09 مايو 2021
تطرّف المسؤولين الإسرائيليين المُقلق
فوجئ كثيرون من قرّاء صحيفة لوموند الفرنسية، حين قرأوا في مقالة زيف ستيرنهل، أحد أهم المختصين بالفاشية، مقارنةً بين إسرائيل اليوم وألمانيا في فترة بداية النازية، حيث إن غالبية كبرى وسائل الإعلام قد غطّت حالة التطرف المقلقة للتحالف اليميني واليميني المتطرف الذي يحكم إسرائيل منذ عام 2015. ولهذه الظاهرة ثلاثة أبعاد رئيسية.
أولها وأهمها يتعلق بالمشروع الاستيطاني في فلسطين الذي يشهد منعطفاً تاريخياً، فالسلطات الإسرائيلية تتظاهر بقبول ما يدعى "حل الدولتين"، بمن فيها رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، منذ خطاب له في عام 2009. كانت هذه السلطات تسرّع عمليات الاستيطان بكل تأكيد (أوردت صحيفة هآرتس وجود سبعمائة ألف مستوطن يهودي، هم 470 ألفاً في الضفة الغربية، و230 ألفاً في القدس الشرقية)، لكنها كانت مع ذلك تحافظ على نوعٍ من الغموض بشأن وضع الأراضي المحتلة.
من تصعيد إلى آخر، بتحفيز من التجديد المتوقع لنتنياهو، فرض باقي قادة التحالف الرئيسيين تغييراً في المسار، فوزير التعليم والشتات، ورئيس الحزب البيت اليهودي نفتالي بينيت، يكرّر من دون كلل: "طريق التنازلات، طريق التقسيم قد فشل. علينا أن نبذل أرواحنا لضم الضفة الغربية". وأقرن أقواله بأفعال، حين جعل البرلمان يصوّت على قانون في السادس من فبراير/ شباط 2017. يشرع هذا القانون بأثر رجعي سلسلة من "البؤر الاستيطانية" (هذه المراكز الاستيطانية المتقدمة كانت غير قانونية حتى بنظر اليمين الإسرائيلي)، ويسمح بالتالي بمصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة، فاتحاً الباب أمام مدّ السيطرة الإسرائيلية على المنطقة ج، التي تشغل 60% من قطاع غزة، إن لم تكن سيطرةً على القطاع بأكمله. هذا القانون الملقب بالـ"تشريعي"، وسمّاه بيني بيغن، نجل رئيس الوزراء الأسبق،" قانون اللصوص"، ما زال مجمداً في المحكمة العليا، إلا أن هذه المحكمة أصبحت هدفاً لهجمات الحكومة التي تود تغيير تركيبتها وتخفيض صلاحيتها.
يعتبر "البيت اليهودي"، الحزب اليميني المتطرّف و"الفاشي" بنظر رئيس الوزراء السابق، إيهود باراك، نفسه وريث الحزب القومي الديني، وهو قلب حركة الاستيطان، إلى جانب حركة تكتل المؤمنين. ولهذا الحزب ثمانية نواب وأربعة وزراء فقط، إلا أنه نجح في الحصول على أصوات 60 نائباً لمصلحة قانونه، غالبيتهم العظمى من حزب الليكود، مع أن قائد الليكود، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب منهم أن يعترضوا عليه بإلحاح. ولا بد من ذكر أن اللجنة المركزية لحزب الليكود رفضت، حتى نهاية عام 2017، الإعلان عن تأييدها إلحاق الضفة الغربية بإسرائيل.
هناك مشروع قانون آخر ينص على إلحاق خمس كتل استيطانية تقع في شرق القدس، وفي الوقت نفسه، يحول دون أن تصبح القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين. لكن، بحسب نتنياهو، ما زال هذا المشروع يحتاج "تحضيراً دبلوماسياً". بانتظار ذلك، أقر الكنيست تعديلاً جديداً لقانون أساس القدس، بناءً على اقتراح نفتالي بينيت. وبحسب هذا التعديل، لن تتمكّن الحكومة من التخلي عن أجزاء من المدينة للسلطة الفلسطينية، إلا بموافقة غالبية 81 من أعضاء الكنيست (من أصل 120) بدلاً من 60 عضواً. كما يسمح القانون باقتطاع أحياء فلسطينية خلف الجدار، وجعلها "كيانات منفصلة"، وإخراج هذه الأحياء من القدس إدارياً يعني أن السكان لن يعودوا "مقيمين".
