زادت خلال الأيام الأخيرة حالات الإخفاء القسري لعدد كبير من المواطنين المصريين، التي أصبحت تُشكّل أخطر الانتهاكات التي تواجه حقوق الإنسان في مصر، مع قيام أجهزة الأمن باختطاف نشطاء واقتيادهم لجهات غير معلومة، تزامناً مع الدعوات التي تم إطلاقها من قبل بعض الناشطين إلى العصيان المدني يوم الخميس 11 يونيو/حزيران الحالي.
وقامت الشرطة المصرية خلال شهر مايو/أيار بالقبض على 45 شاباً معظمهم طلبة جامعات بحجة وجود "شبهة اتهام حولهم" لمناصرة جماعة "الإخوان المسلمين"، وزادت عملية اختفاء الشباب من منازلهم أو أثناء عودتهم إلى بيوتهم مع بداية شهر يونيو/حزيران واقتيادهم إلى جهات غير معروفة لذويهم، ومعظم المعتقلين من محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية والسويس وبورسعيد والدقهلية والشرقية والمنيا وأسيوط.
وقد بدأت سلسلة الاعتقالات العشوائية بالقبض على أحمد يسري ذكي، الطالب في كلية الحقوق الفرقة الأولى، إذ تم اعتقاله من منزله في 3 مايو/أيار الماضي، ولم تظهر أي معلومات عنه حتى اليوم. كما تم اعتقال ثلاثة أشقاء هم أنس وأسامة وإسلام سلطان، في 26 مايو/أيار، وتم اعتبارهم في عداد المختفين قسرياً، حتى تم إصدار إذن نيابة في 29 مايو/أيار وتم إحضارهم أمام النيابة في 30 من الشهر نفسه، وقد وجِّهَت لهم اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، والإخلال بالأمن والنظام العام، وتعطيل الإنتاج ومصالح المواطنين، والتحريض ضد الجيش والشرطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي 31 مايو/أيار، قامت قوات الأمن باعتقال الطالب بكلية الهندسة الفرقة الثالثة أحمد خطاب، أثناء عودته إلى منزله ظهراً، وعلم أهله باحتجازه في مقر أمن الدولة. ولم يُعرَض خطاب على النيابة حتى الآن. وفي التاريخ نفسه، قام بعض الأفراد باعتقال عبد الرحمن أحمد البيلي، وهو خريج من كلية العلاج الطبيعي جامعة أكتوبر من منطقة المعادي في تمام الساعة الثامنة والنصف ليلاً، وحينما حاول المارة التدخّل قامت أفراد الأمن بإطلاق النيران في الهواء وإخبارهم أنهم من جهات سيادية، ولم تتوافر معلومات عن مكان تواجده حتى الآن. كما اعتُقلت في التاريخ نفسه الناشطة فاطمة السيد محمد الشهيرة بداليا رضوان، وهي عضو في "حركة 6 إبريل"، من منزلها بالإسكندرية ليلاً ولم تُعرض على النيابة حتى الآن. وكانت رضوان قامت بإجراء عملية جراحية خطيرة خارج البلاد وما زالت في فترة النقاهة. كما تم أيضاً في التاريخ نفسه اعتقال عبد الله المهدي من مقر عمله ولا معلومات عن مكان تواجده حتى الآن.
وفي بداية شهر يونيو/حزيران الحالي، تم اعتقال الناشط السيناوي صبري الغول في مدينة العريش بمحافظة سيناء، ضمن حملة شملت اعتقال ما يقرب من 77 شخصاً، وتوفي الغول بعد ساعات من اعتقاله. فيما اختفت إسراء الطويل وصهيب سعد وعمر محمد في 2 يونيو/حزيران من منطقة المعادي، ولم تتوفر معلومات عن مكان تواجدهم حتى اليوم.
اقرأ أيضاً: السلطات المصرية تستبق عصيان 11 يونيو بالقمع
وخلال الساعات القليلة الماضية زادت ملاحقات "زوار الفجر" التي طالت شباب من "حركة 6 إبريل". هذه الملاحقات تقودها وزارة الداخلية فجراً من دون سابق إنذار على عدد من منازل النشطاء السياسيين، بالإضافة إلى تتبعهم واختطافهم أثناء تواجدهم بالشوارع، فيما أعلنت عدد من الصفحات الحقوقية عن اختفاء طلاب من دون معرفة أماكنهم حتى الآن.
فيوم الأحد الماضي أكدت والدة منصور أشرف، الطالب بالفرقة الأولى في المعهد العالي للزارعة في جامعة عين شمس والمصوّر في شبكة "يقين"، أنه تم اختطاف ابنها من أمام المعهد، واقتياده داخل سيارة "ميكروباص" إلى مكان غير معلوم. وفجر اليوم نفسه، هاجمت قوات الأمن بيت الطالب نور الدين السيد محفوظ من دون إذن من النيابة، ولم تكتفِ قوات الداخلية بالقبض عليه وحده، بل قبضت على والده وأخيه الأكبر إسلام وتم اقتيادهم لمكان غير معلوم.
وحذرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان من أن عملية الاختفاء القسري والقبض العشوائي من دون دليل، خصوصاً على الطلاب، والتي زادت خلال الأيام الماضية من دون إخطار الأسرة أو المحامي، أمر خطير، وانتهاك جديد لحق المواطن المصري، وأمر مخالف للقانون والدستور.
وأكد الحقوقي كريم عبد الراضي، أن الاختفاء القسري هو مدخلٌ لجرائم عديدة، منها التعذيب والقتل خارج إطار القانون، مشيراً إلى أن حملة الاعتقال العشوائي والاختفاء القسري بين المواطنين تهدر احترام حقوق المواطن، موضحاً أن المادة 54 تلزم جهاز الأمن بإبلاغ المحتجز فوراً بأسباب احتجازه، وحق إبلاغ محاميه أو أسرته وتحويله لجهة التحقيق خلال 24 ساعة، مضيفاً أن "ما يحدث خلال الأيام الماضية هو عودة لظاهرة "زوار الفجر" التي كانت موجودة أيام نظام حسني مبارك البائد، وأن الاختفاء القسري يُشكّل جريمة ضد الإنسانية".
ولفت عبد الراضي، إلى أن "ظاهرة زوار الفجر عادت مرة أخرى عقب 30 يونيو، مع بداية خروج عدد من المعارضين الرافضين لحالة الحصار السياسي، والتي ازدادت مع إقرار قانون التظاهر، فعاد زوار الفجر من جديد ليمارسوا مهاراتهم في اقتحام البيوت".
وأظهر إحصاء لمركز "ويكي ثورة" أن إجمالي المحتجزين بمصر منذ عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/تموز 2013 حتى 15 مايو/أيار 2014، بلغ 41163 مقبوضاً عليهم في مختلف المحافظات كلهم من المعارضين لسياسة الانقلاب. وقال المركز إنه في الفترة الأخيرة تزايدت حالات القبض على الطلاب والصحافيين، وقامت قوات الشرطة بانتهاك حرمة الجامعات، كما قُتل ما يقرب من 12 طالباً داخل الجامعة أو في محيطها، وألقي القبض على 760 منهم داخل الجامعة.
اقرأ أيضاً: الجيش المصري متهم باعتقال الغول وقتله تعذيباً بالكتيبة 101