دمج الأطفال السوريين اللاجئين في تركيا لا يقتصر على تعليم اللغة التركية، أو حتى تتريك التعليم السوري بالتدرج، إذ بدأت منظمات شعبية وفعاليات أهلية الأخذ بيد السوريين، لنقلهم من واقع الحرب والغربة ودمجهم مع المجتمع التركي بوسائل مختلفة، بعد نيف وخمس سنوات على وجودهم في تركيا.
وأسست مجموعة من الطالبات التركيات قبل أيام مشغلاً للأطفال السوريين اليتامى في ولاية هاطاي جنوبي تركيا، للترفيه عنهم ورفع معنوياتهم، ومحو آثار الحرب السلبية من ذاكرتهم، من خلال تحضير المأكولات والحلوى والرسم وتوزيع الهدايا.
وشاركت 25 طالبة من جامعات إسطنبول المختلفة بتأسيس المشغل الذي أطلق عليه اسم "مشغل لرسم ابتسامة صغيرة"، من أجل الأطفال السوريين في دار "بهاء الدين يلديز" للأيتام، في قضاء ريحانية في ولاية هطاي.
الطالبة أليف كابوجو، إحدى مؤسسات المشغل، قالت: "الهدف من المشروع هو إسعاد قلوب الأطفال، ورسم الابتسامة على وجوههم". وأشارت في تصريح صحافي إلى أن الأنشطة في المشغل تتناسب مع أعمار الأطفال، متمنية "تلقي المشغل دعم المتطوعين".
وتشهد منطقة الريحانية المجاورة لمعبر باب الهوى، العديد من النشاطات التركية التي تهدف إلى بلسمة جراح السوريين وتسهيل انخراطهم بالبيئة الجديدة، بحسب وصف مدير المركز الطبي السوري في الريحانية، ياسر السيد.
ويقول السيد لـ"العربي الجديد": "تتنوع الخدمات التي يقدمها الأتراك للسوريين، من تعليم اللغة التركية أو رفع عدد الحصص التعليمية بالتركية وإشراف مديرية التربية التركية على المدراس السورية بالريحانية، إلى الخدمات الصحية التي تبدأ من اللقاح وصولا لخدمات الإسعاف والعلاج والجراحة".
وأضاف "إن منظمات تركية تأتي من مناطق أخرى إلى الريحانية لتقدم لهم الدعم النفسي والاجتماعي والهدايا التشجيعية للأطفال السوريين"، لافتاً إلى "رعاية بعض الأسر التركية أو المنظمات لبعض الحالات الخاصة المصابة بالحرب في سورية، وتحملها أعباء وتكاليف العيش والعلاج".
وتأخذ الموسيقى حيزاً في دمج السوريين داخل المجتمع التركي، إذ فتحت معاهد موسيقية تابعة للبلديات في إسطنبول أبوابها للسوريين ليتعلموا الموسيقى والعزف والغناء مجاناً.
ويقول المشرف على فرقة "بيتهوفن" في معهد "الموسيقى من أجل السلام " في منطقة الفاتح، أورجان بينجا: "لا نفرق بين تركي وسوري، بل ربما الحظوة والأولوية للسوريين".
ويضيف بينجا لـ"العربي الجديد" أن "المعهد لا يفرض على الطلاب أية أكلاف مالية، بما في ذلك الطعام وتوفير الآلات الموسيقية للطلاب السوريين يأخذونها إلى بيوتهم ليواصلوا التدريب والتعلم"، لافتاً إلى أن بعض الأطفال السوريين اعتُمدوا بفرقة المعهد الرئيسة، كما يشاركون بالحفلات داخل إسطنبول وخارجها.
أما "جوقة الأطفال" التي ترعاها منظمة الهلال الأحمر التركية وجامعة "نجم الدين أربكان" في ولاية قونية، المؤلفة من عشرة أطفال سوريين وخمسة أتراك، في ولاية "قونية"، تضفي لونا آخر على حياة السوريين بعيداً عن الحرب والقتل والدمار الذي تعيشه سورية.
وقالت سماء ساوينج، أستاذ مساعد في قسم الفنون الجميلة في الجامعة، أن ممثلي فرع الهلال الأحمر التركي في قونية، زاروهم وسألوهم "عن الأشياء التي تساعد على دمج الأطفال السوريين في المجتمع "، فاقترحت تشكيل "جوقة الأطفال الموسيقية".
وذكرت في تصريحات صحافية "كان لدينا 40 طفلا في الجوقة العام الماضي، وطالما أن الموسيقى هي اللغة العالمية التي يتواصل الأطفال عبرها، وصلنا إلى هدفنا في وقت قصير. علقنا أعمال الفرقة خلال العطلة الصيفية، وباشرناها مجددا مع بداية السنة الدراسية 2016 – 2017، مع 15 طفلا، بينهم 10 سوريين".
وولد في تركيا نحو 200 ألف طفل سوري، منذ بداية اللجوء عام 2011 بحسب رئيس منظمة الهلال الأحمر كرم كنك. وأشار إلى وجود 350 طفلا سورياً في المدارس".