عاد وزير الخارجية اللبناني ورئيس "التيار الوطني الحر"، جبران باسيل، إلى اعتماد خطاب تصعيدي ضد اللاجئين الفلسطينيين في بلاده، ونجح في تحويل مشاركته في مؤتمر دعم "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (أونروا) المنعقد في روما إلى منصة للمطالبة بإسقاط صفة اللجوء عن بعض الفلسطينيين المسجلين في لبنان.
ودعا باسيل، في كلمته التي ألقاها قبل ظهر اليوم الخميس، إلى "شطب كل لاجىء فلسطيني من قيود "أونروا" في حال تغيبه عن الأراضي اللبنانية، أو في حال استحصاله على جنسية بلد آخر"، وبرر هذه الدعوة بـ"تخفيف الوكالة الدولية من أعبائها المالية من جهة، ولكي تساهم في تخفيض أعداد اللاجئين في لبنان من دون التعرض لحق العودة الذي هو مقدس".
ورغم اعتبار باسيل أن "حق العودة مقدس"، إلا أن المسؤول الإعلامي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، رأفت مُرّة، اعتبر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "موقف باسيل يتعارض مع حماية حق العودة، ويتزامن مع الحديث عن "صفقة القرن" التي تريد إنهاء كل الملفات السياسية والإنسانية والاجتماعية والتاريخية التي تُشكل بمجموعها القضية الفلسطينية العادلة".
وأشار مُرّة إلى أن "تصريحات باسيل حالياً تُسهل تصفية ملف اللاجئين، الذي يُشكّل- وباعتراف رعاة الصفقة- أعقد ملف في القضية الفلسطينية"، واستنكر "إطلاق مثل هذه التصريحات في وقت نشهد جهداً دولياً مقابلاً لدعم وكالة "أونروا" وتثبيت حق العودة".
وعلى الصعيد الداخلي اللبناني، أشار المسؤول الإعلامي لـ"حماس" إلى أنه "لا يوجد أي مبرر لبناني للمطالبة بإسقاط صفة اللجوء عن أي فلسطيني في لبنان، بعد أن أثبتت كل المراحل السياسية الأخيرة أن موقف الفلسطينيين في لبنان لم يتغير، إن كان في مجال التمسك بحق العودة أو احترام سيادة لبنان، وعدم السماح بتحويل المخيمات الفلسطينية إلى مصدر إقلاق للأمن اللبناني".
وذكّر مُرّة بأن "الإحصاءات التي أعلنتها لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني (التابعة للحكومة اللبنانية) بشأن عدد اللاجئين الفلسطينيين تُثبت أننا لا نُشكّل أي خطر على الداخل اللبناني".
وتضمنت مواقف باسيل في روما أيضاً تخوّفاً من "استنساخ تجربة الفلسطينيين على السوريين. فكيف لمجتمع دولي عاجز عن الإيفاء بالتزاماته تجاه الأونروا أن يطلب من لبنان إدماج النازحين السوريين، فيما هو يلغي المنظمة التي تُعنى باللاجئين الفلسطينيين، وكأنه ينبئنا أن السيناريو نفسه سيتكرر: النازح واللاجىء يبقى على أرضنا، فيما الوعود تتبخر تاركة لبنان وحيداً (في تحمّل الأعباء والنتائج)"، على حد تعبيره.
واعتبر وزير الخارجية اللبناني، أيضاً، أن "لبنان لم يحضر إلى هذا المؤتمر ليستجدي مالاً، بل ليطالب بحقٍ شرعي لشعبٍ بالعودة إلى وطنه وبحدٍ أدنى من مساعدته هو إلى حين ذلك، تجنباً لمزيد من الفقر والتطرف يتغلغل في مجتمعاتنا جميعاً".
يشار إلى أنّ الفريق السياسي لباسيل يُروّج لسياساتٍ عنصرية في التعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في لبنان، من خلال تحميلهم مسؤولية مختلف الأحداث الأمنية التي حدثت في لبنان، ومن خلال منع تحسين مستوى المعيشة في المخيمات بالحدود الدنيا، بحجة "عدم توفير أسباب الاستقرار والراحة للاجئين في لبنان، والحفاظ على الشكل المؤقت لإقامتهم"، وهو ما يتزامن مع خفض المساعدات المقدمة من قبل "أونروا" بسبب نقص التمويل، ما يؤدي إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية والصحية والاجتماعية للاجئين في لبنان، وحصر التعامل الرسمي اللبناني معهم بالشق الأمني والعسكري فقط.