تترنّح مؤشرات الاقتصاد السوداني على وقع الاضطرابات السياسية الحادّة، التي يشهدها هذا البلد في مرحلة انتقالية تبدو عسيرة، فيما تتباين التوقعات وفقاً لأحدث تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي لناحية النموّ والتضخم والحساب الجاري والبطالة.
بيانات الصندوق الواردة في تقرير "آفاق النموّ العالمي"، أوردت أن نموّ الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد السودان انكمش -2.1% عام 2018، وهو مرشح ليتفاقم إلى -2.3% سنة 2019، على أن يسجّل بعض التحسّن لكن ضمن دائرة الانكماش أيضاً بنسبة -1.3% عام 2020.
أما التضخم (أسعار المستهلكين) فقد بلغ، بحسب التقرير إيّاه، 64.3% عام 2018، ومن المتوقع أن ينخفض قليلاً إلى 49.6% عام 2019، على أن يعاود صعوده السنة المقبلة إلى 58.1%.
بالنسبة لميزان الحساب الجاري، يشير التقرير إلى أن السودان أصابه عجز بلغت نسبته -11.5% عام 2018، فيما من المرجّح أن تنخفض النسبة إلى -9.9% عام 2019، وأن تستقر تقريباً عند -10% عام 2020.
ووفقاً للتقرير الصادر قبل يومين، يحتلّ السودان ذيل قائمة أسوأ توقعات النموّ الاقتصادي بين اقتصادات العرب لسنة 2019، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، بينما يتصدّرها في التضخّم المرتقب، وتتقدّم الكويت على الجميع في ميزان الحساب الجاري، تليها الإمارات وقطر والسعودية.
في غضون ذلك، لا تزال العملة الوطنية قابعة في دائرة الضعف حيال العملة الأميركية، إذ وصل سعر شراء الدولار إلى 92 جنيهاً عبر الشيكات، فيما يسجل سعر الشراء نقداً 73 جنيهاً، ويبلغ سعر الدولار الرسمي في المصارف التجارية 47.5 جنيهاً.
وفي مؤشر آخر، كشف محافظ البنك المركزي حسين يحيي جنقول يوم الثلاثاء، أن مجموع احتياطي النقد الأجنبي بنهاية 2018 بلغ 1.44 مليار دولار، وأعلن ارتفاع الدين الخارجي بنهاية العام الماضي إلى نحو 50 مليار دولار، بزيادة 3% عن نهاية عام 2017، عازياً سبب الارتفاع إلى زيادة متأخرات الفوائد البالغة 30.3 مليار دولار، التي تمثل 61% من إجمالي الدين.
وقال المحافظ أمام المجلس الوطني (البرلمان) حول موقف السيولة، إن جملة الأوراق النقدية التي تم إصدارها منذ مطلع العام المنصرم 2018، وحتى نهاية مارس/ آذار الماضي بلغت نحو 34.3 مليار جنيه. كما تمّت طباعة نحو 47.7 مليار جنيه عام 2018، وهو ما يفوق مجموع المطبوع خلال العامين السابقين.
وازدادت الودائع المصرفية إلى 190 مليار جنيه في العام الماضي، مقارنة بـ125 عام 2017، فيما وصل متوسط معدل التضخم بنهاية عام 2018 إلى 62.3%، مقارنة بالمستهدف في السياسة النقدية 19.5%، لزيادة نموّ عرض النقود إلى 111.8% بنهاية العام الماضي مقارنة بالمستهدف 18%، وزيادة تمويل عجز الموازنة من المركزي عبر الاستدانة المؤقتة.
وازداد العجز الكلي في ميزان المدفوعات، من 12.8 مليون دولار في 2017 إلى 25.2 مليون دولار العام الماضي، بسبب ارتفاع العجز في الحساب الجاري من 4.6 مليارات دولار عام 2017 إلى 4.7 مليارات دولار العام الماضي.
وبحلول مطلع الشهر الجاري، كان نحو 98% من الأوراق النقدية قد أصبحت خارج النظام المصرفي، ما أدى إلى تعطيل المصارف عن أداء مهامها. إلى أن أصدر الرئيس المعزول عمر البشير في 21 مارس/ آذار، أمر طوارئ يحظر "تخزين العملة الوطنية والمضاربة فيها"، بحيث إن الأفراد لن يُسمح لهم بالاحتفاظ بأكثر من مليون جنيه سوداني (21 ألف دولار) خارج النظام المصرفي.
كما حظر الأمر على الشخصيات الاعتبارية "تخزين أو حيازة عملة وطنية لا تتناسب مع حجم نشاطها"، وبحد أقصى 5 ملايين جنيه، وفقاً لما أوردت وكالة "رويترز".
ارتفاع أسعار السلع الضرورية والدواء
وتستمر الأسعار في الأسواق التجارية بالجموح. ووفقاً لأرقام هذا الأسبوع، حصلت زيادات حادّة في أسعار السلع الاستهلاكية الضرورية، بخاصة السكر الذي قفز سعره من 1400 إلى 1860 جنيهاً لجوال زنته 50 كيلوغراماً. أما عبوة الـ10 كيلوغرامات فقفز سعرها إلى 350-320 جنيهاً بدلاً من 300 جنيه، كما ارتفع سعر العدس من 75 إلى 80 جنيهاً، والأرزّ من 60 إلى 70 جنيهاً، والزيوت إلى 1550 جنيهاً للعبوة زنة 36 لتراً.
وفي القطاع الصحّي، يُنتج السودان 30% من حاجاته الدوائية محلياً، فيما يكلف استيراد المتبقي في المتوسط 600 مليون دولار سنوياً.