رحبت عائلة العلامة الجزائري عبد الحميد بن باديس، بإزالة السلطات المحلية بمحافظة قسنطينة تمثالاً للعلامة، في ساعة متأخرة من ليلة الإثنين 20 إبريل/نيسان، بعد موجة رفض له، قادتها عائلته وناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي، ولم يكن قد مرّ سوى أيام عدة على نصبه بقلب المدينة، في إطار تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية".
وقالت فوزية ابنة الشيخ ابن باديس لوكالة الأناضول: "استجابت السلطات لمطلبنا وهذا شيء جميل، لكن الأجمل لو أنها لم تقدم على صنع التمثال ولم تقم بوضعه حتى يكون في متناول أشخاص عاثوا فساداً فيه وشوهوا صورة قائد النهضة الفكرية والإسلامية في الجزائر".
وأضافت: "متأكدون الآن أن العلامة مرتاح في قبره، لأنه لو كان حياً لرفض أن ينصب له تمثال، وهو الذي حارب طيلة حياته مثل هذه العادات التي تسيء للإسلام وسيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم".
والعلامة عبد الحميد بن باديس (1889-1940) تصفه كتب التاريخ بأنه واحد من أهم رجالات الإصلاح في الوطن العربي، ورائد النهضة الإسلامية في الجزائر، ومؤسس جمعية العلماء المسلمين سنة 1931، لحفظ القرآن ودرس أصول الشريعة الإسلامية، وعمره لم يتجاوز الـ 13 عاماً.
درس بجامع الزيتونة في تونس، وأدى فريضة الحج، الشيء الذي مكنه من الاحتكاك بأكبر العلماء والمصلحين الدينيين والسياسيين، وأكسبه خبرة نقلها إلى أبناء بلده، وشرع في بلورة عملية الإصلاح الفكري، وتطبيق مناهج السيرة النبوية، ومحاربة الثقافة الفرنسية (خلال الفترة الاستعمارية الفرنسية للجزائر التي امتدت بين 1830 و1954).
من جهته قال رئيس "مؤسسة ابن باديس" عبد العزيز فيلالي: "الحمد لله أن السلطات استجابت لمطلبنا وأزالت التمثال، لأنه أساء للعلامة ولمكانته وسط أهله والأمة العربية التي دافع عن مبادئها ونبذ فيها كل ما يمت بصلة للوثنية والجاهلية، بما في ذلك نصب التماثيل وتعظيم القبور".
وقال حسين واضح محافظ قسنطينة الثلاثاء في تصريح إلى وكالة الأنباء الجزائرية: "قررنا إزالة التمثال بعد ردود فعل سكان المدينة والأشخاص الذين رأوا أن هذا المعلم يحمل نقائض عدة".
ونشر ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي على الأنترنت خلال الأيام الماضية صوراً لشبان مع تمثال العلامة "ابن باديس" وهو يتناول سيجارة، بشكل أثار موجة استياء لدى رواد الإنترنت الذين وصفوا الصور بـ "المهينة"، بينما أكد مصدر أمني من مدينة قسنطينة رفض الإفصاح عن هويته: "الشبان الذين كانوا وراء الصور المسيئة التي تم نشرها على صفحات التواصل الاجتماعي على الإنترنت وأساءوا فيها للعلامة ابن باديس، ألقي القبض عليهم مساء الثلاثاء، وتم الاستماع إليهم بتهمة الإساءة لتمثال الشيخ ابن باديس".
وقال الأكاديمي بجامعة قسنطينة حسن خليفة: "لن نفهم ماذا حصل، ففي غفلة وضع التمثال، ثم اختفى من دون سابق إنذار". وتابع "حقيقة هي مهزلة في حق رائد النهضة الإسلامية والفكرية في الجزائر، ولا أجد الكلمات للتعبير عما حدث، لكن ما هو مؤكد، أن لدينا نخبة لا تعرف ماذا تفعل، ولا تعرف كيف تحتفل، ولا تعرف قيمة العلم والعلماء".
وختم بالقول: "لن نتحدث عن قوة الرفض التي لقيها هذا الصنيع الأهوج المتمثل في نصب جاهلي للعلامة "ابن باديس"، ويعد إهانة له، ولن نتحدث عن السخرية منه، ولن نتحدث عن سلوكات بعض الشباب الذين أساؤوا إليه، ولكن نتحدث عن أفعال السلطات التائهة بدورها بين بناء التمثال ثم إزالته".
وختم بالقول: "لن نتحدث عن قوة الرفض التي لقيها هذا الصنيع الأهوج المتمثل في نصب جاهلي للعلامة "ابن باديس"، ويعد إهانة له، ولن نتحدث عن السخرية منه، ولن نتحدث عن سلوكات بعض الشباب الذين أساؤوا إليه، ولكن نتحدث عن أفعال السلطات التائهة بدورها بين بناء التمثال ثم إزالته".