تكاد خيارات الحكومة الفلسطينية، لسد عجز الموازنة المتوارث من عام إلى آخر، تكون معدومة، في ضوء استمرار تقلص المساعدات المالية العربية والدولية، واستنفاد فرص الاقتراض من المؤسسات المالية المحلية.
ويبقى الخيار الوحيد المتاح هو زيادة الجباية المحلية أفقيا، بحيث تطاول الضرائب المختلفة فئات جديدة غير مشمولة بالوعاء الضريبي.
ويتضح من مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2017، أن إجمالي الإيرادات المتوقعة يصل إلى 3.56 مليارات دولار، مقابل نفقات متوقعة بقيمة 4.5 مليارات دولار، فيما من المتوقع أن يكون إجمالي المساعدات المالية الخارجية ما بين 500 إلى 600 مليون دولار، وبذلك تكون الفجوة التمويلية بحدود نصف مليار دولار، تقول وزارة المالية الفلسطينية إنها "ستسعى من أجل سدها بإجراءات تقشفية".
ونشرت الحكومة الفلسطينية، قبل أيام، الخطوط العريضة لمشروع الموازنة العامة للسنة الحالية، تمهيدا لإجراء مشاورات مع الجهات ذات العلاقة قبيل اعتماده.
الإيرادات والنفقات
وتتوقّع الحكومة الفلسطينية أن يصل إجمالي الإيرادات العامة إلى 3.56 مليارات دولار، (25.6% من إجمالي الناتج المحلي)، بزيادة مقدارها 6% عن العام 2016.
وتعتبر "أموال المقاصة"؛ وهي الضريبة غير المباشرة (القيمة المضافة) التي تجبيها إسرائيل على المعابر التي تسيطر عليها والموانئ على البضاعة المستوردة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، البند الأهم في الإيرادات، ومن المتوقع أن تصل قيمة هذه الضرائب، خلال العام الجاري، إلى 2.3 مليار دولار، بزيادة 4% مقارنة مع العام الماضي.
أما التوقعات لإجمالي الإيرادات المحلية (ضريبة الدخل والرسوم المختلفة التي تجبيها الحكومة الفلسطينية بنفسها) 1.3 مليار دولار، بزيادة مقدارها 23% عن العام 2016.
ويتضح من هذه الزيادة الملحوظة في الإيرادات المحلية، أن الحكومة الفلسطينية تعمل على تعويض تقلص المساعدات الخارجية، بزيادة الإيرادات المحلية، عبر عملية توسيع الوعاء الضريبي، وفرض مزيد من الرقابة على أعمال التهريب للسلع والبضائع من خلال المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل.
وبحسب مشروع الموازنة، من المتوقع أن يصل إجمالي النفقات الجارية وصافي الإقراض 4.2 مليارات دولار في عام 2017، يضاف إليها قرابة 350 مليون دولار للنفقات التطويرية.
وتعد معاشات 155 ألف موظف مدني وعسكري في السلطة الفلسطينية البند الأكبر في النفقات، ومن المتوقع أن يصل إجمالي أجورهم في العام الجاري إلى 2.1 مليار دولار، تمثل نحو 15.1% من إجمالي الناتج المحلي.
الاعتماد على الذات
يقول وزير المالية الفلسطيني، شكري بشارة، إن الحكومة الفلسطينية "لا تعتبر الدعم الخارجي مستداما، ولا ترى أنه يمكن البناء عليه في اقتصاد مستدام، ونحن نتحول تدريجيا إلى الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس".
وأعرب، في تصريح لـ "العربي الجديد" حول الخيارات المتاحة للتعامل مع تقلص المساعدات الخارجية، عن أمله بأن يتفهم كل مواطن وكل من هو فاعل في الاقتصاد هذا التوجه، بما يقود إلى زيادة الوعاء الضريبي "لأن العدالة الضريبية من أهم مقومات بناء اقتصاد مستدام".
وتابع: "نحن نعول على المواطن لمزيد من التجاوب في الالتزام بالاتجاه الاستراتيجي القائم على زيادة الجباية من المكلفين محليا".
ويقول مدير البحوث في معهد السياسات الاقتصادية (مجتمع مدني)، سمير عبد الله، إن المعونات الخارجية تقلصت بشكل مقلق لتستقر، خلال العامين الأخيرين، لتصبح ما بين 600 إلى 700 مليون دولار، بعد أن كانت تصل إلى 1.8 مليار دولار في الأعوام التي تلت 2007.
