دخل الرئيسان السابق باراك أوباما والحالي دونالد ترامب في سجال حول حقيقة إنجازات الاقتصاد الأميركي الأخيرة ومعدلات النمو المحققة، خاصة على مستوى الوظائف، ففيما يردّد دونالد ترامب في تصريحاته وتغريداته النارية أن الأداء الاقتصادي القوي للبلاد من إنجازاته، مقلّلا من أهمية إرث سلفه باراك أوباما الذي كان في المنصب خلال معظم فترة التحسن الاقتصادي، يرى أوباما عكس ذلك، ويؤكد أن أرقام الاقتصاد المحققة هي نفسها التي تم تحقيقها في بعض سنوات ولايته.
وبعد نشر أرقام الاقتصاد القوية يوم الجمعة الماضية، وبينما باتت انتخابات منتصف الولاية على الأبواب بعد ستين يوما فقط، ظلّ ترامب يشنّ حملته طيلة نهاية الأسبوع الماضي وصباح أمس الإثنين.
وكتب ترامب في تغريدة الإثنين أنّ "الاقتصاد جيد جدا وربما في أفضل وضع في تاريخ البلاد"، مضيفا بعدها أنه وراء نمو إجمالي الناتج الداخلي إلى أكثر من 4.2%.
وقال: "سنقوم بأفضل من ذلك بكثير!".
كما كتب ترامب أن نمو إجمالي الناتج الداخلي فاق معدل البطالة "للمرة الاولى منذ مائة سنة"، لكن الأرقام الرسمية أظهرت أن ذلك حصل مرات عديدة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقد أقر البيت الأبيض الإثنين بأن التغريدة غير دقيقة.
وفي عرض مفصّل الإثنين، أعلن كبير اقتصاديي البيت الأبيض كيفن هاسيت أمام صحافيين أن أكبر اقتصاد في العالم شهد منعطفا منذ وصول ترامب إلى الحكم، مشيرا إلى تحسن كبير على صعيد استثمارات مشاريع الأعمال وشعور أوساط الأعمال وتسجيل الشركات.
وقال هاسيت إنه "ليس من الممكن أن ندعم كثيرا فكرة أنّ ما نشهده الآن هو استمرار لميل سابق".
أوباما يرد
من جانبه دعا أوباما، الجمعة، البيت الأبيض إلى التوقف عن الادعاء بأن الفضل يعود إلى ترامب في نمو الاقتصاد، وقال في كلمة في إيلينوي: "عليّ أن أذكرهم في الواقع بأن أرقام الوظائف هي نفسها التي كانت عليه في 2015 و2016".
وأعلن جاريد بيرنستين الذي كان كبير اقتصاديي نائب الرئيس السابق جو بايدن، أن الخفوضات الضريبية والتحفيز الذي موّله ترامب من عجز الخزانة ساهما على الأرجح في تعزيز النمو على المدى القصير.
وتابع بيرنستين أن ترامب يستفيد إلى حد كبير مما حققه أوباما وقال: "البيانات واضحة بأن النمو بدأ في عهد أوباما... وسنرى أن ترامب يسير على الخط الذي ورثه" من سلفه.
كما أشار بيرنستين إلى أنه لم يتم تقاسم ثمار التحسن الاقتصادي بشكل منصف، فمنذ تولى ترامب منصبه ارتفعت أرباح الشركات بعد تسديد الضرائب بـ15% كما تحسن مؤشر "إس آند بي 500" لأسعار الأسهم في بورصة وول ستريت بـ20%.في المقابل، لم يتحسن متوسط رواتب الأجور في الساعة سوى بمقدار 0.5%.
وعلق بيرنستين: "وعليه فإن غالبية النمو تمتصه أرباح الشركات لا رواتب الموظفين". وختم بالقول إنه "عندما يسألني الناس كيف وضع الاقتصاد؟ أسألهم عن أي اقتصاد تتحدثون؟".
دور مشترك
وقال خبراء اقتصاديون لـ"فرانس برس" إن الحقيقة أقرب إلى الوسط، فأي من الرئيسين لا يعود له وحده فضل التوسع، لكن كلاهما يستحق بعض التقدير على التحسن الاقتصادي الذي بدأ بدون أي شك في عهد أوباما.
وعلق دوغلاس هولتز إيكن المدير السابق لمكتب موازنة الكونغرس ومستشار المرشح الجمهوري السابق جون ماكين: "بالنظر إلى الرئيسين المعنيين، المواجهة كانت ستقع سواء حصل تحسن اقتصادي أو لا".
وتابع هولتز إيكن: "لا شك في أن الفضل مشترك، فأوباما تولى منصبه خلال أسوأ أداء لاقتصاد البلاد منذ الركود الكبير"، "في الوقت نفسه، ألغى ترامب تشريعات لإعطاء دفع للشركات.
ويضيف هولتز: "أما معدل البطالة فهو قريب من أدنى نسبة منذ عشرين عاما لكن أكبر تراجع له كان خلال عهد أوباما، سجل الاقتصاد نموا بـ 4.2% في الربع الثاني من 2018 وهو الأسرع منذ الربع الثالث للعام 2014 عندما كان أوباما رئيسا".
ويتوقع صندوق النقد الدولي حاليا نموا بنسبة 2.9% للعامين الحالي والمقبل، ما يجعلها أطول فترة نمو اقتصادي في تاريخ الولايات المتحدة، وفي آب/ أغسطس الماضي، أظهر استطلاع لجامعة كوينيبياك أن الرأي العام بدأ في إعطاء فضل متزايد لترامب مع 52% بينما 37% فقط أعطوا الفضل في التحسن الاقتصادي إلى أوباما.
(فرانس برس، العربي الجديد)