"إن تم تنفيذ تقطيع حدود البلدية بهذا الشكل، فإنه سيقلل عدد سكان المدينة من الفلسطينيين بـ120 ألف شخص، وسيزيد 140 ألف مستوطن إسرائيلي إلى السكان. وبذلك، يقلص القسم الفلسطيني من المدينة إلى 20% (بدلاً من 37% حالياً)" هذا ما ورد في تقرير سري سنوي لقناصل الاتحاد الأوروبي في القدس، ولخّصه الصحافي رينيه باكمان.
بعبارات أخرى، قرّر بناة إسرائيل الكبرى، بغض النظر عن المنافسات بينهم، انتهاك جميع قرارات الأمم المتحدة صراحةً وعلناً، ودفن ما يطلق عليه "حل الدولتين"، ليستبدل بدولة واحدة: دولة فصل عنصري، يحرم فيها الفلسطينيون الملحقون من حقوقهم السياسية، بدءاً من حق التصويت. من ناحية التعداد السكاني، عدد السكان اليهود يقارب عدد السكان العرب في أرض فلسطين التاريخية: حوالي 6,6 ملايين نسمة.
ويرمز القانون الأساسي الجديد الذي يتبناه الكنسيت حالياً إلى هذه الرغبة، فقانون 1992 يعرّف إسرائيل بأنها "دولة يهودية وديمقراطية"، أما المشروع الذي صُوّت عليه بالقراءة الأولى فيتحدث عن "دولة قومية للشعب اليهودي". ويحدّد أن "حق ممارسة تقرير المصير الوطني في قلب دولة إسرائيل هو حق للشعب اليهودي فقط". وعلاوة على ذلك، يحرم القانون اللغة العربية من مكانة "لغة الدولة" التي تتمتع بها الآن اللغة العبرية فحسب.
يدفع قادة اليمين المتطرف قضيتهم أيضاً عن طريق استفزازات ضخمة، فوزيرة العدل مثلاً، أيليت شاكيد، لم تتردّد في نشر نص على صفحتها على "فيسبوك"، أخيرا، يعتبر "سائر الشعب الفلسطيني عدواً لإسرائيل"، ما يبرّر "تدميره، بمسنّيه ونسائه، ببيوته وقراه". ودعا نفتالي بينيت إلى قتل جميع "الإرهابيين" بدل سجنهم. وقال شارحاً: "قتلت عربا كثيرين، ليس ثمة أي مشكلة في ذلك". أما أفيغدور ليبرمان فيقول إن "لا مكان للإسرائيليين العرب هنا. لهم أن يحملوا متاعهم ويختفوا"، مضيفاً: "ومن يعارضنا يستحق قطع رأسه بفأس"، كما أنه يقترح نقل السجناء الفلسطينيين "إلى البحر الميت لإغراقهم"...
إلا أن هؤلاء المتطرفين يعرفون أن هروبهم إلى الإمام قد يثير، بمرور الوقت، ردود فعل سلبية في الرأي العام. إن كان غياب بدائل يسارية قد دفع الإسرائيليين دوماً أكثر إلى اليمين، فإن لهذا التطور حدوداً: فوفق استطلاع للرأي، يرى نصف المشاركين في الاستطلاع أن الاستمرار في استيطان قطاع غزة "ليس حكيماً"، ويعارض 53% منهم إلحاقه. هذا ما يشرح البعد الثاني من أبعاد تطرّف التحالف الحالي: ترسانة وأد الحريات التي جعلت الكنيست يصوت عليها منذ بداية هذا العقد. وهنا مختارات من هذه القوانين:
ـ يمنع القانون أي دعوة إلى "مقاطعة شخص بسبب علاقته بإسرائيل، أو بمنطقة تحت سيطرة إسرائيل".
ـ قانون آخر يحرّم المنظمات أو المؤسسات أو البلديات التي تحتفل بذكرى النكبة من الإعانات الحكومية (2011). وينشئ النص نفسه "لجان قبول" مهمتها تقرير إن كان الشخص أو الأشخاص الذين يريدون أن يسكنوا في حي أو في مدينة ما "مناسبين" أم لا.
ـ تعديل على قانون الحكومة الأساسي، يرفع العتبة الدنيا لنسبة تشكيل سياسي إلى 3,25 %، التشكيلات دون هذه النسبة، لا يحق لها التمثيل في الكنيست (2014).
ـ قانون يجبر المنظمات غير الحكومية على التصريح عن المعونات التي تصل إليها من الحكومات الأجنبية عدة مرات في السنة، إن كانت هذه المعونات تمثل ما يفوق نصف ميزانية المنظمة (2016).
ـ قانون فريد في العالم، يسمح لـ90 نائباً (من أصل 120) بطرد نواب آخرين من الكنيست، للتحريض أو العنصرية أو دعم الكفاح المسلح (2016).
