وكشفت مصادر أمنية تركية عن حصولها على معلومات تفيد باستعداد مشتبه بهم لتنفيذ عمليات خلال رأس السنة، ما زاد من توسيع العمليات الأمنية لتشمل 10 أحياء في إسطنبول، جرت خلالها مداهمة 23 نقطة بشكل متزامن، واعتقال 46 شخصاً، معظمهم أجانب.
كذلك ضبطت فرق الأمن، خلال المداهمات في إسطنبول، العديد من المعدات الرقمية ووثائق ترمز إلى تنظيم "داعش"، لم يتسن التعرف على فحواها.
وإثر العمليات الأمنية الاحترازية في العديد من المدن التركية، ألقت قوات الأمن التركية القبض على 38 شخصاً، أول من أمس، في ولاية بورصة، للاشتباه بانتمائهم إلى تنظيم "داعش"، وتوقيف 29 مشتبهاً بهم في العاصمة أنقرة، خلال عملية واسعة ضد تنظيم "داعش"، ليكون التركيز الأهم على إسطنبول، إذ تؤكد مصادر أمنية أن 37 ألف عنصر أمن مزودين بـ117 عربة مدرعة، سينتشرون غداً الأحد في إسطنبول ليلة رأس السنة، لتأمين الاحتفالات بهذه المناسبة، وأربعة آلاف من قوات الدرك وخفر السواحل، من بينهم سبعة آلاف شرطي في منطقة بيوغلو لوحدها التي تضم منطقة تقسيم، وكذلك 10 آلاف آخرين في كل من منطقة شيشلي وبشكتاش اللتين تعتبران من الوجهات الرئيسية في المدينة للراغبيين في الاحتفال بقدوم السنة الميلادية الجديدة.
كذلك سينتشر في ساحة تقسيم والمناطق المجاورة لها 600 شرطي بلباس مدني وفرق أمنية مصحوبة بالكلاب البوليسية، إذ سيتم إغلاق جميع الشوارع المتجهة إلى شارع الاستقلال بدءاً من الساعة الثالثة مساء في وجه السيارات، بينما سيتم إغلاق ساحة تقسيم في السابعة مساء في وجه السيارات أيضاً، بينما ألغيت الاحتفالات التي كانت ستقوم بها بلدية بشكتاش لأسباب أمنية أيضاً.
ووضعت الحكومة أيضاً خطة لإبقاء قوات الشرطة الخاصة على أهبة الاستعداد في جميع مناطق مدينة إسطنبول والعاصمة التركية أنقرة، بينما ستتم مراقبة مختلف أجزاء مدينة إسطنبول بواسطة سبعة آلاف كاميرا مراقبة.
واتخذت مديرية أمن إسطنبول تدابير أمنية وأخرى للمرور، في الأماكن التي ستقام فيها الاحتفالات برأس السنة، والميادين الكبرى، والأماكن التاريخية والسياحية، وأماكن العبادة والكنائس، ومراكز التسوق، والمطارات، ومحطات النقل العام.
ويقول المحلل التركي جيهاد آغير مان، إنه نتيجة العمليات الأمنية والتعاون الاستخباراتي مع بعض الدول أحبطت السلطات التركية، خلال الأيام الأخيرة، العديد من المخططات لعمليات إرهابية، كان يتم التخطيط لها في بعض المدن، خاصة إسطنبول.
ويضيف آغير مان لـ"العربي الجديد" أن عام 2017 كان عام استقرار استعادت خلاله البلاد السياحة، بعد سنة دامية في تركيا، إذ كان عام 2016 الأكثر إرهاباً في تركيا، وشهد 17 عملية إرهابية، لتتوّج الساعات الأولى من عام 2017 بالهجوم المسلح على نادٍ ليلي في منطقة "أورطه كوي" بإسطنبول، كان مكتظاً بالمحتفلين بقدوم العام الجديد، ما أسفر عن مقتل 39 شخصًا وإصابة 65 آخرين، حسب أرقام رسمية تركية.
واعتبر المحلل التركي أن الهجوم على النادي الليلي واستهداف الأجانب خاصة، كان عملاً مقصوداً ومخططاً له، وكأن الرسالة الكبرى التي يريد الإرهابيون إرسالها إلى العالم هي أن المرافق السياحية في تركيا لم تعد آمنة، ومن ثم إثارة الفوضى في تركيا، وإثبات التحدي لأجهزة الأمن التركية، والنتيجة محاولة نزع الاستقرار الأمني والسياسي في تركيا.
وأوضح أن هذا الأمر دفع السلطات الأمنية التركية، وقتذاك، إلى مشاهدة 100 ألف ساعة من تسجيل كاميرات المراقبة، لتتبع تحركات منفذ الهجوم منذ دخوله إلى تركيا، ليتم إلقاء القبض على منفذ هجوم "أورطة كوي"، ماشاربيوف، في منزل بمنطقة أسنيورت في إسطنبول، بعد 19 يوماً من تنفيذ العملية الإرهابية، وبرفقته سيدات ذوات أصول أفريقية لشراء احتياجاتهم، حتى لا يلفتوا الأنظار إليهم.
وحول تحذير إيران مواطنيها من عدم السفر إلى تركيا خلال أعياد رأس السنة، يؤكد المحلل التركي آغير مان، أن تركيا آمنة، وربما هناك رسائل سياسية من التحذير الإيراني، كما أنه، ومن قبيل الاحتياطات، منعت الأجهزة الأمنية التركية الاحتفال بعيد رأس السنة في العديد من الأماكن في إسطنبول، ورفعت من درجة التأهب.
وكانت السفارة الإيرانية في أنقرة قد حذّرت، أول من أمس الخميس، مواطني بلادها من السفر إلى تركيا، في حال عدم الضرورة، ليلة رأس السنة الميلادية.
وأرسلت السفارة الإيرانية بياناً لوسائل الإعلام الإيرانية لنشره، تطالب فيه مواطني بلادها بعدم القدوم إلى تركيا بسبب استمرار حالة الطوارئ، والتحذيرات الأمنية من المسؤولين الأتراك. وطالبت وسائل إعلام إيرانية مواطنيها الموجودين في تركيا بالابتعاد عن الأماكن المزدحمة.
ويذكر أن أعياد رأس السنة في تركيا، ومنذ عام 2003، باتت احتفالات اجتماعية، ولم تعد تقتصر على الجانب الديني أو تخص المسيحيين فقط، إذ صرحت مديرية الشؤون الدينية، منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2003، بأن الاحتفال بعيد رأس السنة لم يعد عادة مسيحية، وهو مختلف عن عيد الميلاد "الكريسمس" الذي تحتفل به الدول المسيحية في أوقات مختلفة من العام.
وبيّنت مديرية الشؤون الدينية أن الاحتفال برأس السنة أصبح جزءاً من الثقافة العالمية، تماماً كعيد الأم وعيد الأب وعيد العمال "باتت اليوم احتفالات رأس السنة تحمل معنى ثقافياً، ولم تعد تقتصر على المعنى الديني، يُعبر الناس فيها عن تطلعاتهم وآمالهم بالسلام والخير والبركة والنعمة والرفاه".