الناس تجاوزوا زمن فتوى المصلحة".
ويثير نظام "ساهر"، الكثير من الجدل في السعودية منذ إطلاقة، بسبب طريقة تخفي الكاميرات، والتي تحوّل الهدف منها إلى صيد المخالفات لا التحذير منها، وهي أمور كانت محل انتقاد كثير من الإعلاميين والدعاة.
ويلجأ كثير من السعوديين للتحايل على الكاميرات بطمس بعض أرقام اللوحات ولكن الأكثر شهرة هو "تنبيه الآخرين بتشغيل الأضواء الخلفية للمركبات"، وهو ما أعتبره الشيخ الحكمي حرام شرعاً.
اقرأ أيضاً: "أمامك كشة".. سودانيون يتكافلون ضد القانون