ـ تشريع آخر يعطي صلاحيات استثنائية للدولة ضد "التنظيمات الإرهابية" في إسرائيل، بمن فيها "الأعضاء غير الفاعلين". وتسمح لوزير الدفاع بمصادرة ممتلكات أعضاء هذه التنظيمات من دون محاكمة (2016).
ـ قانون يسمح بسجن القاصرين المتهمين بارتكاب جرائم عنيفة، انطلاقاً من عمر 12 سنة. (2016).
ـ تشريع يسمح لإسرائيل بمنع الأشخاص، أو الممثلين عن شركات أو مؤسسات أو جمعيات تدعو إلى المقاطعة من عبور حدودها. (2017). وثمة قائمة بـ20 منظمة ممنوعة ستنشر في 2018.
ـ قانون آخر، اقترحه بينيت، وصوّت له بالقراءة الأولى، يسمح لوزير التعليم بمنع الجمعيات التي تندد بالجيش (في هذه الحالة المقصود جمعية كسر الصمت التي تشن حملة ضد عنف الجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة)، بإجراء مداخلات في مؤسسات التعليم (2017).
ـ تشريع تراد منه حماية بنيامين نتنياهو، يمنع الشرطة من إبلاغ المدعي العام بوجود دوافع تجريمية في إطار التحقيقات المتعلقة بشخصيات عامة (2017).
ـ قانون يسمح لوزير الداخلية بسحب حق الإقامة في القدس من الفلسطينيين المشتبه "بعدم ولائهم" للدولة (2018).
ـ القانون الأخير، شبه الشمولي، يسمح لرئيس الوزراء ولوزير الدفاع بإعلان الحرب بمفرديهما، من دون استشارة المكتب الأمني، ناهيك بالحكومة (2018).
الطيور على أشكالها تقع
يختار نتنياهو أصدقاءه المقربين من بين أسوأ الشعوبيين الأوروبيين (وهذا البعد الثالث لتطرّف تحالفه)، مثل رئيس الوزراء الهنغاري، فيكتور أوربان، الذي صفى الحريات الهنغارية، والمعادي للإسلام وللسامية. لم تطرف عين رئيس "الليكود"، حين علم أن مضيفه الهنغاري، قبل أيام من لقائهما في يوليو/ تموز 2017، دافع عن وصي عرش المملكة المجرية (1920ـ 1944)، ميكلوش هورتي، الذي كان بمثابة فيليب بيتان الفرنسي، وساعد خلفاؤه أدولف أيكمان في ترحيل وقتل 430 ألف يهودي هنغاري. كما يغازل نتنياهو ياروسلاف كاتشينسكي، مع أنه حفّز على سن قانون يمنع ذكر المتواطئين البولونيين مع المحتل النازي: في بحث أجراه عام 1970، قدّر المؤرخ زايمون داتنر أن هؤلاء المتواطئين قتلوا 200 ألف يهودي خلال الحرب العالمية الثانية. وقد أثار مشروع القانون الإنكاري هذا، الذي أطلق عدة مظاهرات معادية للسامية علنا في البلاد، فضيحة أجبرت فرصوفيا على التراجع جزئياً، ما كان مصدر ارتياح عميق لتل أبيب.
تبرّر هذه العلاقات الخطرة بحجج دبلوماسية، إلا أنها حجج لا يمكن أن تشرح التقارب بين إسرائيل وأحزاب اليمين المتطرّف في أوروبا الغربية. منذ ديسمبر/ كانون الأول عام 2010، أقام حوالي ثلاثين من قادة اليمين المتطرّف في إسرائيل، ومنهم الهولندي خيرت فيلدرز، والبلجيكي فيليب دوينتر، وخليفة يورغ هايدر النمساوي هاينز كريستيان ستراتش، وقد تم استقبالهم بحفاوة، وبالتكريم الواجب تجاه ضيوف من أعلى المستويات. أفيغدور ليبرمان، الذي كان يشغل حينها منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، والذي يحلم بدولة يهودية خالصة يطرد منها المسلمين، تبادل الحديث بحرارة مع وايلدرز الذي يحلم بمنع القرآن في هولندا، وزار هذا مستوطنة في الضفة الغربية، وهناك، وفق ما نقلت الوكالة الفرنسية، "رافع ضد إعادة الأراضي مقابل السلام مع الفلسطينيين، مقترحاً إسكان الفلسطينيين "بإرادتهم" في الأردن". وبالنسبة له، تمثل هذه المستوطنات "معاقل حرية صغيرة، في وجه القوى الأيديولوجية التي لا تنفي إسرائيل فحسب، بل والغرب بأسره، والحق في العيش بسلام وبكرامة وبحرية".