ويعتقد عبد الله أن تلك المساعدات مرشحة للارتفاع في العام الجديد، بعد أن بدأت أزمات المنطقة تجد طريقها إلى الحلول، بالتزامن مع ملامح عودة الاهتمام بالقضية الفلسطينية في ضوء القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
وأضاف، لـ "العربي الجديد": "هذا سينعكس إيجابا على مواقف المانحين من القضية الفلسطينية في حال بذل مزيد من الجهود فلسطينيا في التواصل مع مزيد من الدول المانحة". وحثّ، في الوقت نفسه، على برنامج حكومي مقنع لزيادة وعي المواطنين حول أهمية الالتزام بدفع الضرائب.
وحول خيار الاقتراض لسد الفجوة التمويلية، رأى عبد الله أن المصادر التي تقترض منها السلطة استنفدت، ولا يمكن الاقتراض من البنوك بشكل أكبر، في حين يترتب على الاقتراض من القطاع الخاص آثار وخيمة على حركة الاقتصاد، وقد يتسبب في إفلاس شركات والإحجام عن التقدم للعطاءات الحكومية التي ستتضخم أسعارها، ما يعني أن كفاءة الأموال العامة ستتقلص.
وتقول الحكومة الفلسطينية إنها ستخصص، خلال العام 2017، بالإضافة إلى ما ورد في بند النفقات، مبلغ 300 مليون دولار لسداد متأخرات القطاع الخاص المترتبة عليها، ما سيزيد من العجز "الأمر الذي يحتم بتبني سياسة تقشفية على جميع المحاور، وتخفيض متأخرات القطاع الخاص، وترشيد آليات صرف الإعانات الاجتماعية، وترشيد تكلفة عقود التشغيل، وترشيد التحويلات الطبية الداخلية، كما تم إنجازه في التحويلات إلى إسرائيل والخارج".
وفي المقابل، تعهدت الحكومة الفلسطينية، في بيان صدر عنها وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، بتحسين الجباية والتحصيل، وزيادة الوعي الضريبي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتكثيف الاتصال مع الدول المانحة لزيادة الدعم.
اقــرأ أيضاً
ويبقى الخيار الوحيد المتاح هو زيادة الجباية المحلية أفقيا، بحيث تطاول الضرائب المختلفة فئات جديدة غير مشمولة بالوعاء الضريبي.
ويتضح من مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2017، أن إجمالي الإيرادات المتوقعة يصل إلى 3.56 مليارات دولار، مقابل نفقات متوقعة بقيمة 4.5 مليارات دولار، فيما من المتوقع أن يكون إجمالي المساعدات المالية الخارجية ما بين 500 إلى 600 مليون دولار، وبذلك تكون الفجوة التمويلية بحدود نصف مليار دولار، تقول وزارة المالية الفلسطينية إنها "ستسعى من أجل سدها بإجراءات تقشفية".
ونشرت الحكومة الفلسطينية، قبل أيام، الخطوط العريضة لمشروع الموازنة العامة للسنة الحالية، تمهيدا لإجراء مشاورات مع الجهات ذات العلاقة قبيل اعتماده.
الإيرادات والنفقات
وتتوقّع الحكومة الفلسطينية أن يصل إجمالي الإيرادات العامة إلى 3.56 مليارات دولار، (25.6% من إجمالي الناتج المحلي)، بزيادة مقدارها 6% عن العام 2016.
وتعتبر "أموال المقاصة"؛ وهي الضريبة غير المباشرة (القيمة المضافة) التي تجبيها إسرائيل على المعابر التي تسيطر عليها والموانئ على البضاعة المستوردة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، البند الأهم في الإيرادات، ومن المتوقع أن تصل قيمة هذه الضرائب، خلال العام الجاري، إلى 2.3 مليار دولار، بزيادة 4% مقارنة مع العام الماضي.
أما التوقعات لإجمالي الإيرادات المحلية (ضريبة الدخل والرسوم المختلفة التي تجبيها الحكومة الفلسطينية بنفسها) 1.3 مليار دولار، بزيادة مقدارها 23% عن العام 2016.
