بعد نحو أسبوعين من حريق ضخم أدى إلى دمار واسع في أحد أقدم أسواق مدينة كركوك (250 كم شمالي العراق)، الذي يعود إلى الحقبة العثمانية، أعلنت منظمة تركية المباشرة بإعمار السوق بأمر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
واندلع حريق كبير في سوق "القيصرية"، وتكبد أصحاب الدكاكين فيه خسائر ضخمة تقدر بملايين الدولارات. ولم تفلح جهود الدفاع المدني في السيطرة عليه، في حين لا تزال أسباب الحريق مجهولة.
وقالت منظمة "تيكا" التركية في بيان لها، إنه "ضمن توجيهات الرئيس أردوغان بدأنا في تنفيذ أعمال رفع الأنقاض بسوق القيصرية التاريخي الذي دُمِر بسبب الحريق ليلة 25-26 من الشهر الماضي في مدينة كركوك".
وكشف مسؤول محلي في المدينة لـ"العربي الجديد"، عن أن عملية الإعمار ستشمل حتى الأجزاء التي لم تتضرر، وستتم المحافظة على الطابع التاريخي للسوق وطريقة البناء وإعادة النقوش كما كانت، بما لا يخلّ بتاريخه وهويته.
وفي ذات السياق قال عضو مجلس محافظة كركوك علي مهدي لـ" العربي الجديد"، إنّ الخطوة جاءت بعد زيارة السفير التركي في بغداد فاتح يلدز للسوق المحترق قبل أيام وتعهده بالمساعدة، معرباً عن شكره للخطوة التي ستعيد الحياة لمئات الأسر التي كانت تعتاش من خلال هذا السوق.
وتحتوي قيصرية كركوك على عشرات المحالّ المختصة بالصياغة ومحالّ لبيع الألبسة، وموادّ التجميل وغيرها. يعود السوق إلى نحو قرنين، زمن الوالي العثماني مدحت باشا ولا يزال فاعلاً في الحركة التجارية بالمدينة المتعددة القوميات.
في المقابل رأت قوى سياسية - خاصة الكردية - أن الخطوة "غيرة مريحة"، حسبما وصفتها عضو البرلمان العراقي ديلان غفور، التي طالبت الحكومة العراقية والحكومة المحلية في كركوك بتولي المهمة وتعويض المتضررين، "وألا تسمح لتركيا بإعادة إعمار القيصرية"، معتبرة الخطوة محاولة "لكسب وجذب اهتمام الأهالي في كركوك نحو تركيا"، وفق قولها.
بدوره اعتبر عدنان حبيب، وهو أحد أصحاب المحالّ المحترقة في السوق، تولّي تركيا الإعمار إنقاذاً لهم، ويضيف لـ"العربي الجديد" أنه لو بقي الأمر على الحكومة، فسيكون علينا الانتظار لسنوات، هذا إن عوضت أو عمّرت فعلاً".
ويدور لغط حول وجود أياد خفية تقف وراء الحريق، محاولة هدم تراث وحضارة العراق، حيث يعدّ السوق من أبرز معالم كركوك.
وتشتهر مدينة كركوك بإمكاناتها السياحية والحضارية والأثرية التي تجعلها مدينة عراقية متميزة، تعود معالمها إلى عصور تاريخية موغلة في القدم ولحضاراتها التي تعاقبت على بلاد الرافدين، ومنها ما تعرف بـ"القيصريات" التاريخية، وهي الأسواق المخروطية المغلقة والمسقوفة التي تقع وسط المدينة وجنوب قلعتها الأثرية.