وأخيرا، أرسل "الليكود" أحد نوابه، يهودا غليك، للقاء حزب التحالف من أجل النمسا، الذي أسسه يورغ هايدر بعد عودته إلى الحكومة النمساوية. ومن المرجح أن يتواصل يهودا والرابطة التي فازت مع حركة 5 نجوم في الانتخابات الإيطالية. وتشكيل الفرنسية اليميني، مارين لوبين، هو المنبوذ الوحيد من إسرائيل، ولو أن شريك حياتها، لويس أليوت، أقام في إسرائيل.
وفي هذا التطرّف، شيء من الغطرسة الإغريقية، مزيج من الدوار والكبرياء والإفراط، التي كانت الآلهة تصب غضبها عليها. يعتقد نتنياهو وحلفاؤه/ خصومه أن في وسعهم فعل ما شاؤوا، لأنهم يمتلكون أقوى أربع أوراق في اللعبة. أولاها، دونالد ترامب، أكثر رئيس أميركي مؤيد لإسرائيل في التاريخ، مدفوعاً بعشرات الملايين من الإنجيليين خصوصا، فبعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، سيعترف بضم الجولان السورية إلى إسرائيل، وربما دعم مغامرة إسرائيلية ضد إيران. بالمختصر، لن يرفض ترامب لتل أبيب طلباً. والورقة الثانية هي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي قرّر أن يتخلى بشكل صريح عن القضية الفلسطينية للتحالف وواشنطن وتل أبيب ضد إيران. الورقة الثالثة، محمود عباس ويحيى السنوار، الأخوان الفلسطينيان العدوان، غير القادرين على تجاوز الانقسامات بين حركتي فتح وحماس، مؤمّنين بذلك لإسرائيل أفضلية عظيمة. وأخيراً، الورقة الرابعة حروب سورية والعراق واليمن وليبيا، والتي تضع المسألة الفلسطينية في الهامش، بعد أن كانت مركزية.
يعرف نتنياهو وحلفاؤه أن هروبهم إلى الأمام لا يمكن إلا أن يزيد من حدّة عزلة الحكومة الإسرائيلية دولياً، بمرور الوقت، فقد دخلت الدولة الفلسطينية إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) في العام 2011، وإلى الأمم المتحدة في 2012، ومحكمة العقوبات الدولية في 2015. كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرّت في نهاية عام 2017 حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم وبدولة، وذلك بـ176 مع، وسبعٍ ضد (الولايات المتحدة، كندا، إسرائيل، جزر مارشال، ميكرونيزيا، ناورو، بالاو)، وامتنعت أربع دول عن التصويت (كاميرون، هندوراس، توغو، تونغو). في استطلاع عالمي للرأي عن صورة الدول المختلفة، تظهر إسرائيل في ذيل القائمة، مع إيران وكوريا الشمالية وباكستان.
لهذا السبب، تبذل الحكومة الإسرائيلية جهدها لإسكات منتقدي سياستها. وهذا ما يفسر رغبتها في تجريم حركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، والتي اعتبرها نتنياهو "تهديداً استراتيجياً عظيماً"، وهو يحاربهم مع منظمةٍ حصلت أخيرا على 72 مليون دولار. بعد هذه العملية الأولى، تأتي أخرى بدأ العمل عليها قبل سنتين، تسعى إلى منع معاداة الصهيونية، لتشبيهها بمعاداة السامية. مستنداً إلى جملةٍ قصيرةٍ، نطق بها الرئيس الفرنسي لمناسبة ذكرى هجوم فيل ديف، رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، يطالب مثلاً بسن قانون من هذا النوع، انطلاقاً من "تعريفٍ" لمعاداة السامية، وضعته مجموعة ضغط، من التحالف الدولي لتذكر المحرقة.
يطرح هذا كله مشكلة مفردات سياسية طبعاً. لو أن المسار الذي سلكته إسرائيل في السنوات الأخيرة قد سلكته أي دولة أخرى، لاعتبر تحولاً إلى الفاشية. وليست المقارنة حجةً كافية بالطبع. ولكن حتى إن لم يكن تيار الصهيونية التصحيحية الذي أسّسه زئيف جابوتنسكي، والذي ينتمي إليه نتنياهو، يعتبر الفاشية مرجعيةً له، كيف لنا أن ننسى أن بينيتو موسوليني نفسه طالب بتوجه هذا التيار؟ فقد أسرّ الدوتشي إلى دافيد براتو، الذي أصبح حاخام روما الأعظم لاحقاً، في عام 1935 "لكي تنجح الصهيونية، أنتم بحاجة دولة يهودية، لها علم يهودي، ولغة يهودية. الشخص الذي يفهم ذلك جيداً هو رجلكم في الحزب الفاشي، جابوتيسكي" أهي مصادفة؟ بن زيون نتنياهو، والد بنيامين، كان سكرتير جابوتنسكي. هذا الشبل من ذلك الأسد.
