تتأكّد يوماً بعد يوم، أهداف تدخل روسيا في سورية من خلال المواقع التي تستهدفها غاراتها لليوم الرابع على التوالي، إذ استهدفت بشكل أساسي مناطق سيطرة المعارضة السورية في أرياف حمص وحماة واللاذقية وإدلب.
اقرأ أيضاً: خالد الدخيل لـ"العربي الجديد": روسيا لن تنجح حيث فشلت أميركا
وبعد يوم واحد من استهداف الطيران الروسي لمستشفى ميداني في بلدة اللطامنة بريف حماة الشمالي، واستهدافه لمنظومة "أورينت" الإسعافية في قرية بينين في جبل الزاوية بريف إدلب، واستهدافه مساء الجمعة طريقاً يخدم مخيمات نازحين يصل بين بلدتي الغدفة ومعرشورين قرب مدينة معرة النعمان، بدأ الطيران الروسي غاراته أمس السبت باستهداف مستشفى في ريف اللاذقية، ونقاط يقيم فيها نازحون في ريف إدلب، ما يدل على أن القصف الروسي يستهدف تدمير البنية التحتية التي تقوم عليها المؤسسات التابعة للمعارضة في المناطق التي تسيطر عليها، خصوصاً في المناطق التي يتوقع أن تشنّ فيها قوات النظام السوري هجوماً برّياً معاكساً، وهي مناطق ريف اللاذقية وريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، بهدف استعادة السيطرة على هذه المناطق لتأمين مناطق سيطرة النظام السوري في الساحل السوري ووسط سورية.
وأكّد الناشط الإعلامي حسام الجبلاوي لـ"العربي الجديد" أنّ "الطيران الحربي الروسي قصف صباح السبت مستشفى بقرية البرناص" بريف اللاذقية الشمالي الشرقي، والتي تبعد عن الشريط الحدودي مع تركيا نحو 2 كيلومتر فقط، وكانت تعتبر بالنسبة للمدنيين من المناطق الآمنة التي لا يطاولها القصف الجوي، كونها متاخمة للشريط الحدودي.
وقال الناشط الإعلامي الذي ينحدر من ريف اللاذقية، إن "مشفى برناص الذي طاوله القصف، هو تخصصي بالدرجة الأولى في الأمراض النسائية والتوليد ويحوي حاضنات أطفال، وكان يقدّم الخدمات لآلاف المدنيين من سكان جبلي التركمان والأكراد بريف المحافظة".
ولم يتبين حتى اللحظة ما إذا كان القصف قد أوقع ضحايا، لكن أغلب المعلومات الواردة حتى الآن، تتحدث عن أضرار مادية كبيرة في المستشفى، إذ يبدو أن القصف أصاب أطرافه.
وكانت الغارات الروسية قد استهدفت مقرّاً للفرقة الساحلية الأولى التابعة للجيش الحر، الجمعة. وأكد ناشطون في المنطقة، أن "المقرّ المستهدف كان مخصصاً لخدمة اللاجئين بريف اللاذقية وتأمين احتياجاتهم فقط، وهو غير معد أساساً للاستخدام العسكري".
كما استهدف الطيران الروسي نقاطاً تخدم مخيما للنازحين السوريين في قرية اليمضية بريف اللاذقية الشمالي قرب الحدود السورية التركية.
ومن خلال أهداف الغارات الروسية، يتبين أن موسكو أخذت على عاتقها مهمة تدمير النقاط الخدمية التي تقيمها المعارضة السورية قرب الحدود السورية التركية، بهدف تحييد طيران النظام السوري عن قصفها، نظراً للحرج الكبير الذي تواجهه تركيا في حال فكرت بإسقاط طائرة روسية بسبب اقترابها من الحدود المشتركة مع سورية، على عكس الحال فيما إذا كانت هذه الطائرات سورية، والتي أسقطت الدفاعات الجوية التركية عدداً منها في وقت سابق.
وفي ريف إدلب، استهدفت أربع غارات للطيران الروسي منطقة قرب بلدة إحسم بجبل الزاوية، ومكانا لإقامة النازحين، ما أسفر عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن أربعة أشخاص، ثم استهدفت الطائرات الروسية فرق الدفاع المدني والإسعاف التي هرعت إلى المكان لإنقاذ الجرحى.
كما استهدف الطيران الروسي نقاطاً تابعة لقوات المعارضة عند أطراف بلدة البارة في منطقة جبل الزاوية. ولم يسفر القصف عن وقوع إصابات بسبب إفراغ قوات المعارضة لمقراتها العسكرية في المنطقة خوفاً من استهداف الطيران الروسي لها لتنتقل إلى مقرات بديلة.
