عادة ما ينتظر من الشعب عند نقطة معينة أن يرفض ما يقع عليه من ظلم ويثور. لكنّ الواقع يشير إلى أنّ ذلك الانتظار يبقى في مقام التنظير لا غير، إذ إنّ الثورة لم تكن يوماً، وفي أيّ بلد من البلدان، مسألة عامة يشترك فيها الجميع، بل على العكس من ذلك، هي اختصاص فئة قليلة من الناس رفضت في تلك النقطة ما يقع عليها من ظلم، فتمردت على الظالم وقالت تلك الـ"لا" الجليلة.
ربما يتبعها كثيرون، وعلى الأرجح لا يتبعها أحد. وربما تتمكن هذه الفئة من إسقاط الأنظمة، وعلى الأرجح يكون مصيرها الفناء وتبقى الأنظمة ويبقى الظلم على غيرها ممن اعتاد عليه ولم يشعر يوماً بوطأته، لظروف عديدة أشهرها ما يسلّم أنّ الدنيا مذ كانت هي على هذه الحال وستبقى.
هو لا يصل إلى هذا التعليل حتى، بل يعيش تحت وطأة الظلم مهما كانت قاسية ويكيّف نفسه عليه، حتى تتحول الحقوق المفترضة له إلى مجرد خيال لا يمسّ واقعه، فإذا شذّ أحدهم على ذلك وطالب بمثل هذه الحقوق أسبغت عليه كثير من صفات الجحود والخروج عن الملّة.
لكنّ الواقع بتاريخه يشهد أيضاً على تلك الفئة القليلة التي قالت الـ"لا" وتحملت النتائج مهما كانت. تلك الـ"لا" التي تعني كما يقول عنها ألبير كامو في كتابه "الإنسان المتمرد" على لسان الأخير، أنّ "هناك حداً يجب ألا تتخطاه" وأنّ "الأمور استمرت أكثر مما يجب".
هذا الحدّ اعتاد تخطيه أهل السلطة في لبنان في حقّ المواطنين، واستمرت الأمور أكثر مما يجب بكثير. بل أخضعوا الشعب بكامله لتدجين مستدام، ليّن طبائعهم وطوّعهم وأخضعهم، كما يحدد المعجم معاني التدجين. لكنّ المتمردين لم يعرفوا يوماً طريقاً لتمردهم غير ذلك الذي يحاول أن يصل بهم إلى السلطة بنفس الشروط القائمة، فإذا توصلوا إلى تلك السلطة عادوا هم أنفسهم إلى تدجين الشعب واستعباده مجدداً، كما تشهد الدول البائدة، وتلك المقامة على أنقاضها، في لبنان وغيره.
الانتخابات البرلمانية تقترب. القوائم الانتخابية شُكلت. التحالفات تثير دهشة من يظنّ أنّ أهل السلطة خصوم لبعضهم البعض. الحملات احتدمت... والتدجين مستمر في كلّ مرحلة من المراحل ومفترق من المفترقات.
اقــرأ أيضاً
فما التمرّد؟ وأين تلك الـ"لا" في حالتنا؟
إيصال معارض إلى البرلمان لن يفيد في شيء طالما أنّ منظومة الفساد هي التي تحكم هذه البلاد، وطالما أنّه مجبر على الانصياع إلى هذه المنظومة أو تهميش نفسه ليبقى ممثلاً عن من انتخبوه بالاسم لا أكثر.
إسقاط ورقة بيضاء في صندوق الانتخاب تعبيراً عن رفض، بالترافق مع التشديد على ممارسة الحق الديموقراطي، سيجيّر الصوت الأبيض بحسب القانون الانتخابي الحالي إلى قوائم السلطة.
لعلّ مقاطعة الانتخابات وحدها تعبر عن التمرد هذه المرة. لا مشروع انتخابياً لها، ولا بدائل عن سلطة مهترئة، ولا تواصل بين معتنقيها. لكنّها بعيدة عن كلّ هذه المهزلة.
ربما يتبعها كثيرون، وعلى الأرجح لا يتبعها أحد. وربما تتمكن هذه الفئة من إسقاط الأنظمة، وعلى الأرجح يكون مصيرها الفناء وتبقى الأنظمة ويبقى الظلم على غيرها ممن اعتاد عليه ولم يشعر يوماً بوطأته، لظروف عديدة أشهرها ما يسلّم أنّ الدنيا مذ كانت هي على هذه الحال وستبقى.
هو لا يصل إلى هذا التعليل حتى، بل يعيش تحت وطأة الظلم مهما كانت قاسية ويكيّف نفسه عليه، حتى تتحول الحقوق المفترضة له إلى مجرد خيال لا يمسّ واقعه، فإذا شذّ أحدهم على ذلك وطالب بمثل هذه الحقوق أسبغت عليه كثير من صفات الجحود والخروج عن الملّة.
لكنّ الواقع بتاريخه يشهد أيضاً على تلك الفئة القليلة التي قالت الـ"لا" وتحملت النتائج مهما كانت. تلك الـ"لا" التي تعني كما يقول عنها ألبير كامو في كتابه "الإنسان المتمرد" على لسان الأخير، أنّ "هناك حداً يجب ألا تتخطاه" وأنّ "الأمور استمرت أكثر مما يجب".
هذا الحدّ اعتاد تخطيه أهل السلطة في لبنان في حقّ المواطنين، واستمرت الأمور أكثر مما يجب بكثير. بل أخضعوا الشعب بكامله لتدجين مستدام، ليّن طبائعهم وطوّعهم وأخضعهم، كما يحدد المعجم معاني التدجين. لكنّ المتمردين لم يعرفوا يوماً طريقاً لتمردهم غير ذلك الذي يحاول أن يصل بهم إلى السلطة بنفس الشروط القائمة، فإذا توصلوا إلى تلك السلطة عادوا هم أنفسهم إلى تدجين الشعب واستعباده مجدداً، كما تشهد الدول البائدة، وتلك المقامة على أنقاضها، في لبنان وغيره.
الانتخابات البرلمانية تقترب. القوائم الانتخابية شُكلت. التحالفات تثير دهشة من يظنّ أنّ أهل السلطة خصوم لبعضهم البعض. الحملات احتدمت... والتدجين مستمر في كلّ مرحلة من المراحل ومفترق من المفترقات.
فما التمرّد؟ وأين تلك الـ"لا" في حالتنا؟
إيصال معارض إلى البرلمان لن يفيد في شيء طالما أنّ منظومة الفساد هي التي تحكم هذه البلاد، وطالما أنّه مجبر على الانصياع إلى هذه المنظومة أو تهميش نفسه ليبقى ممثلاً عن من انتخبوه بالاسم لا أكثر.
إسقاط ورقة بيضاء في صندوق الانتخاب تعبيراً عن رفض، بالترافق مع التشديد على ممارسة الحق الديموقراطي، سيجيّر الصوت الأبيض بحسب القانون الانتخابي الحالي إلى قوائم السلطة.
لعلّ مقاطعة الانتخابات وحدها تعبر عن التمرد هذه المرة. لا مشروع انتخابياً لها، ولا بدائل عن سلطة مهترئة، ولا تواصل بين معتنقيها. لكنّها بعيدة عن كلّ هذه المهزلة.