(ترجمة مي رستم)
أولها وأهمها يتعلق بالمشروع الاستيطاني في فلسطين الذي يشهد منعطفاً تاريخياً، فالسلطات الإسرائيلية تتظاهر بقبول ما يدعى "حل الدولتين"، بمن فيها رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، منذ خطاب له في عام 2009. كانت هذه السلطات تسرّع عمليات الاستيطان بكل تأكيد (أوردت صحيفة هآرتس وجود سبعمائة ألف مستوطن يهودي، هم 470 ألفاً في الضفة الغربية، و230 ألفاً في القدس الشرقية)، لكنها كانت مع ذلك تحافظ على نوعٍ من الغموض بشأن وضع الأراضي المحتلة.
من تصعيد إلى آخر، بتحفيز من التجديد المتوقع لنتنياهو، فرض باقي قادة التحالف الرئيسيين تغييراً في المسار، فوزير التعليم والشتات، ورئيس الحزب البيت اليهودي نفتالي بينيت، يكرّر من دون كلل: "طريق التنازلات، طريق التقسيم قد فشل. علينا أن نبذل أرواحنا لضم الضفة الغربية". وأقرن أقواله بأفعال، حين جعل البرلمان يصوّت على قانون في السادس من فبراير/ شباط 2017. يشرع هذا القانون بأثر رجعي سلسلة من "البؤر الاستيطانية" (هذه المراكز الاستيطانية المتقدمة كانت غير قانونية حتى بنظر اليمين الإسرائيلي)، ويسمح بالتالي بمصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة، فاتحاً الباب أمام مدّ السيطرة الإسرائيلية على المنطقة ج، التي تشغل 60% من قطاع غزة، إن لم تكن سيطرةً على القطاع بأكمله. هذا القانون الملقب بالـ"تشريعي"، وسمّاه بيني بيغن، نجل رئيس الوزراء الأسبق،" قانون اللصوص"، ما زال مجمداً في المحكمة العليا، إلا أن هذه المحكمة أصبحت هدفاً لهجمات الحكومة التي تود تغيير تركيبتها وتخفيض صلاحيتها.
يعتبر "البيت اليهودي"، الحزب اليميني المتطرّف و"الفاشي" بنظر رئيس الوزراء السابق، إيهود باراك، نفسه وريث الحزب القومي الديني، وهو قلب حركة الاستيطان، إلى جانب حركة تكتل المؤمنين. ولهذا الحزب ثمانية نواب وأربعة وزراء فقط، إلا أنه نجح في الحصول على أصوات 60 نائباً لمصلحة قانونه، غالبيتهم العظمى من حزب الليكود، مع أن قائد الليكود، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب منهم أن يعترضوا عليه بإلحاح. ولا بد من ذكر أن اللجنة المركزية لحزب الليكود رفضت، حتى نهاية عام 2017، الإعلان عن تأييدها إلحاق الضفة الغربية بإسرائيل.
هناك مشروع قانون آخر ينص على إلحاق خمس كتل استيطانية تقع في شرق القدس، وفي الوقت نفسه، يحول دون أن تصبح القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين. لكن، بحسب نتنياهو، ما زال هذا المشروع يحتاج "تحضيراً دبلوماسياً". بانتظار ذلك، أقر الكنيست تعديلاً جديداً لقانون أساس القدس، بناءً على اقتراح نفتالي بينيت. وبحسب هذا التعديل، لن تتمكّن الحكومة من التخلي عن أجزاء من المدينة للسلطة الفلسطينية، إلا بموافقة غالبية 81 من أعضاء الكنيست (من أصل 120) بدلاً من 60 عضواً. كما يسمح القانون باقتطاع أحياء فلسطينية خلف الجدار، وجعلها "كيانات منفصلة"، وإخراج هذه الأحياء من القدس إدارياً يعني أن السكان لن يعودوا "مقيمين".
"إن تم تنفيذ تقطيع حدود البلدية بهذا الشكل، فإنه سيقلل عدد سكان المدينة من الفلسطينيين بـ120 ألف شخص، وسيزيد 140 ألف مستوطن إسرائيلي إلى السكان. وبذلك، يقلص القسم الفلسطيني من المدينة إلى 20% (بدلاً من 37% حالياً)" هذا ما ورد في تقرير سري سنوي لقناصل الاتحاد الأوروبي في القدس، ولخّصه الصحافي رينيه باكمان.
