تسعى تركيا إلى تنمية مهارات الشباب السوريين من خلال تعليمهم مهن يطلبها السوق، بهدف تأمين فرص عمل لهؤلاء، وسدّ النقص في بعض القطاعات
كان لخبر تأهيل السوريين في تركيا مهنياً، وتأمين عمل دائم وضمان اجتماعي، تأثير إيجابي في معظم العائلات السورية المقيمة في تركيا، وذلك منذ تفشي كورونا، وخسارة بعضهم مصدر رزقه، أو تخفيض الأجور وساعات العمل.
وتناقلت وسائل إعلامية تركية أخيراً إعلان مديرية التعليم الشعبي التركية، فتح باب التسجيل ضمن مشروع تعليمي تدريبي، لدعم الشباب السوريين والأتراك للحصول على فرص عمل ضمن شروط محددة.
وأشارت المديرية إلى أن المشروع مموَّل من الاتحاد الأوروبي، وتساهم في تنفيذه كل من الوكالة الفرنسية للتعاون الفني الدولي، ومؤسسة أدوسر للاستشارات التربوية، بالشراكة مع وزارة التعليم الوطني واتحاد المهنيين والحرفيين في تركيا.
والهدف، بحسب مراكز التعليم الشعبية التركية، مساعدة المشاركين على اكتساب المهارات والتعليم المهني من أجل الحصول على وظيفة ثابتة بعد التخرج. والتدريب الذي يستمرّ لمدة أربع سنوات، يؤهل الشباب للحصول على فرص عمل دائمة.
يقول المدرس السوري خالد الأسعد لـ"العربي الجديد" إن مديرية التعليم المهني تعلن تنظيم دورات تأهيلية كل فترة، غالبيتها مجانية، بهدف تدريب الشباب العاطلين من العمل، سواء أكانوا أتراكاً أم سوريين، بحسب التمويل، ومعظمه خارجي، أو من خلال المشاريع المقدمة من بعض الجهات ومنظمة العمل التركية.
وحول المهن، يقول الأسعد إن الإعلان ينص على 145 مهنة، معظمها تتمحور حول أعمال الخياطة والكومبيوتر وصيانة الأجهزة التكنولوجية التي تُعَدّ من أكثر المهن المطلوبة في سوق العمل التركي. ويؤكد أنه يمكن جميعَ السوريين الالتحاق بدورات تأهيلية، بمن فيهم الحاصلون على بطاقة الهلال الأحمر الذين يحصلون من جرائها على مساعدات مالية شهرية، شرط الحصول على شهادة التعليم الأساسية وإجادة اللغة التركية بالمستوى الأول أو الثاني.
ويعاني السوريون العاطلون من العمل في تركيا بسبب غياب مكاتب التوظيف أو أي جهة تدعمهم. يقول رئيس الجالية السورية في إسطنبول نزار خراط، لـ"العربي الجديد": "الجالية السورية بلا أوراق ثبوتية، وما من جهة تدافع عن حقوقها".
من جهته، يقول المرشد الاجتماعي السوري الحاصل على الجنسية التركية، حسن خليل لـ"العربي الجديد": "هذه الدورات تتبع لمراكز التعليم المهني، وهي رهن المساعدات الأوروبية، وما تقدمه منظمة العمل (إش كور)، أو ما يعلنه سوق العمل التركي عن حاجته للوظائف".
ويلفت إلى أنّ ثمة تنسيقاً بين منظمة العمل والمشرفين على الدورات وأرباب العمل لتأهيل الشباب ودفع نصف أجر العامل وتأمين الضمان الاجتماعي، لفترة عادة ما تكون ستة أشهر. وبعد انقضاء فترة الاتفاق، يتحول العامل إلى موظف دائم.
يضيف أن الأمر برمته مرتبط بحاجة سوق العمل وتأمين التمويل، الذي توجهه الحكومة التركية بحسب الحاجة والأفكار المطروحة من مؤسسة الأعمال التركية "اش كور"، والتعليم الشعبي والهلال الأحمر. الفائدة تعمّ على الجميع وتبعد السوريين عن البطالة وما ينتج منها من أعباء ومشاكل. كذلك يستفيد رب العمل من العمال وتحمّل جزء من الأعباء المالية لفترة محددة.
وتبدّل حال العمال السوريين في تركيا بعد الإجراءات الاحترازية وإغلاق المنشآت والأسواق لمحاصرة فيروس كورونا، فتحوّل أكثر من 70 في المائة منهم إلى عاطلين من العمل، بحسب تقديرات رئيس الجالية السورية في إسطنبول نزار خراط، قبل أن يعود جزء كبير من العمال خلال الشهرين الأخيرين إلى العمل، بعد الانفتاح التركي التدريجي.
وتُفيد مصادر الجالية السورية بأن عدد العمال السوريين في تركيا يقدَّر بنحو 700 ألف عامل، 17 في المائة منهم حاصلون على أذونات عمل. وبحسب دراسة أعدّها اتحاد نقابات العمال التركي في فبراير/ شباط الماضي، كان نحو 40 في المائة فقط من العمال راضين عن وضعهم وأجورهم التي تراوح بين 1500 و1800 ليرة تركية.
وتفيد الدراسة بأنّ 36.9 في المائة من المستطلعة آراؤهم بالكاد يستطيعون تلبية احتياجاتهم. واختار 12.7 في المائة من المشاركين جواب "نستطيع تلبيتها براحة"، في مقابل 9.7 في المائة اختاروا "صعب، ولا نستطيع تلبية احتياجاتنا". ويقول عضو اللجنة السورية التركية المشتركة، جلال ديمير، إن تركيا تسعى إلى تأهيل جميع السوريين على أراضيها، سواء من ناحية اللغة أو التعليم المهني أو التحصيل العلمي. فتركيا، برأيه، لا تنظر إلى السوريين على أنهم طارئون وتسعى إلى الخلاص منهم أو رميهم على الحدود، بل المساعدة لتطوير كفاءاتهم وجعلهم قادرين على الإنتاج.
وحول المشروع التأهيلي الجديد، يؤكد ديمير لـ"العربي الجديد" أن "هناك مديريات عدة تتبع لوزارة التعليم التركية، منها التعليم المهني و"مديرية مدى الحياة" التي تركز على تعليم السوريين وتأهيلهم من خلال دورات مجانية، وأحياناً منح المتدرب أجراً رمزياً، حتى وهو في مراحل الدراسة المتوسطة". ولأن تركيا تركز على الصناعة والتكنولوجيا ضمن نهضتها الاقتصادية، "فهي تقدم للسوريين كل المساعدة لتطوير مهاراتهم لينخرطوا في سوق العمل ويبددوا النظرة الخاطئة التي يتبناها ويروج لها بعض الأحزاب المعارضة، والمتعلقة بأن السوريين عالة على تركيا ويعتمدون على المساعدات"، يختم ديمير.