لا يزال تطبيق "أمان" لتتبع المصابين بفيروس كورونا في الأردن يواجَه بالريبة أحياناً، مع ارتفاع أصوات تتهمه بالاعتداء على خصوصية المستخدمين، في وقت تحاول فيه الحكومة إلزام العاملين في القطاعين العام والخاص تحميل التطبيق، لمواجهة انتشار الفيروس.
وقالت الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح في بيان لها الأسبوع الماضي إن القرارات الحكومية المتعلقة بتطبيق "أمان" تخالف "صراحةً العديد من الاعتبارات الأخلاقية التي نشرتها منظمة الصحة العالمية في 28 مايو/ أيار الماضي"، مؤكدة أن استخدام التطبيق "لا يتوافق مع عدة مبادئ منها الطوعية، والشفافية، والمساءلة والإشراف المستقل، والتي اعتمدتها المنظمة مبادئ أخلاقية لمثل هذه التطبيقات".
ونبّهت الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح أنّ استخدام تطبيق "أمان" لا يتماشى مع المبادئ التي وضعتها منظمة الصحة العالمية في هذا الخصوص، والتي أشارت إلى أن التطبيقات التي تستخدم لتتبع مخالطي الإصابة فعاليتها غير معروفة حتى الآن.
وجاء هذا البيان بعدما أعلن وزير العمل نضال بطاينة إلزام جميع العاملين في منشآت القطاع الخاص تنزيل تطبيق "أمان"، فيما كان رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز قد عمم في 11 أغسطس /آب الماضي، بإلزام جميع موظفي القطاع العام باستخدام التطبيق. كما تضمن التعميم اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لمنع دخول أي مُراجع لدوائر ومؤسسات القطاع العام لا يلتزم بتفعيل التطبيق، وتكليف أحد موظفي هذه المؤسسات بالتأكد من ذلك، على أن تُرفع تقارير أسبوعية لرئيس الوزراء حول الالتزام بالتنفيذ.
ووفق وزارة الصحة الأردنية فإن أهمية التطبيق تأتي في الحد من انتشار فيروس كورونا من خلال تتبع سلسلة انتقال المرض، عندما يتمكن مستخدم التطبيق من معرفة إمكانية تعرضه للإصابة من خلال استلامه إشعاراً يوضح مكان وزمان المخالطة للشخص المصاب، وبناء عليه يقوم الشخص باتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة كحجر نفسه، والخضوع للفحص الطبي المطلوب في وقت مبكر لتفادي انتشار العدوى إلى المقربين منه.
ويعمل تطبيق "أمان" على تخزين البيانات المتعلقة بحامله محلياً على جهازه. وتشمل هذه البيانات مواقع تحركات المستخدم، والأزمنة المرافقة لكل نقطة تحرك بعد تفعيل خاصية التموضع الجغرافي (GPS). وبالتالي عند الإصابة المؤكدة بالفيروس يُسلّم ملف يحتوي بيانات الشخص المصاب التي تغطي 14 يوماً تسبق تاريخ اكتشاف المرض، إلى موظف وزارة الصحة الموجود في المستشفى، الذي بدوره سيقوم بتحميلها على سيرفر (خادم) وزارة الصحة.
وطالبت الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح، بضرورة إيجاد ضمانات قانونية للحفاظ على خصوصية المواطنين في ظل عدم وجود قوانين لحماية البيانات، تمكّن المتضررين من رفع الدعاوى القضائية ضد مطوري التطبيق في حال سرقة البيانات أو إفشائها. ودعت إلى ضرورة التزام الحكومة بالاعتبارات الأخلاقية التي أشارت إليها منظمة الصحة العالمية مع إنهاء العمل بأي قرار يلزم استخدام التطبيق، تماشيًا مع هذه الإرشادات، وجعل التطبيق "مفتوح المصدر" لتحقيق الشفافية والنزاهة في آلية عمله.
ويخالف استخدام تطبيق "أمان" وفق الجمعية جملة من الاعتبارات الأخلاقية التي أشارت إليها الوثيقة الصادرة من أعلى جهة تختص بالصحة العامة عالميا، ولا سيما مع صدور قرار مجلس الوزراء بإلزام الموظفين ومراجعي الدوائر الحكومية وموظفي القطاع الخاص باستخدام هذا التطبيق. مشيرة إلى أنّ القرار يخالف ما ذهبت إليه المنظمة بأنه "يجب أن يكون قرار الفرد بتنزيل واستخدام تطبيق يساهم في مراقبة الصحة العامة أو تتبع التقارب الرقمي طوعياً ومبنياً على المعرفة، وأنه يجب ألاّ تفرض الحكومات استخدام مثل هذا التطبيق ولا ينبغي حرمان أي فرد من الخدمات أو المزايا من أي جهة حكومية أو خاصة لرفضه استخدام أحد التطبيقات.
وترى الجمعية أن تطبيق "أمان" يخالف مبادئ الشفافية وقابلية التفسير التي دعت إليها المنظمة، التي وضحّت أنه "يجب أن تكون هناك شفافية كاملة حول كيفية عمل التطبيقات وواجهات برمجة التطبيقات، ونشر كود الوصول المفتوح للمصدر. وأشارت إلى أن تطبيق "أمان" مغلق المصدر، لا يمكن معرفة آلية عمله.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى ضرورة إيجاد إشراف مستقل، بما في ذلك الإشراف على الجوانب الأخلاقية وحقوق الإنسان، لكل من الوكالات العامة والشركات التي تطور أو تشغل هذه التطبيقات، "بالإضافة إلى ضمان مشاركة حرة ونشطة وذات مغزى لأصحاب المصلحة المعنيين، مثل الخبراء من قطاع الصحة العامة، ومنظمات المجتمع المدني، والفئات الأكثر تهميشاً".