بعبارات أخرى، قرّر بناة إسرائيل الكبرى، بغض النظر عن المنافسات بينهم، انتهاك جميع قرارات الأمم المتحدة صراحةً وعلناً، ودفن ما يطلق عليه "حل الدولتين"، ليستبدل بدولة واحدة: دولة فصل عنصري، يحرم فيها الفلسطينيون الملحقون من حقوقهم السياسية، بدءاً من حق التصويت. من ناحية التعداد السكاني، عدد السكان اليهود يقارب عدد السكان العرب في أرض فلسطين التاريخية: حوالي 6,6 ملايين نسمة.
ويرمز القانون الأساسي الجديد الذي يتبناه الكنسيت حالياً إلى هذه الرغبة، فقانون 1992 يعرّف إسرائيل بأنها "دولة يهودية وديمقراطية"، أما المشروع الذي صُوّت عليه بالقراءة الأولى فيتحدث عن "دولة قومية للشعب اليهودي". ويحدّد أن "حق ممارسة تقرير المصير الوطني في قلب دولة إسرائيل هو حق للشعب اليهودي فقط". وعلاوة على ذلك، يحرم القانون اللغة العربية من مكانة "لغة الدولة" التي تتمتع بها الآن اللغة العبرية فحسب.
يدفع قادة اليمين المتطرف قضيتهم أيضاً عن طريق استفزازات ضخمة، فوزيرة العدل مثلاً، أيليت شاكيد، لم تتردّد في نشر نص على صفحتها على "فيسبوك"، أخيرا، يعتبر "سائر الشعب الفلسطيني عدواً لإسرائيل"، ما يبرّر "تدميره، بمسنّيه ونسائه، ببيوته وقراه". ودعا نفتالي بينيت إلى قتل جميع "الإرهابيين" بدل سجنهم. وقال شارحاً: "قتلت عربا كثيرين، ليس ثمة أي مشكلة في ذلك". أما أفيغدور ليبرمان فيقول إن "لا مكان للإسرائيليين العرب هنا. لهم أن يحملوا متاعهم ويختفوا"، مضيفاً: "ومن يعارضنا يستحق قطع رأسه بفأس"، كما أنه يقترح نقل السجناء الفلسطينيين "إلى البحر الميت لإغراقهم"...
إلا أن هؤلاء المتطرفين يعرفون أن هروبهم إلى الإمام قد يثير، بمرور الوقت، ردود فعل سلبية في الرأي العام. إن كان غياب بدائل يسارية قد دفع الإسرائيليين دوماً أكثر إلى اليمين، فإن لهذا التطور حدوداً: فوفق استطلاع للرأي، يرى نصف المشاركين في الاستطلاع أن الاستمرار في استيطان قطاع غزة "ليس حكيماً"، ويعارض 53% منهم إلحاقه. هذا ما يشرح البعد الثاني من أبعاد تطرّف التحالف الحالي: ترسانة وأد الحريات التي جعلت الكنيست يصوت عليها منذ بداية هذا العقد. وهنا مختارات من هذه القوانين:
ـ يمنع القانون أي دعوة إلى "مقاطعة شخص بسبب علاقته بإسرائيل، أو بمنطقة تحت سيطرة إسرائيل".
ـ قانون آخر يحرّم المنظمات أو المؤسسات أو البلديات التي تحتفل بذكرى النكبة من الإعانات الحكومية (2011). وينشئ النص نفسه "لجان قبول" مهمتها تقرير إن كان الشخص أو الأشخاص الذين يريدون أن يسكنوا في حي أو في مدينة ما "مناسبين" أم لا.
ـ تعديل على قانون الحكومة الأساسي، يرفع العتبة الدنيا لنسبة تشكيل سياسي إلى 3,25 %، التشكيلات دون هذه النسبة، لا يحق لها التمثيل في الكنيست (2014).
ـ قانون يجبر المنظمات غير الحكومية على التصريح عن المعونات التي تصل إليها من الحكومات الأجنبية عدة مرات في السنة، إن كانت هذه المعونات تمثل ما يفوق نصف ميزانية المنظمة (2016).
ـ قانون فريد في العالم، يسمح لـ90 نائباً (من أصل 120) بطرد نواب آخرين من الكنيست، للتحريض أو العنصرية أو دعم الكفاح المسلح (2016).
ـ تشريع آخر يعطي صلاحيات استثنائية للدولة ضد "التنظيمات الإرهابية" في إسرائيل، بمن فيها "الأعضاء غير الفاعلين". وتسمح لوزير الدفاع بمصادرة ممتلكات أعضاء هذه التنظيمات من دون محاكمة (2016).
ـ قانون يسمح بسجن القاصرين المتهمين بارتكاب جرائم عنيفة، انطلاقاً من عمر 12 سنة. (2016).
