وشهدت البصرة وميسان والقادسية وذي قار وبابل والمثنى وواسط والنجف وكربلاء تظاهرات واسعة في عدد من مدن تلك المحافظات، إلى جانب ولادة مناطق احتجاج جديدة وعودة التظاهرات في مركز مدينة الكوفة أيضاً.
وقال ناشطون إن المتظاهرين أعادوا نصب خيام الاعتصام في ساحة البحرية وسط البصرة، وقرب مبنى الحكومة، وتجمع عقبها آلاف المتظاهرين الذين رددوا شعارات مناوئة للحكومة وإيران.
وفي الناصرية، مركز محافظة ذي قار، التي شهدت إحراق العلم الإيراني للمرة الثالثة خلال هذا اليوم، أجبر المتظاهرون الشرطة على إطلاق سراح العشرات من زملائهم الذين تم اعتقالهم في وقت سابق من صباح اليوم، وذكرت تقارير صحافية عراقية محلية نقلاً عن مصادر أمنية أن آلاف المتظاهرين طوقوا مبنى جهاز مكافحة الشغب، وهددوا باقتحامه في حال لم يتم إطلاق سراح زملائهم، وهو ما رضخت له الشرطة بعد الساعة السادسة من مساء اليوم وجرى اصطحاب المعتقلين المفرج عنهم إلى ساحة الحبوبي وسط المدينة.
وشهدت الكوت والعمارة والديوانية والسماوة والرفاعي والكحلاء وعلي الغربي وبدرة وجصان والصويرة والحلة والمسيب تظاهرات وتجمعات واسعة ما زالت مستمرة حتى الآن.
وفي بغداد، تتواصل التظاهرات ضمن نطاق ساحة التحرير وجسر الجمهورية والمناطق القريبة منهما ضمن الباب الشرقي وشارع السعدون وسط العاصمة، بينما لا تزال خمسة جسور مغلقة على نهر دجلة من قبل قوات الأمن تحسباً من عبور المتظاهرين إلى "المنطقة الخضراء" في جانب الكرخ من بغداد، في حين نجح المتظاهرون في استعادة مواقعهم بساحة الخلاني المجاورة بعد أن سيطرت عليها قوات الأمن الليلة الماضية، إذ عاد المئات من المتظاهرين إليها مجدداً بعد إن أسقطوا الحواجز الإسمنتية التي وضعتها القوات العراقية.
وارتفع عدد ضحايا التظاهرات العراقية منذ انطلاقتها في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، وفقاً لمسؤول طبي عراقي إلى 324 قتيلاً، بينهم ثلاث فتيات، أصغرهم من صار يُعرف بـ"عباس كربلاء"، وهو الفتى عباس فاضل (14 عاماً)، وأكبرهم الحاج ناجي عويد (68 عاماً) الذي قضى اختناقاً في ساحة التحرير ببغداد، كما تشير الإحصائية إلى أن من بين الضحايا طبيبين ومسعف أيضاً، عدا عن أكثر من 15 ألف مصاب غادر ثلثاهم المستشفيات بعد تلقيهم العلاج، وتتصدر بغداد والبصرة وكربلاء وذي قار وميسان قائمة المدن الأكثر ضحايا.
في الأثناء، أصدر المرجع الديني في النجف علي السيستاني، بياناً قال فيه إنه "استقبل قبل ظهر اليوم جينين هينيس بلاسخارت، رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، وفي خلال اللقاء عبّر سماحته عن ألمه الشديد وقلقه البالغ لما يجري في البلاد، وأشار إلى تحذيره المكرر منذ عدة سنوات من مخاطر تفاقم الفساد المالي والإداري وسوء الخدمات العامة وغياب العدالة الاجتماعية، إلا أنه لم يجد آذاناً صاغية لدى المسؤولين لمعالجة ذلك، وقد وصلت الأمور إلى ما نشهده اليوم من أوضاع بالغة الخطورة".
وفي مؤشر قد يُفهم أنه تأييدٌ لدعوات منح حكومة عادل عبد المهدي مهلة لتنفيذ الإصلاحات، نقل البيان عن السيستاني تأكيده على "ضرورة إجراء إصلاحات حقيقية في مدة معقولة، وفي هذا السياق تم الترحيب بمقترحات بعثة الأمم المتحدة المنشورة مؤخراً، مع إبداء القلق من أن لا تكون لدى الجهات المعنية جدية كافية في تنفيذ أي إصلاح حقيقي".
وتابع أن "السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية إذا لم تكن قادرة على إجراء الإصلاحات اللازمة، أو لم تكن تريد ذلك؛ فلا بد من التفكير بسلوك طريق آخر في هذا المجال، إذ إنه لا يمكن أن يستمر الحال على ما كان عليه قبل الاحتجاجات الأخيرة".
وشدد على "ضرورة الكفّ عن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين، ووقف الاعتقال والاختطاف في صفوفهم، ومحاسبة من قاموا بذلك خلافاً للشرع والقانون، كما شدد على رفض التدخل الأجنبي في الشأن العراقي، واتخاذ البلد ساحة لتصفية الحساب بين بعض القوى الدولية والإقليمية".
وفي مؤتمر صحافي جديد عقده ببغداد، اتهم اللواء عبد الكريم خلف، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء العراقي، الإثنين، من سماهم بـ"مجاميع" ضمن المعتصمين في المطعم التركي قرب ساحة التحرير، بصناعة عبوات منفجرة، وذكر خلف أن مجاميع من المتظاهرين ارتكبت أعمال سلب ونهب دون أن يورد أي أدلة على كلامه رغم وجود كاميرات مراقبة في جميع المناطق التي يتواجد بها المتظاهرون.
وأعلن مقتل 4 مدنيين واثنين من عناصر القوات الأمنية بنيران تلك المجاميع خلال هذا اليوم، متهماً من وصفهم بمجاميع في المطعم التركي، بتصنيع عبوات متفجرة، محذراً من أن تلك العبوات قد تؤدي إلى انهيار المطعم التركي، في حال انفجرت داخل المبنى، مقراً بإصدار مذكرات اعتقال "نشرات حمراء، ضد ناشطين يحرضون على العنف"، وفقاً لزعمه، واصفاً المتظاهرين بأنهم "قطاع طرق"، وأن قواته "لن تسمح بقطع الطرق". وعلق على بيان البيت الأبيض، صباح اليوم الاثنين، بأن "الدول تعبر عن مصالحها، والسلطات العراقية تستمع ولا تهتم، لأنها تنفذ المصالح العراقية".