ولعل السبب الأبرز في تنامي هذا الشعور هو فشل تلك الفصائل في إدارة شؤون المواطنين وتسخير تلك الخدمات لتحقيق أكبر عدد من المكاسب لها على حساب المواطنين من خلال الاستثمار في تلك الخدمات، واعتمادها مبدأ التزكية بدلاً من مبدأ اعتماد الكفاءات في إدارة المؤسسات الخدمية. وما زاد الطين بلة، الصراعات التي بدأت تظهر بين الفصائل نفسها على كسب أكبر قدر ممكن من الأموال من خلال استثمار تلك الخدمات، والتي كان أبرزها الخلاف بين هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام على تزويد المواطنين بالكهرباء، والذي انتهى بتفجير محطات التحويل وقطع الكهرباء نهائياً عنهم، بالإضافة إلى الخلافات بين هذين الفصيلين على استثمار قسم من الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها بالقرب من بلدة الفوعة والتي تم تأجيرها لمزارعين ومن ثم طردهم منها بعد أن دفعوا أجورها لمدة عامين بسبب تبدل تبعيتها من سيطرة فصيل إلى فصيل آخر.
وعلى مستوى عناصر تلك الفصائل، الذين هم جزء من سكان تلك المناطق، يبدو أن تراجع الاهتمام العقائدي لدى الفصائل وضمها مكونات متباينة الإيديولوجيا، بالإضافة إلى تأثرها بمعاناة السكان من تلك الفصائل، قد خلقت تراجعاً كبيراً لدى تلك العناصر في الولاء للفصيل وانحيازها للموقف الشعبي على حساب موقف الفصيل، فبدأنا نسمع انتقادات شديدة للفصائل من داخل مقراتها لم نكن نسمعها من قبل، الأمر الذي يبشّر بظهور نوع من الوعي لدى كل السكان يؤيد مصلحة الناس، بعيداً عن التعصب الأعمى لاسم الفصيل.