في الوقت الذي أشارت فيه صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى الدور الذي تؤديه السعودية في محاولة تمرير الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة بـ"صفقة القرن"، حذّر الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك)، عامي أيالون، من أن ورشة البحرين، التي ستخصص للترويج للشق الاقتصادي من الخطة ستفضي إلى "كارثة استراتيجية" تتمثل في انفجار انتفاضة شعبية فلسطينية جديدة.
وأوضح أيالون، في مقال نشره موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت"، يوم الجمعة، أن كل محاولة لمعالجة الواقع الاقتصادي قبل معالجة القضايا السياسية للصراع سيحكم عليها بالفشل، وستفضي إلى تداعيات أمنية خطيرة.
ولفت إلى أن الإصرار على تقديم القضايا الاقتصادية على حل المركبات السياسية للصراع يعكس جهل طاقم مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعمق التزام الفلسطينيين بحقوقهم الوطنية.
وأضاف: "لو كان بالإمكان شراء الفلسطينيين بالإغراءات الاقتصادية بهدف دفعهم للتنازل عن تطلعاتهم الوطنية لكانت نجحت الكثير من المحاولات التي جرت في الماضي، والتي باءت جميعها بالفشل"، مؤكداً أن محاولة ابتزاز الفلسطينيين بالمال "ليست غير أخلاقية فقط، بل أيضاً غير عملية".
وحذّر الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الداخلية من أن ورشة البحرين ستعيد الفلسطينيين والإسرائيليين إلى الأخطاء الكبيرة ذاتها التي وقع فيها الطرفان عند صياغة اتفاقية أوسلو والاتفاقات الفرعية الأخرى، موضحاً أن هذه الاتفاقيات تجنبت التعرض للأبعاد السياسية للصراع ما أفضى في النهاية إلى اندلاع انتفاضة الأقصى، التي أودت بحياة آلاف الفلسطينيين ومئات الإسرائيليين.
وشدد على أنه من دون أن يتفق الطرفان (الفلسطيني والإسرائيلي) والوسيط الأميركي على أن الهدف النهائي لأي مفاوضات يتمثل في إنهاء الاحتلال، وتدشين دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، فلن يكتب لمؤتمر البحرين النجاح.
وشكك في دوافع طرح "صفقة القرن" من قبل ترامب، مشيراً إلى أن هناك ما يبعث على الشك بأن الرئيس الأميركي صمم الخطة، بحيث تسهم في تعزيز مكانة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الداخلية، وفي الوقت ذاته تظهر الفلسطينيين كرافضي سلام.
وأضاف أن كل زعيم إسرائيلي تعنيه مصالح إسرائيل وأمنها "عليه أن يطالب ترامب بالعدول عن فكرة السلام الاقتصادي بسبب تداعياتها الكارثية".
من جهة ثانية، قال معلق إسرائيلي إنّ السعودية تعد من الدول العربية الأكثر انغماساً في الجهود الهادفة إلى تمرير "صفقة القرن".
وبين، معلّق الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، تسفي بارئيل، أن إدارة ترامب كلفت السعودية بالضغط على كل من السلطة الفلسطينية والأردن لقبول الصفقة، مشيراً إلى أن واشنطن منحت الرياض تفويضاً لإعادة صياغة بعض بنود الصفقة عند طرحها على الفلسطينيين لضمان موافقتهم.
وفي مقال نشره موقع الصحيفة، اليوم، لفت بارئيل إلى أن الولايات المتحدة خططت لمنح السعودية دورا حاسما في إدارة مؤتمر البحرين، الذي سيعقد في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، والذي من المفترض أن يتم فيه الإعلان عن الصفقة.
واستدرك أن رفض الفلسطينيين المشاركة في المؤتمر جعل الدور المرسوم للسعودية غير ذي صلة، مشيراً إلى أن هذا المؤتمر بات ثانوياً.
بدوره، لفت المعلق في "هآرتس"، عاموس هارئيل، إلى أن قرار إجراء الانتخابات التشريعية في إسرائيل أسهم إلى حد كبير في المس بمكانة مؤتمر البحرين، لافتاً إلى أن إجراء الانتخابات في سبتمبر/أيلول المقبل ومهمة تشكيل الحكومة في أعقابها، يعنيان أن سُحبا من الشك باتت تحوم حول إمكانية طرح "صفقة القرن".
وفي مقال نشره موقع الصحيفة، اليوم، اعتبر هارئيل أن ما يزيد الأمور تعقيداً حقيقة أنه بعد تشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل سيشرع الرئيس ترامب في حملته الانتخابية، مما يعني أن طرح الصفقة بشكل عملي لن يتم إلا بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وفي حال حافظ ترامب على موقعه.