من الملاحظ أن تزايد التوتر في البيت الأبيض، بسبب التحقيقات بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، يواكبه توتير وتلويح بالتصعيد مع الخارج. تزامن لافت ربما لا يكون صدفة، ويحمل على الاعتقاد بوجود علاقة بين الاثنين، بحيث يبدو وكأن هناك تمهيدًا لجعل الثاني مخرج هروب من الأول، مع أن لبعض خطاب التشدد الأميركي ما يبرره؛ مثل التهويل باستخدام القوة ضد كوريا الشمالية لمواصلتها التحدي بتجاربها الصاروخية، وبخاصة الباليستية الأخيرة.
وإذا كانت الصين قد لعبت دور صمام الأمان لضبط وتعطيل خطر الصدام في شبه الجزيرة الكورية، إلا أن مثل هذا الكابح غير متوفر في ساحات أخرى مثل الشرق الأوسط، وتحديداً في عملية تسخين الملف الإيراني، الجارية في الآونة الأخيرة. ارتفاع وتيرة خطاب التحذير تجاه طهران، ليس بجديد، وقد أخذ دفعة من الزخم مع مجيء إدارة دونالد ترامب، الرئيس الذي يقف ضد الاتفاق النووي مع إيران منذ البداية، وقد سبق أن وعد خلال الحملة الانتخابية "بتمزيقه" لو فاز بالرئاسة.
فريق الأمن القومي، وبالذات وزير الدفاع، جيمس ماتيس، حمله على صرف النظر عن موقفه "طالما بقيت إيران تنفذ التزاماتها" التي حددها الاتفاق. لكن هذا الموقف أخذ في الآونة الأخيرة دفعة من التصعيد، بالرغم من أن إيران ملتزمة بشروط التنفيذ، وذلك بشهادة الجهات الأميركية المعنية بالموضوع. وزارة الخارجية اعترفت بذلك في آخر تقرير دوري ترفعه كل 90 يومًا إلى الكونغرس لوضعه في صورة التطبيق. بيد أن الرئيس وافق وزارة الخارجية على مضض، وأشار إلى أنه لا ينبغي توقع موافقته لاحقاً على مثل هذا التقييم. كلام جرى اعتباره بمثابة مقدمة للإطاحة بالاتفاق، إذا اقتضى الأمر. ولتكون الرسالة واضحة، أرفق ذلك بعقوبات جديدة، على أساس أن إيران "خالفت روح الاتفاق"، كما قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية، وقبلها البيت الأبيض. وقد آزرت الإدارة في ذلك مجموعة من الجمهوريين في مجلس الشيوخ، من خلال إعداد حزمة عقوبات أخرى، ودعوا الرئيس إلى المزيد من التشدد مع طهران.
اقــرأ أيضاً
بموازاة هذا التعنيف، عادت أصوات معروفة في أوساط المراقبين ووسائل الإعلام إلى لغة التحريض في هذا الاتجاه، وإلى مطالبة الإدارة بمغادرة الخط الموروث، واعتماد سياسة أكثر حزماً مع إيران. وبقطع النظر عن المآخذ الأميركية الكثيرة على طهران، إلا أن نبرة هذا الخطاب أثارت قلق جهات مختلفة سارعت إلى التنبيه من مخاطر التمادي في هذا التوجه "الذي قد ينتهي إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط، هي آخر ما تحتاجه الولايات المتحدة"، كما حذرت صحيفة "نيويورك تايمز".
ولا تقتصر التحذيرات على أوساط معارضة للرئيس ترامب، بل شملت أخرى وقفت ولا تزال إلى جانبه. "نيويورك تايمز" أفردت افتتاحية في هذا الخصوص، دعت فيها إلى "تجنب الحرب مع إيران"، مع التذكير بخطيئة حرب العراق، ووجوب تلافي سلوك المنزلق نفسه، واللجوء بدلاً من ذلك "إلى فتح حوار" مع طهران. وبمثل هذه اللغة وأكثر، سارعت أصوات مناصرة للرئيس لتحذيره من عواقب الانجرار وراء دعوات "المحافظين الجدد وإسرائيل وصقور الكونغرس من الحزبين والسعودية" لفتح مواجهة مع إيران، كما يقول باتريك بيوكانن، المرشح الرئاسي السابق وأحد أبرز رموز التيار المحافظ المناوئ للتدخل العسكري في الخارج.
