بعد إجماع المعارضة السورية على رفض الذهاب إلى مؤتمر موسكو 1 المزمع عقده نهاية الشهر الجاري، يبدو الائتلاف السوري المعارض عازماً على التوافق حيال ما سيجري في مؤتمر القاهرة المقرر في 22 من الشهر الحالي، بدءاً باستبعاد الرئيس السوري بشار الأسد ودائرته الأمنية من أي عملية انتقالية.
وخلافاً لما كشفته صحيفة "الأهرام" المصرية عن مباحثات مصرية عراقية تهدف إلى تشجيع النظام السوري على "التعايش مع المعارضة السلمية"، تؤكد مصادر داخل الائتلاف لـ "العربي الجديد" أن "اجتماع قوى المعارضة في القاهرة يهدف إلى خلق صيغة عمل موحد، يمثل ضرورة وطنية دائمة وملحّة قبل أن يكون دعوة من أي جهة دولية".
وتوضح المصادر ذاتها أن "التوجه إلى أي مكان لمناقشة الحلول يحتاج إلى أسس تحترم ثوابت الثورة التي حددها الشعب السوري، وأولها أن بشار الأسد ودائرته الأمنيّة من قاتلي الشعب السوري، لن يكون لهم أي مكان أو دور في أي عملية انتقالية، وضمان عملية انتقالية تستند إلى بيان جنيف الذي تحول إلى قانون دولي بعد أن تبناه نص القرار رقم 2118 لعام 2013 الصادر عن مجلس الأمن".
في هذه الأثناء، يقول رئيس حزب الجمهورية المعارض، محمد صبرا، لـ"العربي الجديد" إنه في "الفترة الأخيرة نرى توجهاً لبعض الدول العربية بتفويض مصر في إدارة الملف السوري، ونحن نخشى من مقاربة مصر للقضية السورية من خلال الصراعات السياسية الداخلية في مصر، وعلى مصر أن تدرك جيداً أن الوضع في سورية مختلف جداً عن تلك الاصطفافات السياسية في الساحة المصرية".
وعن موقف الجامعة العربية تجاه القضية السورية، يوضح صبرا، وهو المستشار الرئاسي السابق لرئاسة الائتلاف، أن موقف الجامعة العربية عموماً، وموقف الدول العربية، قد بدأ بالتحول التدريجي تجاه ما يحدث في سورية، إذ كان عنوان مرحلة عام 2013 هو لا شرعية نظام بشار الأسد، بينما التحول اليوم ربما يكون عنوان المرحلة المقبلة عربياً، عبر محاولة الفصل بين بشار الأسد والنظام السوري، وتصوير أن وجود بشار الأسد غير مقبول في مقابل تقبّل فكرة بقاء النظام، بدليل تصريحات وزير الخارجية السعودي (سعود الفيصل) على هامش مؤتمر بروكسل الشهر الماضي، حين قال "إنه لا بديل عن الجيش النظامي والجيش الحر لهزيمة داعش على الأرض".
وعلى الرغم من نية الائتلاف المعارض التوجه إلى القاهرة، لكن يبدو أن المخاوف لا تزال قائمة من "فخ روسي" قد ينصب للمعارضة من خلال جرها إلى القاهرة، ومن ثم إلى موسكو، في ظل تعاقب المؤتمرَين، وسعي موسكو إلى تعويم النظام السوري وقتل مرجعية جنيف، من خلال دمج الائتلاف بمكونات المعارضة الأخرى، لإنتاج طرف مفاوض للنظام في مفاوضات جنيف لا يشترط رحيل الأسد عن السلطة. من هنا، يأتي حديث نائب رئيس الائتلاف المعارض هشام مروة عن أن "الحوار المزمع عقده مع باقي الفصائل السياسية المعارضة في القاهرة، لا يدخل ضمن حيثيات مؤتمر موسكو، إذ إن الحكومة الروسية لم تعد طرفاً محايدا في العملية السياسية، وهي داعم رئيسي لنظام الإجرام في دمشق".
وفي هذا الصدد، تكشف رسالة حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، وجهها رئيس الائتلاف الوطني خالد خوجة إلى أعضاء الائتلاف قبيل توليه الرئاسة، تضمنت تنبيها وجهه بخصوص المبادرة الروسية، والتحذير من الانخراط فيها، فـ"المبادرة في أصلها مصرية بدعم من الجامعة العربية، ودخول روسيا على الخط أتى بضوءٍ أخضر دولي لجر النظام، وقبولٍ عامٍ إقليمي، رغم امتعاض بعض العواصم، وما يعد في عواصم أخرى عربية وأوروبية، بشكل متزامن، عبارة عن روافد تصب في المجرى نفسه".