بدأت خطط التشجيع على الإنجاب تؤتي ثمارها في تركيا، التي زاد عدد سكّانها عام 2017 بنحو 3 ملايين نسمة عن عام 2016، ليصل إجمالي تعدادهم وفق أرقام معهد الإحصاء التركي، إلى أكثر من 82.8 مليون نسمة.
وأتت هذه الزيادة الكبيرة، بعد سلسلة حوافز دفعت بها الحكومة التركية للتشجيع على الإنجاب، مثل دعم الرعاية النهارية للأمهات اللواتي لديهن أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 2 – 5 سنوات، بالإضافة للحوافز المادية. كما طلب الرئيس رجب طيب أردوغان في أكثر من مناسبة، أن تنجب الأسرة التركية ما لا يقل عن ثلاثة أطفال.
ويرى العامل في القطاع السياحي، سيرين آرال، أن الظروف الحالية بتركيا، تشجع على زيادة
ويضيف صاحب المنشأة السياحية بحي "درامان" في إسطنبول لـ"العربي الجديد" قائلاً "لا يشكل الأطفال عبئاً على المعيشة كما يدّعي دعاة تحديد النسل، لأن التعليم مجاني وكذلك الطبابة، وتستمر الحكومة بزيادة الرواتب وتحسين المعيشة باستمرار، آخرها زيادة الأجور مطلع العام، إضافة إلى دعمها الولادات الجديدة".
لكن الجامعية فاطمة غول، تخالف آرال الرأي بقولها، "لا يمكن لقطعة ذهبية بسعر 300 ليرة أو زيادة الرواتب بنحو 200 ليرة شهرياً، أن تسد نفقات المعيشة بتركيا، التي ارتفعت كثيراً خلال الأعوام الأخيرة بعد أن خسرت الليرة أكثر من 50 في المائة من قيمتها، ما يعني أن زيادة الإنجاب ستشكل عبئاً على الأسرة، وربما مخاطرة بالتربية والتعليم لاحقاً".
وتشير غول من منطقة جيهان غير في إسطنبول، إلى أنه "قبل التشجيع على زيادة الإنجاب، لا بد من النظر إلى نسبة الفقر والبطالة، وهل يمكن تأمين مستقبل ورعاية المواليد الجدد؟"، معتبرة أن نسبة الفقر والبطالة ارتفعت خلال العامين الأخيرين، ربما إلى الأعلى منذ عشر سنوات.
وتؤكد غول، أنه من حق الحكومة التركية أن تتنبه لنسبة كبار السن أو لتراجع نسبة الأطفال. إذ لم تزد نسبتهم على 28.7 في المائة من إجمالي عدد السكان عام 2016، في حين كانت تزيد على 45 في المائة في ثلاثينيات القرن الفائت، وبدأت بالتراجع إلى 31.5 في المائة عام 2008 ثم إلى أقل من 29 في المائة خلال الأعوام الأخيرة، قبل أن ترتفع العام الماضي بسبب زيادة الولادات.
وتشير بيانات رسمية تركية، أن عام 2017 شهد ولادة 3.1 ملايين طفل في تركيا، في حين لم تزد الوفيات عن 447 ألف شخص، كما تزوّج خلال العام نفسه نحو 603 آلاف تركي، ولم تزد حالات الطلاق عن 136 ألف حالة.
ومنحت الحكومة التركية، بناء على تعليمات رئيس الوزراء، كل مولود جديد قطعة ذهبية، لتشجيع المواطنين الأتراك على الإنجاب، كما منحت وزارة الشؤون الاجتماعية العام الماضي، مساعدات مالية للمواليد بلغت منذ مايو/أيار 2016 حتى إبريل/نيسان 2017، نحو 451 مليون ليرة تركية.
كما تقدم الحكومة التركية قطعة ذهبية بقيمة 300 ليرة للمولود الأول، وقطعة ذهبية للمولود الثاني بقيمة 400 ليرة، وبعد المولود الثالث تقدم قطعة ذهبية بقيمة 600 ليرة تركية.
واحتلت ولاية إسطنبول المرتبة الأولى في عدد المواليد منذ مطلع العام الماضي، في حين احتلت ولاية شانلي أورفة المرتبة الثانية، تلتها أنقرة في المرتبة الثالثة.
ويرى مراقبون أن ولادات السوريين في تركيا، رفعت من نسبة المواليد، كما أن السوريين الحاصلين على الجنسية التركية خلال عام 2017، ساهموا بزيادة عدد السكان، إذ تشير مصادر إلى أن أكثر من 50 ألف سوري حصلوا على الجنسية التركية، فضلاً عن 7 آلاف آخرين حصلوا عليها استثنائياً.
ويقول رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار في تركيا، غزوان قرنفل، "لا شك في أن السوريين، سواء المجنسين أو الولادات، ساهموا في زيادة نسبة السكان بتركيا، كاشفاً أن خطة الحكومة التركية، تهدف إلى تجنيس 300 ألف سوري على الأقل".
وبخصوص المواليد السوريين في تركيا، وما قيل عن مشروع قرار ينص على منح كل طفل سوري وُلد على الأراضي التركية، سواء في المخيمات أو خارجها الجنسية التركية، ومنحها تلقائياً لوالدته وإخوته دون سن الثانية عشرة اعتبارا من العام الجاري، يؤكد قرنفل لـ"العربي الجديد" أنه "لم يصدر حتى الآن أي قرار بهذا الشأن، رغم ما قيل عن مناقشته، وسيبدأ تطبيقه منذ مطلع 2018".
ويزيد عدد اللاجئين السوريين المسجلين رسمياً في تركيا على 3 ملايين شخص، ليشكلوا 3.72 في المائة من إجمالي تعداد سكّان تركيا الأصليين. ويتوزع السوريون، وفق إحصاءات تركية رسمية على معظم الولايات، وفي مقدمتها إسطنبول وغازي عنتاب والولايات الجنوبية والحدودية. وتأتي فئة الشباب في مرحلة التعليم الجامعي (19- 24 سنة) في المقدمة، بـ 450 ألفاً و378 لاجئاً، 255 ألفاً و298 منهم ذكور، في حين صُنفت الفئة العمرية في مرحلة التعليم الأساسي (5 -9 سنوات) في المرتبة الثانية بـ 434 ألفاً و16 لاجئاً، بينهم 223 ألفاً و514 من الذكور.
وحلّت فئة المواليد بين أعمار (0 -4 سنوات) في المرتبة الثالثة بـ 374 ألفاً و874 لاجئاً بينهم 194 ألفاً و196 ذكراً، بينما جاءت الفئة العمرية بين (10 -14 سنة) في المرتبة الرابعة من حيث العدد بـ 326 ألفاً و453 لاجئاً، بينهم 169 ألفاً و884 ذكراً، في حين حلت الفئة العمرية التي تتجاوز 90 عاما في المرتبة الأخيرة بـ 1321 لاجئاً، بينهم 734 امرأة.