ويتضح من هذه الزيادة الملحوظة في الإيرادات المحلية، أن الحكومة الفلسطينية تعمل على تعويض تقلص المساعدات الخارجية، بزيادة الإيرادات المحلية، عبر عملية توسيع الوعاء الضريبي، وفرض مزيد من الرقابة على أعمال التهريب للسلع والبضائع من خلال المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل.
وبحسب مشروع الموازنة، من المتوقع أن يصل إجمالي النفقات الجارية وصافي الإقراض 4.2 مليارات دولار في عام 2017، يضاف إليها قرابة 350 مليون دولار للنفقات التطويرية.
وتعد معاشات 155 ألف موظف مدني وعسكري في السلطة الفلسطينية البند الأكبر في النفقات، ومن المتوقع أن يصل إجمالي أجورهم في العام الجاري إلى 2.1 مليار دولار، تمثل نحو 15.1% من إجمالي الناتج المحلي.
الاعتماد على الذات
يقول وزير المالية الفلسطيني، شكري بشارة، إن الحكومة الفلسطينية "لا تعتبر الدعم الخارجي مستداما، ولا ترى أنه يمكن البناء عليه في اقتصاد مستدام، ونحن نتحول تدريجيا إلى الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس".
وأعرب، في تصريح لـ "العربي الجديد" حول الخيارات المتاحة للتعامل مع تقلص المساعدات الخارجية، عن أمله بأن يتفهم كل مواطن وكل من هو فاعل في الاقتصاد هذا التوجه، بما يقود إلى زيادة الوعاء الضريبي "لأن العدالة الضريبية من أهم مقومات بناء اقتصاد مستدام".
وتابع: "نحن نعول على المواطن لمزيد من التجاوب في الالتزام بالاتجاه الاستراتيجي القائم على زيادة الجباية من المكلفين محليا".
ويقول مدير البحوث في معهد السياسات الاقتصادية (مجتمع مدني)، سمير عبد الله، إن المعونات الخارجية تقلصت بشكل مقلق لتستقر، خلال العامين الأخيرين، لتصبح ما بين 600 إلى 700 مليون دولار، بعد أن كانت تصل إلى 1.8 مليار دولار في الأعوام التي تلت 2007.
ويعتقد عبد الله أن تلك المساعدات مرشحة للارتفاع في العام الجديد، بعد أن بدأت أزمات المنطقة تجد طريقها إلى الحلول، بالتزامن مع ملامح عودة الاهتمام بالقضية الفلسطينية في ضوء القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
وأضاف، لـ "العربي الجديد": "هذا سينعكس إيجابا على مواقف المانحين من القضية الفلسطينية في حال بذل مزيد من الجهود فلسطينيا في التواصل مع مزيد من الدول المانحة". وحثّ، في الوقت نفسه، على برنامج حكومي مقنع لزيادة وعي المواطنين حول أهمية الالتزام بدفع الضرائب.
وحول خيار الاقتراض لسد الفجوة التمويلية، رأى عبد الله أن المصادر التي تقترض منها السلطة استنفدت، ولا يمكن الاقتراض من البنوك بشكل أكبر، في حين يترتب على الاقتراض من القطاع الخاص آثار وخيمة على حركة الاقتصاد، وقد يتسبب في إفلاس شركات والإحجام عن التقدم للعطاءات الحكومية التي ستتضخم أسعارها، ما يعني أن كفاءة الأموال العامة ستتقلص.
وتقول الحكومة الفلسطينية إنها ستخصص، خلال العام 2017، بالإضافة إلى ما ورد في بند النفقات، مبلغ 300 مليون دولار لسداد متأخرات القطاع الخاص المترتبة عليها، ما سيزيد من العجز "الأمر الذي يحتم بتبني سياسة تقشفية على جميع المحاور، وتخفيض متأخرات القطاع الخاص، وترشيد آليات صرف الإعانات الاجتماعية، وترشيد تكلفة عقود التشغيل، وترشيد التحويلات الطبية الداخلية، كما تم إنجازه في التحويلات إلى إسرائيل والخارج".
وفي المقابل، تعهدت الحكومة الفلسطينية، في بيان صدر عنها وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، بتحسين الجباية والتحصيل، وزيادة الوعي الضريبي، وتوسيع القاعدة الضريبية، وتكثيف الاتصال مع الدول المانحة لزيادة الدعم.