30 أكتوبر 2024
ترامب في عيني إسرائيل
لعلّ أهم سمةٍ يخصّ بها صهاينة إسرائيليون كثيرون الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أنه متماهٍ حتى النخاع مع الرواية التاريخية الصهيونية، لناحية الجزم بأن فلسطين هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي. هذا ما يتكرّر في جلّ التعليقات الجديدة - القديمة بشأن ماهية العلاقات بين دولة الاحتلال والولايات المتحدة، سواء ارتباطاً بما تسمّى "صفقة القرن"، أو حيال الاستنتاج المُشتهى من وقائع "المنتدى الدولي للهولوكوست" الذي عقد في القدس أخيراً بمشاركة زعماء وقادة نحو 40 دولة.
وفي ما يتعلق بترامب، على وجه التحديد، يُشار، كما يُستشف من عدة تعليقات، إلى ما يوصف بأنه انقلاب على طروحات للرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، في ما يتعلق بـ"جوهر الحق اليهودي في فلسطين"، وردت، بادئ ذي بدء، في الخطاب الذي ألقاه في جامعة القاهرة، يوم 4 يونيو/ حزيران 2009، ولمّح، في ثناياه، إلى أن إقامة إسرائيل لا تعدو كونها أحد استحقاقات "العذابات اليهودية" التي بلغت ذروتها في المحرقة النازية.
وللتذكير ما زال خطاب أوباما هذا يوصف في إسرائيل بأنه مندرج ضمن مظاهر معاداة السامية التي أصبحت، في عرف كثيرين، تعادل مناهضة الصهيونية، كونه لم يعتبر "الحقوق التاريخية لليهود" بمثابة المبرّر الرئيس لشرعية إقامة إسرائيل، والذي ينبغي أن يحظى بأولويةٍ غير قابلة للتأويل على أي ظروف أو أوضاع أخرى وقفت وراء إقامتها من وجهة النظر السياسية - التاريخية، وفي مقدمها قرار التقسيم الأممي من عام 1947، وما ساهمت الهولوكوست فيه من تأثيرٍ في الاصطفاف الدولي المؤيد ذلك القرار.
وأثار تلميح أوباما هذا في حينه موجةً من الجدل في الخطاب السياسي الإسرائيلي، سرعان ما انعكس في الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في جامعة بار إيلان، يوم 14 يونيو/ حزيران 2009، واعتبر بأنه، بالحدّ الأقصى، كان بمنزلة ردّ على خطاب أوباما السالف.
وبالعودة إلى ما قاله نتنياهو في هذا الخطاب، نطالع: "إن حق الشعب اليهودي في أن تكون له دولة في أرض إسرائيل (فلسطين) لا ينبع من سلسلة الويلات التي ابتُلي بها. صحيحٌ أن اليهود تعرّضوا خلال ألفي عام لمعاناةٍ فظيعةٍ تتمثل في عمليات الترحيل والمذابح والافتراءات والقتل، ما بلغ ذروته في المحرقة النازية التي لم يكن لها مثيل أو نظير في تاريخ الأمم والشعوب. وهناك من يقول إنه لولا وقوع المحرقة لما كانت دولة إسرائيل ستقوم، لكنني أقول إنه لو قامت دولة إسرائيل في موعدها لما كانت المحرقة ستقع أصلاً. إن المآسي الناتجة عن عجز الشعب اليهودي توضح سبب احتياج شعبنا إلى قوة حامية سيادية تتبع له. غير أن حقنا في إقامة دولتنا هنا في أرض إسرائيل مردّه حقيقة واحدة بسيطة: إن هذه الأرض هي وطن الشعب اليهودي وهنا نشأت هويتنا، كما قال ذلك رئيس الحكومة الأول، ديفيد بن غوريون، لدى إعلانه عن إقامة الدولة".
لكن الجدل لم يتوقف عند ما قاله نتنياهو فحسب، بل أيضاً سُمعت أصواتٌ أخرى أنحت باللائمة على الحكومة الإسرائيلية، واتهمتها بالقصور في إقناع الإدارة الأميركية السابقة بأن حق دولة الاحتلال في الوجود مُستمدٌّ بالأساس، بل وحصرياً، من حق اليهود التاريخي في فلسطين، باعتبارها وطنهم القومي الأصلي. وبلغ الأمر بوزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه آرينز، أن عزا جوهر الخلافات بين إسرائيل وإدارة أوباما إلى عدم فهم أصحاب القرار في البيت الأبيض مركزية هذا الحق في مبادئ الصهيونية ومبرّرات إقامة إسرائيل، ونزوع هؤلاء إلى الاعتقاد بأن الهولوكوست كانت العامل المركزي وراء إقامتها.
