لعل أهم الإنجازات التي أنتجتها اتفاقيات خفض التصعيد في الشمال السوري، وإن لم يكن أهمها على الإطلاق، هو عودة الحراك المدني السلمي إلى تلك المناطق والزخم الكبير للتظاهرات التي تخرج أسبوعياً في كل مدنها وبلداتها، والتي أعادت الثورة السورية إلى مرحلتها السلمية وشعاراتها وأهدافها التي قامت من أجلها، وأثبتت أنها ثورة على كل أنواع الاستبداد والظلم، بما فيه استبداد الفصائل الراديكالية التي تسيطر على جزء من تلك المناطق.
إلا أن الشعار الرئيسي الذي يعتمد أسبوعياً كعنوان للجمعة التي تخرج فيها التظاهرات، تسبب أخيراً ببعض اللغط حول الجهة التي تقف وراء تسمية أيام الجمعة، بعد أن تم اعتماد شعار يوم الجمعة الماضية ضد جهة تمثيلية في المعارضة بعنوان "هيئة المفاوضات لا تمثلنا"، الأمر الذي استدعى رداً من رئيس هيئة التفاوض اتهم فيه من صوّت لصالح هذه التسمية بأنه من أتباع النظام، ورداً من عضو في الهيئة وصف من يضع هذه الشعارات بالغوغائيين. وزاد رد هيئة المفاوضات على هذه التسمية بطريقة استفزازية الشرخ بينها وبين الفعاليات الثورية والمدنية وحتى المتظاهرين، وهي بدل أن تتفهم مطالبهم على أنها نوع من توجيه اللوم وليس التخلي عن الهيئة ذهبت باتجاه التصعيد معهم. ومع هذا فإن تسمية الجمع تتألف من شقين؛ الأول يتعلق بالجهة التي تقترح التسميات، والثاني يتعلق باختيار واحدة من التسميات المطروحة. فبالنسبة للشق الأول هناك ثلاث جهات تختار كل جهة منها تسمية، وهي شبكة الثورة السورية، واتحاد التنسيقيات، وتجمع عدداً من الناشطين والإعلاميين، وتقوم شبكة الثورة السورية بطرح هذه الخيارات الثلاثة للتصويت على صفحتها في "فيسبوك".
وبالنسبة للجهات الثلاث التي تقترح التسميات، فإنها جميعها جهات لا يشك في انتمائها وولائها للثورة السورية، وإن كان من الممكن أن تنقص بعضها الحنكة لدراسة مخاطر وإيجابيات كل مقترح تقترحه. أما فيما يتعلق بالشق الثاني واختيار إحدى التسميات فهو يتم من خلال تصويت عام مفتوح لكل من له حساب على "فيسبوك"، وبالتالي يمكن لأي موالٍ للنظام أو حتى غير سوري أن يشارك في التصويت، الأمر الذي يجعل احتمالية مشاركة النظام من خلال جيشه الإلكتروني أمراً وارداً، في حال رأى أن أحد الخيارات يخدمه أكثر من الخيار الآخر. لذلك فإن عملية اقتراح الشعار من قبل تلك الجهات تتطلب الكثير من المسؤولية، لأنها الأساس في اختيار الشعار الصحيح.