خيار الحرب، خاصة في الشرق الأوسط، ترفضه غالبية الأميركيين التي اكتوت بتجربة العراق. الفريق المحرّض على الصدام يتغذى في شحنه للأجواء، من النفور السائد في الساحة الأميركية تجاه إيران. لكن هذا لا يكفي؛ فالخشية لدى المتخوفين هي أن يندمج هذا النفخ مع السعي لزيادة التأزم مع إيران، بغية صرف النظر عن التحقيقات الجارية في الملف الروسي والتي تتسارع المؤشرات إلى اقترابها من فضح المخفي الخطير ربما، في طياته. الضغوط في هذا الشأن تتزايد، والبيت الأبيض يبحث، كما تردد اليوم، في إمكانية "منح عفو لمعاونيه المستهدفين بالتحقيق كما لنفسه" بهدف طي هذا الملف والخلاص من صداعاته. وسيلة غير مألوفة وقد لا يسوغها القانون، رغم امتلاك الرئيس لامتياز منح العفو. هل في هذه الحالة يصبح اللجوء إلى تصدير الأزمة إلى الخارج حاجة ضاغطة؟
وإذا كانت الصين قد لعبت دور صمام الأمان لضبط وتعطيل خطر الصدام في شبه الجزيرة الكورية، إلا أن مثل هذا الكابح غير متوفر في ساحات أخرى مثل الشرق الأوسط، وتحديداً في عملية تسخين الملف الإيراني، الجارية في الآونة الأخيرة. ارتفاع وتيرة خطاب التحذير تجاه طهران، ليس بجديد، وقد أخذ دفعة من الزخم مع مجيء إدارة دونالد ترامب، الرئيس الذي يقف ضد الاتفاق النووي مع إيران منذ البداية، وقد سبق أن وعد خلال الحملة الانتخابية "بتمزيقه" لو فاز بالرئاسة.
فريق الأمن القومي، وبالذات وزير الدفاع، جيمس ماتيس، حمله على صرف النظر عن موقفه "طالما بقيت إيران تنفذ التزاماتها" التي حددها الاتفاق. لكن هذا الموقف أخذ في الآونة الأخيرة دفعة من التصعيد، بالرغم من أن إيران ملتزمة بشروط التنفيذ، وذلك بشهادة الجهات الأميركية المعنية بالموضوع. وزارة الخارجية اعترفت بذلك في آخر تقرير دوري ترفعه كل 90 يومًا إلى الكونغرس لوضعه في صورة التطبيق. بيد أن الرئيس وافق وزارة الخارجية على مضض، وأشار إلى أنه لا ينبغي توقع موافقته لاحقاً على مثل هذا التقييم. كلام جرى اعتباره بمثابة مقدمة للإطاحة بالاتفاق، إذا اقتضى الأمر. ولتكون الرسالة واضحة، أرفق ذلك بعقوبات جديدة، على أساس أن إيران "خالفت روح الاتفاق"، كما قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية، وقبلها البيت الأبيض. وقد آزرت الإدارة في ذلك مجموعة من الجمهوريين في مجلس الشيوخ، من خلال إعداد حزمة عقوبات أخرى، ودعوا الرئيس إلى المزيد من التشدد مع طهران.
بموازاة هذا التعنيف، عادت أصوات معروفة في أوساط المراقبين ووسائل الإعلام إلى لغة التحريض في هذا الاتجاه، وإلى مطالبة الإدارة بمغادرة الخط الموروث، واعتماد سياسة أكثر حزماً مع إيران. وبقطع النظر عن المآخذ الأميركية الكثيرة على طهران، إلا أن نبرة هذا الخطاب أثارت قلق جهات مختلفة سارعت إلى التنبيه من مخاطر التمادي في هذا التوجه "الذي قد ينتهي إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط، هي آخر ما تحتاجه الولايات المتحدة"، كما حذرت صحيفة "نيويورك تايمز".
ولا تقتصر التحذيرات على أوساط معارضة للرئيس ترامب، بل شملت أخرى وقفت ولا تزال إلى جانبه. "نيويورك تايمز" أفردت افتتاحية في هذا الخصوص، دعت فيها إلى "تجنب الحرب مع إيران"، مع التذكير بخطيئة حرب العراق، ووجوب تلافي سلوك المنزلق نفسه، واللجوء بدلاً من ذلك "إلى فتح حوار" مع طهران. وبمثل هذه اللغة وأكثر، سارعت أصوات مناصرة للرئيس لتحذيره من عواقب الانجرار وراء دعوات "المحافظين الجدد وإسرائيل وصقور الكونغرس من الحزبين والسعودية" لفتح مواجهة مع إيران، كما يقول باتريك بيوكانن، المرشح الرئاسي السابق وأحد أبرز رموز التيار المحافظ المناوئ للتدخل العسكري في الخارج.
خيار الحرب، خاصة في الشرق الأوسط، ترفضه غالبية الأميركيين التي اكتوت بتجربة العراق. الفريق المحرّض على الصدام يتغذى في شحنه للأجواء، من النفور السائد في الساحة الأميركية تجاه إيران. لكن هذا لا يكفي؛ فالخشية لدى المتخوفين هي أن يندمج هذا النفخ مع السعي لزيادة التأزم مع إيران، بغية صرف النظر عن التحقيقات الجارية في الملف الروسي والتي تتسارع المؤشرات إلى اقترابها من فضح المخفي الخطير ربما، في طياته. الضغوط في هذا الشأن تتزايد، والبيت الأبيض يبحث، كما تردد اليوم، في إمكانية "منح عفو لمعاونيه المستهدفين بالتحقيق كما لنفسه" بهدف طي هذا الملف والخلاص من صداعاته. وسيلة غير مألوفة وقد لا يسوغها القانون، رغم امتلاك الرئيس لامتياز منح العفو. هل في هذه الحالة يصبح اللجوء إلى تصدير الأزمة إلى الخارج حاجة ضاغطة؟