وربما تعكس جملة واحدة وردت في تصريحات نتنياهو، خلال آخر اجتماع بينه وبين ترامب، مبلغ قيمة هذا الأخير في عينَي إسرائيل، وهي الجملة التي أشار فيها إلى أن أهم ما قام به الرئيس الأميركي من أجل دولة الاحتلال "اعترافه بحقوق اليهود على يهودا والسامرة - القلب النابض لوطنهم التوراتي".
وللتذكير ما زال خطاب أوباما هذا يوصف في إسرائيل بأنه مندرج ضمن مظاهر معاداة السامية التي أصبحت، في عرف كثيرين، تعادل مناهضة الصهيونية، كونه لم يعتبر "الحقوق التاريخية لليهود" بمثابة المبرّر الرئيس لشرعية إقامة إسرائيل، والذي ينبغي أن يحظى بأولويةٍ غير قابلة للتأويل على أي ظروف أو أوضاع أخرى وقفت وراء إقامتها من وجهة النظر السياسية - التاريخية، وفي مقدمها قرار التقسيم الأممي من عام 1947، وما ساهمت الهولوكوست فيه من تأثيرٍ في الاصطفاف الدولي المؤيد ذلك القرار.
وأثار تلميح أوباما هذا في حينه موجةً من الجدل في الخطاب السياسي الإسرائيلي، سرعان ما انعكس في الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في جامعة بار إيلان، يوم 14 يونيو/ حزيران 2009، واعتبر بأنه، بالحدّ الأقصى، كان بمنزلة ردّ على خطاب أوباما السالف.
وبالعودة إلى ما قاله نتنياهو في هذا الخطاب، نطالع: "إن حق الشعب اليهودي في أن تكون له دولة في أرض إسرائيل (فلسطين) لا ينبع من سلسلة الويلات التي ابتُلي بها. صحيحٌ أن اليهود تعرّضوا خلال ألفي عام لمعاناةٍ فظيعةٍ تتمثل في عمليات الترحيل والمذابح والافتراءات والقتل، ما بلغ ذروته في المحرقة النازية التي لم يكن لها مثيل أو نظير في تاريخ الأمم والشعوب. وهناك من يقول إنه لولا وقوع المحرقة لما كانت دولة إسرائيل ستقوم، لكنني أقول إنه لو قامت دولة إسرائيل في موعدها لما كانت المحرقة ستقع أصلاً. إن المآسي الناتجة عن عجز الشعب اليهودي توضح سبب احتياج شعبنا إلى قوة حامية سيادية تتبع له. غير أن حقنا في إقامة دولتنا هنا في أرض إسرائيل مردّه حقيقة واحدة بسيطة: إن هذه الأرض هي وطن الشعب اليهودي وهنا نشأت هويتنا، كما قال ذلك رئيس الحكومة الأول، ديفيد بن غوريون، لدى إعلانه عن إقامة الدولة".
لكن الجدل لم يتوقف عند ما قاله نتنياهو فحسب، بل أيضاً سُمعت أصواتٌ أخرى أنحت باللائمة على الحكومة الإسرائيلية، واتهمتها بالقصور في إقناع الإدارة الأميركية السابقة بأن حق دولة الاحتلال في الوجود مُستمدٌّ بالأساس، بل وحصرياً، من حق اليهود التاريخي في فلسطين، باعتبارها وطنهم القومي الأصلي. وبلغ الأمر بوزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، موشيه آرينز، أن عزا جوهر الخلافات بين إسرائيل وإدارة أوباما إلى عدم فهم أصحاب القرار في البيت الأبيض مركزية هذا الحق في مبادئ الصهيونية ومبرّرات إقامة إسرائيل، ونزوع هؤلاء إلى الاعتقاد بأن الهولوكوست كانت العامل المركزي وراء إقامتها.
وربما تعكس جملة واحدة وردت في تصريحات نتنياهو، خلال آخر اجتماع بينه وبين ترامب، مبلغ قيمة هذا الأخير في عينَي إسرائيل، وهي الجملة التي أشار فيها إلى أن أهم ما قام به الرئيس الأميركي من أجل دولة الاحتلال "اعترافه بحقوق اليهود على يهودا والسامرة - القلب النابض لوطنهم التوراتي".