ـ تشريع يسمح لإسرائيل بمنع الأشخاص، أو الممثلين عن شركات أو مؤسسات أو جمعيات تدعو إلى المقاطعة من عبور حدودها. (2017). وثمة قائمة بـ20 منظمة ممنوعة ستنشر في 2018.
ـ قانون آخر، اقترحه بينيت، وصوّت له بالقراءة الأولى، يسمح لوزير التعليم بمنع الجمعيات التي تندد بالجيش (في هذه الحالة المقصود جمعية كسر الصمت التي تشن حملة ضد عنف الجيش الإسرائيلي في الأراضي المحتلة)، بإجراء مداخلات في مؤسسات التعليم (2017).
ـ تشريع تراد منه حماية بنيامين نتنياهو، يمنع الشرطة من إبلاغ المدعي العام بوجود دوافع تجريمية في إطار التحقيقات المتعلقة بشخصيات عامة (2017).
ـ قانون يسمح لوزير الداخلية بسحب حق الإقامة في القدس من الفلسطينيين المشتبه "بعدم ولائهم" للدولة (2018).
ـ القانون الأخير، شبه الشمولي، يسمح لرئيس الوزراء ولوزير الدفاع بإعلان الحرب بمفرديهما، من دون استشارة المكتب الأمني، ناهيك بالحكومة (2018).
الطيور على أشكالها تقع
يختار نتنياهو أصدقاءه المقربين من بين أسوأ الشعوبيين الأوروبيين (وهذا البعد الثالث لتطرّف تحالفه)، مثل رئيس الوزراء الهنغاري، فيكتور أوربان، الذي صفى الحريات الهنغارية، والمعادي للإسلام وللسامية. لم تطرف عين رئيس "الليكود"، حين علم أن مضيفه الهنغاري، قبل أيام من لقائهما في يوليو/ تموز 2017، دافع عن وصي عرش المملكة المجرية (1920ـ 1944)، ميكلوش هورتي، الذي كان بمثابة فيليب بيتان الفرنسي، وساعد خلفاؤه أدولف أيكمان في ترحيل وقتل 430 ألف يهودي هنغاري. كما يغازل نتنياهو ياروسلاف كاتشينسكي، مع أنه حفّز على سن قانون يمنع ذكر المتواطئين البولونيين مع المحتل النازي: في بحث أجراه عام 1970، قدّر المؤرخ زايمون داتنر أن هؤلاء المتواطئين قتلوا 200 ألف يهودي خلال الحرب العالمية الثانية. وقد أثار مشروع القانون الإنكاري هذا، الذي أطلق عدة مظاهرات معادية للسامية علنا في البلاد، فضيحة أجبرت فرصوفيا على التراجع جزئياً، ما كان مصدر ارتياح عميق لتل أبيب.
تبرّر هذه العلاقات الخطرة بحجج دبلوماسية، إلا أنها حجج لا يمكن أن تشرح التقارب بين إسرائيل وأحزاب اليمين المتطرّف في أوروبا الغربية. منذ ديسمبر/ كانون الأول عام 2010، أقام حوالي ثلاثين من قادة اليمين المتطرّف في إسرائيل، ومنهم الهولندي خيرت فيلدرز، والبلجيكي فيليب دوينتر، وخليفة يورغ هايدر النمساوي هاينز كريستيان ستراتش، وقد تم استقبالهم بحفاوة، وبالتكريم الواجب تجاه ضيوف من أعلى المستويات. أفيغدور ليبرمان، الذي كان يشغل حينها منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، والذي يحلم بدولة يهودية خالصة يطرد منها المسلمين، تبادل الحديث بحرارة مع وايلدرز الذي يحلم بمنع القرآن في هولندا، وزار هذا مستوطنة في الضفة الغربية، وهناك، وفق ما نقلت الوكالة الفرنسية، "رافع ضد إعادة الأراضي مقابل السلام مع الفلسطينيين، مقترحاً إسكان الفلسطينيين "بإرادتهم" في الأردن". وبالنسبة له، تمثل هذه المستوطنات "معاقل حرية صغيرة، في وجه القوى الأيديولوجية التي لا تنفي إسرائيل فحسب، بل والغرب بأسره، والحق في العيش بسلام وبكرامة وبحرية".
وأخيرا، أرسل "الليكود" أحد نوابه، يهودا غليك، للقاء حزب التحالف من أجل النمسا، الذي أسسه يورغ هايدر بعد عودته إلى الحكومة النمساوية. ومن المرجح أن يتواصل يهودا والرابطة التي فازت مع حركة 5 نجوم في الانتخابات الإيطالية. وتشكيل الفرنسية اليميني، مارين لوبين، هو المنبوذ الوحيد من إسرائيل، ولو أن شريك حياتها، لويس أليوت، أقام في إسرائيل.
