23 أكتوبر 2024
تحطيم تمثال ماو: الصين إلى أين؟
في أقل من 48 ساعة، كشفت الصين، قبل أيام، عن تمثال ضخم مطلي بالذهب لزعيمها الراحل ماو تسي تونغ، ارتفاعه 37 متراً، جرى نصبه في حقول مقاطعة هينان (وسط)، ثم أعلنت عن تحطيم التمثال الذي بلغت كلفته ثلاثة ملايين يوان صيني (450 ألف دولار)، من دون إبداء أسباب واضحة، سوى القول إنه لم يكن حصل على ترخيص حكومي رسمي. غير أن تقارير أفادت بأن الحكومة قررت إزالة التمثال الضخم الذي بدأ بناؤه قبل تسعة شهور، لأنه جلب انتقادات واسعة في صفوف المواطنين الصينيين، ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي. والمعنى أن حكومة الرئيس، شي جين بينغ، فضلت الحفاظ على صورتها حامية لتقدم الصين، ومكافحة للفساد، وهي الصورة التي يحب أن يظهر بها الرئيس الحالي، على الإبقاء على تمثالٍ ضخم، كان يمكن أن يتحول مزاراً، تبرّع بقيمته رجال أعمال، حتى لو كان لمؤسس جمهورية الصين الشعبية، ورمزها الوحيد الذي يُسمح في الصين برفع صوره: الزعيم ماو.
المعروف اليوم أنه ليست لدى الصين ثوابت أيديولوجية، سوى بحثها عن التقدم المطرد، وهذا يجعل تحطيم تمثال زعيم الصين الخالد مفهوماً حتى في ظل دولة شمولية.
يمكن، هنا، لفهم ما يجري في الصين، أن نستعيد ما قاله الرئيس، شي جين بينغ، في خطاب تنصيبه رئيساً، العام 2013، من أنه سيسعى، في فترة رئاسته، إلى تحقيق "الحلم الصيني". وحيث إن فترة رئاسة الرؤساء الصينيين، منذ ما بعد عهد الرئيس الإصلاحي، دينغ شياو بنغ، (1978-1992)، باتت تستمر عشر سنوات، فإن شي يعمل، حالياً، على تحقيق ذلك الحلم قبل حلول العام 2022 الذي يُفترض أن يسلم الرئاسة فيه لمن يأتي "دوره" بعده، على اعتبار أن تداول الرئاسة في الصين، داخل الحزب الحاكم، بات يشبه الدور: جيانغ زيمين (1992-2002)، ثم هو جينتاو (2002-2013) ، وبصورة تكون مقررة سلفاً.
أما "الحلم الصيني" المعلن حتى العام 2020، والمتضمَّن في خطة الصين الاستراتيجية التي تستمر حتى الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية الشعبية في العام 2049، ويجري تطبيقها بأمانة ونجاح، من دون أن تتأثر بهوية من يتقلّدون المناصب الرسمية العليا، فيمكن التعرّف عليه كما يلي:
في ديسمبر/كانون أول 2002، حدد المؤتمر الوطني السادس عشر للحزب الشيوعي الصيني العام 2020 موعداً لتحقيق "مجتمع الرفاهية" في الصين، بحيث يكون: الاقتصاد متطوراً أكثر، والديمقراطية كاملة أكثر، والعلوم والتعليم متقدمة أكثر، والثقافة مزدهرة أكثر، والمجتمع متناغماً أكثر، وحياة أبناء الشعب رغيدة أكثر، وذلك تحضيراً لاكتمال التحديث، في أواسط القرن الحادي والعشرين، لتكون الصين "بلداً اشتراكياً حديثاً وقوياً وغنياً وديمقراطياً ومتحضراً".
وشرح "الكتاب الأبيض" الصادر عن مجلس الدولة الصيني (مجلس الوزراء)، في ديسمبر 2005، وعنوانه "طريق التنمية السلمية في الصين"، تلك الرؤية، بأنه بحلول العام 2020، سيتسع حجم أسواق الصين ومطالبها الإجمالية (جرى تقدير حجم تجارة الصين الخارجية في العام 2020 بنحو ألفي مليار دولار)، بحيث يمكن لجميع دول العالم أن تجد من خلال تبادل المنفعة مع الصين، فرصاً لتنميتها الخاصة، وفرصاً تجارية جبّارة، ما يسفر عن دور إيجابي مهم لتحريك نمو الاقتصاد الدولي.
وهذا معناه أن "الحلم الصيني" الذي تحدث عنه الرئيس شي يتمثل في إنجاز التنمية الداخلية، في دولةٍ ما تزال تعدّ نفسها، رسمياً، دولة نامية، بحيث يكون لها في مرحلة تالية تأثير واسع في السياسة الدولية، أي بعد نحو عقدين أو ثلاثة.
