واليوم، وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على إنهاء مفاعيل إقامة الحريري في الرياض، وتعهّد الحكومة بالتزام سياسة "النأي بالنفس"، تتعدّد المؤشرات الواضحة على استمرار الأزمة.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، أفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" بأن قاضي التحقيق الأول في بيروت، غسان عويدات، قرّر قبول الشكوى المقدمة من الأسير المحرر نبيه عواضة، بواسطة وكيله المحامي حسن بزي، ضد وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي، ثامر السبهان، بجرم "إثارة النعرات بين اللبنانيين ودعوتهم إلى الاقتتال وتعكير علاقات لبنان بدولة أجنبية".
ويأتي هذا التطور بعد يوم واحد على نشر موضوع في صحيفة "إيلاف" يتضمن تهديدات مباشرة للحريري، نقلاً عن "مصدر كبير" أبلغ الموقع أن "مسؤولاً سعودياً اتصل بوزير لبناني أخيراً، وأبلغه بأن "هرولة" الحريري إلى تركيا ستكلفه ثمناً باهظاً، لأن المملكة لم تقصّر معه ومع لبنان بكل أطيافه في شيء".
وفي محاولة لاستيعاب هذا الموقف الذي سارعت وسائل إعلام قريبة من "حزب الله" إلى ترويجه، رد "تيار المستقبل"، الذي يرأسه الحريري، عبر مقال نُشر على موقعه الإلكتروني فيه تشكيك بمدى ارتباط الموقع بمراكز القرار في السعودية، مع إشارة "المستقبل" إلى أن الموقع محجوب في المملكة، وإلى أنه "إسرائيلي الهوى"، غير أن ما حملته مقالة "إيلاف" من أجواء لم تبد بعيدة عن قراءة رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي"، وليد جنبلاط، لواقع العلاقات مع السعودية.
وقال جنبلاط، في مقابلة صحافية، إن عدم زيارة السفير السعودي الجديد في بيروت، وليد اليعقوب، له "تشكل رسالة من السعودية". وأكد أنه "لن يقبل أي دعوة لزيارة السعودية تحمل توجهاً لإعادة بناء تحالف الرابع عشر من آذار"، وأن "العتب السعودي علينا تراكم"، وهو ما يضم جنبلاط إلى الحريري، وآخرين من قادة القوى السياسية الكبرى، ممن حولتهم السياسات السعودية في لبنان إلى خصوم، ما أضعف من موقفهم السياسي في مواجهة "حزب الله"، الذي تقول السعودية إنه على رأس قائمة أعدائها.