ويعتبر هذا المشروع واحداً من المشاريع "العملاقة" التي أطلقها أردوغان عند استلامه سدة الحكم في 2002، مثل المطار الثالث الذي انتهى تنفيذ 80% منه، ويفترض أن يكون من أكبر المطارات في العالم، ومن المقرر افتتاحه رسميا في 29 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
بدايات المشروع
في 2011، أعلن أردوغان عندما كان رئيساً للوزراء عن المشروع الذي "سيعزز مكانة تركيا في مجال المعابر المائية"، ويربط بحر مرمرة بالبحر الأسود في الشق الأوروبي من إسطنبول.
بدأت أعمال التنقيب في مسار المشروع في أغسطس/ آب 2017، ومن المفترض أن يتم افتتاحه في العام 2023 مع الاحتفالات بمئوية الجمهورية التركية، وتتعاون وزارة النقل والملاحة البحرية مع عدد كبير من المؤسسات أبرزها، وزارات البيئة وشؤون الغابات والمياه والأغذية والزراعة والثروة الحيوانية، والطاقة والموارد الطبيعية، إلى جانب بلدية إسطنبول، وإدارة الإسكان الجماعي "توكي" التابعة لرئاسة الوزراء التركية، كما استعانت وزارة النقل خلال تعيين مسار القناة بعدد كبير من الخبراء الأتراك والدوليين.
مسار القناة
كشف وزير النقل والاتصالات والملاحة البحرية التركي أحمد أرسلان في يناير/ كانون الثاني الماضي المسار الذي ستشق القناة على أساسه.
وأكد في تصريح صحافي، أن بعد تقييم جميع الدراسات الجيولوجية ومخاطر الزلازل بالتعاون مع الجامعات التركية والخبراء الدوليين تم تحديد المسار البديل الرابع المار من مناطق "كجك شكمجة"، و"صازلي دره"، و"دوروسو".
وأشار إلى أن طول القناة سيبلغ 45 كيلومترا، وسيبدأ مسارها من بحيرة "كوتشوك تشكمجه" في إسطنبول إلى بحر مرمرة، وتستمر شمالا عبر سد "سازلي دره"، ومن ثم تصل للبحر الأسود شرق سد "تيرطوس" في قرية "دوروسو" بمنطقة "تشاتالجا" بإسطنبول.
أسباب حفر القناة
اعتبر أرسلان أن السبب الرئيس لحفر القناة هو تخفيف الضغط عن مضيق البوسفور الذي يربط طبيعياً البحر الأسود وبحر مرمرة، بخاصة السفن التي تنقل المواد الخطيرة والبترول.
وبحسب وكالة "رويترز"، استقبل مضيق البوسفور أكثر من 42 ألف سفينة في عام 2016، ويعتبر من أكثر الممرات المائية ازدحاما حول العالم، وهو المنفذ البحري الوحيد للمحيطات بالنسبة إلى بلغاريا ورومانيا وأوكرانيا وجورجيا وموانئ روسيا على البحر الأسود.
لكن هذا السبب على رغم أهميته لا يعتبر الوحيد، إذ يلوح سبب آخر في الأفق قد يكون أكثر أهمية. فعند اكتمال القناة وافتتاحها، ستتمكن تركيا من تعويض الأموال التي حُرمت منها جراء اتفاقية "مونترو" التي دخلت حيز التنفيذ في نوفمبر/ تشرين الثاني 1936، بهدف تنظيم حركة المرور عبر مضائق البحر الأسود للسفن التجارية.
وحرمت هذه الاتفاقية تركيا من الحصول على 10 مليارات دولار سنوياً، بفعل تسعيرة المرور المخفضة عن السفن التي تعبر مضيق البوسفور.
ولن تدخل القناة الجديدة عند افتتاحها في الاتفاقية سابقة الذكر، ما يعني أن بإمكان تركيا زيادة الرسوم التي تحصل عليها جراء مرور السفن في المضائق التي تسيطر عليها، أو على الأقل المفاوضة على شروط جديدة للرسوم المفروضة على السفن المارة في المضيقين.
الكلفة والأرباح
من المتوقع أن تصل كلفة بناء هذه القناة إلى نحو 65 مليار ليرة تركية (نحو 16 مليار دولار)، ومن المقدر أن تدر نحو 8 مليارات دولار سنوياً عند افتتاحها.
وبحسب إحصاءات رسمية، من المقرر أن تمر في المتوسط 137 سفينة شحن، و27 ناقلة يوميا على متنها حمولات تجارية يصل وزنها إلى 150 مليون طن ستعبر القناة، فضلا عن إنشاء ثلاث جزر من حفريات قناة إسطنبول الجديدة التي يقدر حجمها بـ2.7 مليار متر مكعب.
وبدأ التغير الاقتصادي بالظهور حتى قبل انتهاء شق القناة، إذ أورد موقع "ساهيبيندين" التركي الرائد في مجال التجارة الإلكترونية في يونيو/ حزيران 2017، أن المدن والقرى التي تم ذكرها في مشروع القناة، من أكثر المناطق الواعدة في إسطنبول من جهة العقارات. ووصل الارتفاع في أسعار المتر المربع في هذه المناطق إلى 56%.
وتقول وسائل إعلام تركية إن المشروع سيجذب استثمارات داخلية وأجنبية لمشاريع البنى التحتية والإنشاءات على شاطئي مرمرة والبحر الأسود، كما سيزيد من الكثافة السكانية في المنطقة.
وعند اكتمال شق القناة، ستتكون جزيرة جديدة في الجانب الأوروبي من إسطنبول، يحدها البحر الأسود شمالا وبحر مرمرة جنوبا ومضيق البوسفور شرقا والقناة الموازية الجديدة غربا.
كما سيقلل افتتاح القناة المائية من الازدحام والتلوث والضوضاء في مضيق البوسفور، وسيعزز في مقابل ذلك الاستفادة من المضيق في الأنشطة السياحية والرياضات المائية، نظرا إلى موقعه السياحي في قلب المنطقة التاريخية لمدينة إسطنبول.