بعد النطق بالحكم على المعارض السياسي الروسي أليكسي نافالني، ثلاث سنوات ونصف مع وقف التنفيذ، واستمرار وضعه تحت الإقامة الجبرية، خرج من المحكمة إلى ساحة "المانيج" في قلب موسكو، داعياً أنصاره إلى التظاهر، فاتخذت سلطات المدينة إجراءات عاجلة لمنع تطور الوضع، وأغلقت المنافذ إلى الساحة وبدأت باعتقال النشطاء.
وأعلنت وكالة "إيتار تاس" الروسية، اليوم الثلاثاء، أن محكمة "زامسكفاريتسكي" الموسكوفية، أصدرت حكمها على الأخوين نافالني بتهمة سرقة أموال شركة "إيف روشيه". ووفقاً للتحقيق، فإن شركة الأخوين نافالني "غلاف بودبيسكا" لخدمات الوساطة، سرقت أثناء إيصال شحنات لشركة مواد التجميل، بين عامي 2008 و2013، ما تتجاوز قيمته 30 مليون روبل (نحو مليون دولار حينها) من مستحقات الشركة. وبالنتيجة حكم على أليكسي نافالني بالسجن ثلاث سنوات ونصف مع وقف التنفيذ، وعلى أخيه أوليغ نافالني بالسجن الفعلي لمدة ثلاث سنوات ونصف. علماً أن هذا الحكم ليس هو الأول على أليكسي. ففي سنة 2013، قبيل ترشيح نفسه لانتخابات عمدة موسكو، تمت إدانته بقضية هدر أموال شركة "كيروفاليس" للأخشاب، وحكم عليه حينها بخمس سنوات سجن مع وقف التنفيذ. واستمرت محاكمته بتهم أخرى. ويشار إلى أن نافالني مقيد الحركة، فهو يخضع لنظام الإقامة الجبرية.
وهكذا، فمع خروجه من قاعة المحكمة دعا نافالني، الجميع للخروج في احتجاجات إلى الشارع. وقد اتخذت قوات الأمن الروسية إجراءات إضافية لضمان الأمن، تلافياً لتوافد أنصار نافالني إلى الساحة وتطور الأمر إلى احتجاجات غاضبة لم تحسب لها سلطات المدينة حساباً من قبل. فقد تم استقدام وحدات شرطة إضافية إلى هناك، وتم تقييد الخروج من محطة مترو "أخوتني رياد" إلى المكان، وقد تم إيقاف نافالني عند مدخل الساحة، ووفقا لوكالة "إيتار تاس" تم اقتياده إلى منزله حيث يخضع للإقامة الجبرية. وأعقب ذلك اعتقالات في صفوف المحتجين الذين لبوا نداءه وتوافدوا إلى الساحة، في حين ارتفعت من مكبرات الصوت نداءات قوات الأمن الصارمة طالبة من الجميع مغادرة المكان دون إبطاء. ووفقاً لإذاعة "صدى موسكو" فأن نافالني، اعتقل في اللحظة التي كان يتحدث فيها إليها. وفي السياق، قال رئيس تحرير إذاعة "صدى موسكو" المعروفة بمعارضتها، أليكسي فينيديكتوف، في لقاء مع إذاعة "كوميرسانت إف إم" إن "نافالني، خطير على بوتين وفريقه. فهو يشبه فلاديمير بوتين في طريقة عمله عام 2003".
يشار هنا إلى أن المعارض أليكسي نافالني، الذي بدأ شهرته السياسية كمدّون وانتشرت شعبيته في أوساط الشباب، كان قد نافس مرشح السلطة سيرغي سابيانين عام 2013 في انتخابات عمدة موسكو ونال 27.24 في المائة من أصوات الناخبين. وقد اتهم أنصاره سلطات موسكو حينها بتزوير نتائج الانتخابات. ووفقاً لمركز "ليفادا" لدراسة الرأي العام، ففي حين قال ستة في المائة من المستطلعة آراؤهم في أبريل/نيسان 2011 إنهم يعرفون من هو نافالني، فإن هذه النسبة ارتفعت إلى 37 في المائة في مارس/آذار 2013. علماً بأن لنافالني شعبية واسعة في أوساط شباب موسكو، ويُعد من معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
واشنطن قلقة
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، مساء اليوم الثلاثاء، أن الحكم الذي أصدره القضاء الروسي ضد المعارض الروسي ألكسي نافالني "تطور مقلق". وأضاف المتحدث باسم الخارجية الأميركية جيفري راثكي، أن "الحكم أثار انزعاج" الولايات المتحدة. وإثر تلاوة سريعة للحكم اعتبرت محكمة موسكو أن نافالني مذنب واعتبر الاتحاد الأوروبي أن الحكم "يحمل دافعاً سياسياً على ما يبدو".