صُدمت الأوساط السودانية أخيراً بحادثة قتل لص أوقفه مواطنون متلبساً بسرقة أحد المنازل بالسودان، وقد عمد نحو عشرين شاباً إلى تعذيبه بعد القبض عليه وحشو مؤخرته بكميات كبيرة من الشطة (الفلفل الحار) فضلاً عن مناطق حساسة أخرى من جسمه.
وفتحت الحادثة جدالاً واسعاً حول تغيّر سلوك المجتمع السوداني وتحوّله إلى العدائية على الرغم من اتسامه بالتصالح والتسامح، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات فيديو تصوّر اللص أثناء تعذيبه وجلده بقسوة.
وأعلنت شرطة ولاية الخرطوم عن وفاة اللص بعد نقله إلى المستشفى، مشيرة إلى تخصيص فريق من الشرطة لمعرفة موقع الحادثة، في محاولة للقبض على الجناة، لا سيّما وأن معلومات متضاربة تشير إلى أنها حدثت داخل الخرطوم.
ودعا ناشطون إلى إطلاق حملة لمواجهة ما حصل باعتباره دخيلاً على المجمتع السوداني، المعروف بأنه مسالم. وحاول البعض تحميل المسؤولية للحكومة في الخرطوم باعتبار أن سياساتها ساهمت في خلخلة المجتمع السوداني وتغيير سلوكيات كثيرة فيه، نتيجة تأثير الأوضاع السياسية في البلاد، مروراً بالأوضاع الاقتصادية ذات الارتباط الوثيق بالقضايا الاجتماعية.
يرى محمد وهو موظف، أن "الحكومة بسياساتها، حوّلت المواطن إلى جلاّد وجعلته مهووساً في تطبيق قانون الغاب". أما عبدالله وهو موظف أيضاً، فيقول إن "الحادثة كشفت عن العنصرية التي انحدر إليها المجتمع السوداني"، في إشارة إلى تحدّر اللص من مناطق غرب البلاد.
ولم تكن تلك الحادثة الأولى التي يُقتل فيها لصوص على أيدي المواطنين، فثمة مناطق في السودان عُرف عن أهاليها تطبيق قانون الغاب مع اللصوص عموماً، ليكونوا عبرة لغيرهم. ويعمد بعضهم إلى رميهم في البحر. وقد سبق أن دوّنت في محاضر الشرطة بلاغات بقتل لصوص على أيدي مواطنين، بعضها بالرصاص الحي.
في هذا السياق، يرى الخبير في مجال حقوق الإنسان نبيل أديب أن الحادثة "تمثل جريمة تتطلب القصاص". ويوضح أن ما حصل مع اللص هو "انتهاك جنسي واغتصاب". من جهتها، تشير الخبيرة الاجتماعية سامية محمد إلى أن "الظروف التي مرّ بها المجتمع السوداني خلال الأعوام الخمسة والعشرين الأخيرة، ساهمت في تحويله من مجتمع مسالم ومتسامح إلى آخر يميل الي العنف". وإذ رأت أن ذلك "نتاج طبيعي لظروف الحرب"، أوضحت أن لهذه الظاهرة آثاراً مدمّرة إذ إنّ العنف يؤثر سلباً على القيم والأخلاق والسلوك الطبيعي للمجتمع.
اقرأ أيضاً: "كشف" في أفراح السودان وأحزانها