ويغير هذا الانتقال لقوات المعارضة إلى مقرات في الجبال من وضعها الميداني الذي كانت تتحكم من خلاله بالطرقات في المناطق التي تسيطر عليها وتشرف على عمل المؤسسات الأمنية والخدمية، الأمر الذي سيزيد من فرصة قوات النظام السوري لإحداث اختراقات أمنية في مناطق سيطرة المعارضة السورية.
كما أن انسحاب قوات المعارضة السورية من مقراتها في المدن والبلدات بمناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها سيعني توريط الطيران الروسي بارتكاب مجازر بحق المدنيين إذا أصر على استهداف المناطق السكنية التي كانت توجد بها مقرات للمعارضة السورية.
ويزيد ذلك من احتمال أن يكون لدى روسيا عزم على اتباع سياسة الأرض المحروقة من خلال استهداف مناطق المعارضة السورية تمهيداً لعملية عسكرية تشنها قوات النظام السوري مدعومة بقوات حزب الله اللبناني والمليشيات المحلية والأجنبية الموالية للنظام، تهدف من خلالها إلى استعادة السيطرة على منطقة جبل التركمان بريف اللاذقية الشمالي ومنطقة سهل الغاب بريف حماة، وصولاً إلى منطقة جسر الشغور بريف إدلب الغربي.
ويرجح هذا الاحتمال التحركات العسكرية التي شهدتها مناطق الاشتباكات في ريف اللاذقية وسهل الغاب، حيث عزّز النظام السوري من قواته المنتشرة هناك بمزيد من راجمات الصواريخ والمدرعات، والتي بدأت بشكل فعلي باستهداف مناطق سيطرة المعارضة المواجهة لمناطق تواجدها بالصواريخ وقذائف المدفعية بشكل يومي.
وعلى الرغم من تأكيد المصادر المحلية لخريطة الأهداف الروسية هذه، غير أنّ وزارة الدفاع والجيش الروسيين أعلنا عن استهداف مراكز لـ"داعش".
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الغارات الروسية دمرت مركزاً للقيادة وتحصينات تحت الأرض تابعة لتنظيم "داعش" بالقرب من معقله في الرقة. وأضافت أنه "خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، قامت مقاتلات (أس يو 34) و(أس يو 24 أم) ضمن التشكيل الروسي الجوي في سورية بأكثر من عشرين طلعة فوق تسع منشآت للبنى التحتية تابعة لتنظيم "داعش"، مشيرةً إلى تدمير مركز للقيادة في الرقة، بالإضافة إلى تحصينات تحت الأرض تستخدم لتخزين متفجرات.
وفي وقت لاحق، أعلن الجيش الروسي أن "سلاح الجو نفذ أكثر من 60 طلعة جوية في سورية خلال 72 ساعة".
وأضاف الجيش الروسي، بحسب ما نقلت عنه وكالة "إنترفاكس"، أن "موسكو مهتمة بتنسيق التحركات ضد الإرهابيين في سورية"، وأن "الجيش الروسي سيزيد ضرباته الجوية على الإرهابيين". وأوضح أنه "أوصى الولايات المتحدة بوقف طلعاتها الجوية في مناطق عمل سلاح الجو الروسي"، وأنه "حذر الولايات المتحدة قبل شن ضربات جوية على "داعش"، بحسب زعمه.
من جهته، دعا الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، جامعة الدول العربية إلى عقد جلسة طارئة لبحث العدوان العسكري الروسي على الشعب السوري، وتقرير التدابير اللازمة لدفع هذا الاعتداء. وجاء ذلك خلال رسالة بعث بها رئيس الائتلاف خالد خوجة للأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي.
وجاء في الرسالة أن "هذا الاحتلال والتدخل الروسي العلني في سورية يعتبر نسفاً لقرارات مجلس الأمن، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارات جامعة الدول العربية، خصوصاً بيان جنيف، ويدمر كل جهود الحل السياسي في سورية، ويهدد الأمن، والسلم الدوليين، كما أنه يهدد الأمن القومي العربي".
وطلب من المجتمع الدولي إدانة التدخل الروسي الذي اعتبره عدواناً سافراً، كما طالب بخروج كافة القوات الأجنبية من سورية، (الروسية والإيرانية إلى جانب تنظيم "داعش" ومليشيا حزب الله الإرهابي والمليشيات الطائفية)"، بحسب ما جاء في نص الرسالة.
اقرأ أيضاً: معارضون سوريون يدعون لموقف عربي موحد تجاه الغارات الروسية