وفي هذا التطرّف، شيء من الغطرسة الإغريقية، مزيج من الدوار والكبرياء والإفراط، التي كانت الآلهة تصب غضبها عليها. يعتقد نتنياهو وحلفاؤه/ خصومه أن في وسعهم فعل ما شاؤوا، لأنهم يمتلكون أقوى أربع أوراق في اللعبة. أولاها، دونالد ترامب، أكثر رئيس أميركي مؤيد لإسرائيل في التاريخ، مدفوعاً بعشرات الملايين من الإنجيليين خصوصا، فبعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس، سيعترف بضم الجولان السورية إلى إسرائيل، وربما دعم مغامرة إسرائيلية ضد إيران. بالمختصر، لن يرفض ترامب لتل أبيب طلباً. والورقة الثانية هي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الذي قرّر أن يتخلى بشكل صريح عن القضية الفلسطينية للتحالف وواشنطن وتل أبيب ضد إيران. الورقة الثالثة، محمود عباس ويحيى السنوار، الأخوان الفلسطينيان العدوان، غير القادرين على تجاوز الانقسامات بين حركتي فتح وحماس، مؤمّنين بذلك لإسرائيل أفضلية عظيمة. وأخيراً، الورقة الرابعة حروب سورية والعراق واليمن وليبيا، والتي تضع المسألة الفلسطينية في الهامش، بعد أن كانت مركزية.
يعرف نتنياهو وحلفاؤه أن هروبهم إلى الأمام لا يمكن إلا أن يزيد من حدّة عزلة الحكومة الإسرائيلية دولياً، بمرور الوقت، فقد دخلت الدولة الفلسطينية إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) في العام 2011، وإلى الأمم المتحدة في 2012، ومحكمة العقوبات الدولية في 2015. كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرّت في نهاية عام 2017 حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم وبدولة، وذلك بـ176 مع، وسبعٍ ضد (الولايات المتحدة، كندا، إسرائيل، جزر مارشال، ميكرونيزيا، ناورو، بالاو)، وامتنعت أربع دول عن التصويت (كاميرون، هندوراس، توغو، تونغو). في استطلاع عالمي للرأي عن صورة الدول المختلفة، تظهر إسرائيل في ذيل القائمة، مع إيران وكوريا الشمالية وباكستان.
لهذا السبب، تبذل الحكومة الإسرائيلية جهدها لإسكات منتقدي سياستها. وهذا ما يفسر رغبتها في تجريم حركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، والتي اعتبرها نتنياهو "تهديداً استراتيجياً عظيماً"، وهو يحاربهم مع منظمةٍ حصلت أخيرا على 72 مليون دولار. بعد هذه العملية الأولى، تأتي أخرى بدأ العمل عليها قبل سنتين، تسعى إلى منع معاداة الصهيونية، لتشبيهها بمعاداة السامية. مستنداً إلى جملةٍ قصيرةٍ، نطق بها الرئيس الفرنسي لمناسبة ذكرى هجوم فيل ديف، رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، يطالب مثلاً بسن قانون من هذا النوع، انطلاقاً من "تعريفٍ" لمعاداة السامية، وضعته مجموعة ضغط، من التحالف الدولي لتذكر المحرقة.
يطرح هذا كله مشكلة مفردات سياسية طبعاً. لو أن المسار الذي سلكته إسرائيل في السنوات الأخيرة قد سلكته أي دولة أخرى، لاعتبر تحولاً إلى الفاشية. وليست المقارنة حجةً كافية بالطبع. ولكن حتى إن لم يكن تيار الصهيونية التصحيحية الذي أسّسه زئيف جابوتنسكي، والذي ينتمي إليه نتنياهو، يعتبر الفاشية مرجعيةً له، كيف لنا أن ننسى أن بينيتو موسوليني نفسه طالب بتوجه هذا التيار؟ فقد أسرّ الدوتشي إلى دافيد براتو، الذي أصبح حاخام روما الأعظم لاحقاً، في عام 1935 "لكي تنجح الصهيونية، أنتم بحاجة دولة يهودية، لها علم يهودي، ولغة يهودية. الشخص الذي يفهم ذلك جيداً هو رجلكم في الحزب الفاشي، جابوتيسكي" أهي مصادفة؟ بن زيون نتنياهو، والد بنيامين، كان سكرتير جابوتنسكي. هذا الشبل من ذلك الأسد.
(ترجمة مي رستم)
دلالات
دومينيك فيدال
مقالات أخرى
02 أكتوبر 2018