وكان أردوغان قد وجه الرسالة حين كان رئيساً للوزراء، وقال فيها: "لقد أظهرنا عبر هذه الرسالة، رغبتنا في فتح صفحة جديدة من السلام وتجاوز الأحداث المفجعة التي حصلت، وسيصبح من الممكن فتح صفحة جديدة إذا قبل شركاؤنا باليد التي مددناها لهم. من المستحيل أن نسير قدماً نحو المستقبل مع الكراهية".
وأبدى بوزكر تفاؤله بمستقبل العلاقات بين البلدين، معتبراً أنّه "من الآن على الجميع أن يعيشوا بسلام ويتركوا ما حدث في الماضي وراء ظهورهم، نحن كجمهورية تركيا بادرنا بما يجب علينا فعله".
عادت الآمال بإمكانيّة إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، بعد رسالة الاعتذار من أردوغان، والتي كان لها تداعيات إيجابيّة في الإعلام الغربي، وأيضاً على الطرف الأرمني، إذ أكد الرئيس الأرميني سيرج سركسيان، في اليوم ذاته، أنّ بلاده لا تعتبر المجتمع التركي عدواً لها.
وتمنى أردوغان، في رسالته الصادرة بتسع لغات، بما فيها الأرمينية، أن يرقد الضحايا الأرمن، الذين قضوا في تلك الحقبة بسلام، موجّهاً التعازي لأحفاد أولئك الذين شهدوا أحداثاً وصفها بـ"غير الإنسانيّة"، خلال الحرب العالمية الأولى. وأكد أنّ "ما حدث لا ينبغي أن يمنع الأرمن والأتراك من إعادة العلاقات الإنسانيّة بينهما".
ونتيجة هذه الأجواء، تلقّى أردوغان بعد حفل تنصيبه، دعوة من الرئيس الأرميني، إلى حضور الذكرى المئوية لكارثة الأرمن العام المقبل في العاصمة الأرمينية، يرفان، سلّمه اياها وزير الخارجية الأرميني إدوارد نالبانديان، الذي مثّل بلاده في حفل التنصيب.
وتأتي دعوة وزير شؤون الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تطبيع العلاقات، في إطار جهود تبذلها تركيا لتسريع عملية التفاوض والانضمام للاتّحاد الأوروبي، الذي يضع حلّ الأزمة الأرمينية وقبرص التركية ضمن الشروط التي على الأتراك الالتزام بها للانضمام إلى صفوفه.
وبدأت العلاقات التركية الأرمنية بالتحلحل بعد دعوة الرئيس الأرميني سيرج ساركيسيان نظيره التركي السابق، عبد الله غول، العام 2008، إلى زيارة العاصمة الأرمينية، لحضور مباراة بين منتخبي البلدين لكرة القدم أثناء التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010، ليعود ساركيسيان ويزور أنقرة لحضور جولة الإعادة بين منتخبي البلدين.
وكانت الولايات المتحدة قد توسّطت بين الطرفين في جنيف، للتوقيع على بروتوكول لإعادة العلاقات الدبلوماسيّة بين الطرفين العام 2010، يقضي بفتح المعابر الحدوديّة، لكنّ الأمر لم ينجح.
ولم تعد مشكلة المجازر التي حصلت بحقّ الأرمن في العام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى، والتي يتهم الأرمن الأتراك بارتكابها، وحدها الحاجز في وجه إعادة تطبيع العلاقات، إذ تمثّل المشكلة الأذرية الأرمينية عقبة أخرى. يعتبر الأتراك الأذريين أخوة لهم في العرق، باعتبار أنّ الشعبين ينتميان إلى مجموعة الشعوب التركية ويتحدثان اللغة التركية.
وتطرّق أردوغان إلى هذه المسألة، خلال زيارته الأولى لأذربيجان بصفته رئيساً للجمهورية، بداية الشهر الحالي، قبل مغادرته لحضور قمّة حلف شمال الأطلسي في المملكة المتحدة. وأعرب عن عدم ممانعته لإعادة تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا، لكنه قال إنّ الأمر لا بدّ أن يمرّ عبر إعادة تطبيع العلاقات بين أذربيجان وأرمينيا اللتين تعيشان حالة عداء منذ أكثرمن 20 عاماً، إذ تتهم أذربيحان أرمينيا باحتلال إقليم نيغورنوكاراباخ التابع لها.