والحال أن الصين التي تُدار تحت شعار أيديولوجي، بفعل حكم الحزب الشيوعي للبلاد، إنما تتصرف على أساس براغماتي بيّن، بهدف تحقيق رؤيتها وأهدافها. هكذا، لا يكون ذا قيمة الحفاظ على تمثال ضخم لمؤسس الجمهورية وزعيمها الروحي الخالد، إذا كان وجوده سيعكّر صفو تنفيذ الخطط الاقتصادية والسياسية المقبلة، بما فيها الخطط التي تبنيها الحكومة على سماحها للعائلات الصينية بإنجاب مولود ثانٍ، والتوقف عن سياسة الابن الوحيد للعائلة، وهو القرار الذي جرى اتخاذه قبل أسابيع، إذ من المرجح أن المراد منه أن يصبّ في صالح زيادة الموارد البشرية للجيش الصيني، بعد نحو عقدين أو ثلاثة، بالتزامن مع اكتمال الحلم الصيني.
المعروف اليوم أنه ليست لدى الصين ثوابت أيديولوجية، سوى بحثها عن التقدم المطرد، وهذا يجعل تحطيم تمثال زعيم الصين الخالد مفهوماً حتى في ظل دولة شمولية.
يمكن، هنا، لفهم ما يجري في الصين، أن نستعيد ما قاله الرئيس، شي جين بينغ، في خطاب تنصيبه رئيساً، العام 2013، من أنه سيسعى، في فترة رئاسته، إلى تحقيق "الحلم الصيني". وحيث إن فترة رئاسة الرؤساء الصينيين، منذ ما بعد عهد الرئيس الإصلاحي، دينغ شياو بنغ، (1978-1992)، باتت تستمر عشر سنوات، فإن شي يعمل، حالياً، على تحقيق ذلك الحلم قبل حلول العام 2022 الذي يُفترض أن يسلم الرئاسة فيه لمن يأتي "دوره" بعده، على اعتبار أن تداول الرئاسة في الصين، داخل الحزب الحاكم، بات يشبه الدور: جيانغ زيمين (1992-2002)، ثم هو جينتاو (2002-2013) ، وبصورة تكون مقررة سلفاً.
أما "الحلم الصيني" المعلن حتى العام 2020، والمتضمَّن في خطة الصين الاستراتيجية التي تستمر حتى الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية الشعبية في العام 2049، ويجري تطبيقها بأمانة ونجاح، من دون أن تتأثر بهوية من يتقلّدون المناصب الرسمية العليا، فيمكن التعرّف عليه كما يلي:
في ديسمبر/كانون أول 2002، حدد المؤتمر الوطني السادس عشر للحزب الشيوعي الصيني العام 2020 موعداً لتحقيق "مجتمع الرفاهية" في الصين، بحيث يكون: الاقتصاد متطوراً أكثر، والديمقراطية كاملة أكثر، والعلوم والتعليم متقدمة أكثر، والثقافة مزدهرة أكثر، والمجتمع متناغماً أكثر، وحياة أبناء الشعب رغيدة أكثر، وذلك تحضيراً لاكتمال التحديث، في أواسط القرن الحادي والعشرين، لتكون الصين "بلداً اشتراكياً حديثاً وقوياً وغنياً وديمقراطياً ومتحضراً".
وشرح "الكتاب الأبيض" الصادر عن مجلس الدولة الصيني (مجلس الوزراء)، في ديسمبر 2005، وعنوانه "طريق التنمية السلمية في الصين"، تلك الرؤية، بأنه بحلول العام 2020، سيتسع حجم أسواق الصين ومطالبها الإجمالية (جرى تقدير حجم تجارة الصين الخارجية في العام 2020 بنحو ألفي مليار دولار)، بحيث يمكن لجميع دول العالم أن تجد من خلال تبادل المنفعة مع الصين، فرصاً لتنميتها الخاصة، وفرصاً تجارية جبّارة، ما يسفر عن دور إيجابي مهم لتحريك نمو الاقتصاد الدولي.
وهذا معناه أن "الحلم الصيني" الذي تحدث عنه الرئيس شي يتمثل في إنجاز التنمية الداخلية، في دولةٍ ما تزال تعدّ نفسها، رسمياً، دولة نامية، بحيث يكون لها في مرحلة تالية تأثير واسع في السياسة الدولية، أي بعد نحو عقدين أو ثلاثة.
والحال أن الصين التي تُدار تحت شعار أيديولوجي، بفعل حكم الحزب الشيوعي للبلاد، إنما تتصرف على أساس براغماتي بيّن، بهدف تحقيق رؤيتها وأهدافها. هكذا، لا يكون ذا قيمة الحفاظ على تمثال ضخم لمؤسس الجمهورية وزعيمها الروحي الخالد، إذا كان وجوده سيعكّر صفو تنفيذ الخطط الاقتصادية والسياسية المقبلة، بما فيها الخطط التي تبنيها الحكومة على سماحها للعائلات الصينية بإنجاب مولود ثانٍ، والتوقف عن سياسة الابن الوحيد للعائلة، وهو القرار الذي جرى اتخاذه قبل أسابيع، إذ من المرجح أن المراد منه أن يصبّ في صالح زيادة الموارد البشرية للجيش الصيني، بعد نحو عقدين أو ثلاثة، بالتزامن مع اكتمال الحلم الصيني.